الاطمئنان في رحاب رمضان .. (1) رحاب الإرادة القوية

الرئيسية » خواطر تربوية » الاطمئنان في رحاب رمضان .. (1) رحاب الإرادة القوية
القرآن الكريم 14

إنها رحاب الإرادة القوية، إن الصوم من أهم الوسائل التي تتحقق فيها الإرادة وتقوى.. وما أشد حاجتنا، وحاجة أمتنا وإسلامنا إلى أصحاب الإرادات القوية.. الذين لا تسترقهم الشهوات، ولا تستعبدهم الملذات، ولا تقعدهم الأعذار، أو تبعدهم التهديدات..

وفي هذا الإطار يأتي قول الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- حين خاطب الشباب: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
لأن في الصوم حدّاً من طغيان الجسم على الروح، والمادية على الإنسانية، والعبودية على الحرية.. لهذا كان الترغيب بالجوع.. لأنه السلاح الذي يهزم فيه الشيطان.. الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم..

وفي هذا الصدد يقول الدكتور يوسف القرضاوي- حفظه الله-: "الصوم تقوية للإرادة، وتربية على الصبر، فالصائم يجوع وأمامه شهي الغذاء، ويعطش وبين يديه بارد الماء، ويعف وبجانبه زوجته، لا رقيب عليه في ذلك إلا ربه، ولا سلطان إلا ضميره، ولا يسنده إلا إرادته القوية الواعية، يتكرر ذلك نحو خمس عشرة ساعة، أو أكثر في كل يوم، وتسعة وعشرين يوماً، أو ثلاثين في كل عام، فأي مدرسة تقوم بتربية الإرادة الإنسانية، وتعليم الصبر الجميل، كمدرسة الصيام التي يفتحها الإسلام إجبارياً، للمسلمين في رمضان، وتطوعاً في غير رمضان".

رحاب الإرادة تهتف بجموع السائرين، المسجونين في سجن الأماني، القابعين في قعر بئر الغفلة: "يا من عمره يُقدُّ بالساعات ويُعدُّ بالأنفاس.. يا خلَّ الأمل خَلِّ أحاديث الوسواس، يا طويل الرقاد إلى كم ذا النعاس، قد بقي القليل لا ريب، وهذا الشيب يقلع الأغراس، إن في المقابر عبراً وما أدراك ما الأدراس؟! تالله لو سكن اليقين القلب لضربت أخماسا في أسداس، هل تجد لماضي العمر لذة، والباقي على القياس؟! ماذا التهول في البوار، وجر الأذيال في الخسار، كأنك لم تسمع بجنة ولا نار، لهيب حرصك ما يُطفى، وشر شرهك ما يخفى، أترى هذا على ماذا.. ؟!".

"قيل لراهب: ما الذي حبب إليك الخلوة، وطرد عنك الفترة؟ قال: وثبة الأكياس من فخ الدنيا..

وقيل لآخر: لم تخليت عن الدنيا؟ فقال: خوفاً والله من الآخرة أن تتخلى عني.

من غرس في نفسه شرف الهمة فنبت، نبت (ابتعدت) عن الأقذار، ومن استقر ركن عزيمته وثبت وثبت (ابتعدت) نفسه عن الأكدار..".
"سار القوم ووصلوا وانقطعت، وذهبوا وبقيت، فإن لم تلحقهم شقيت.. يا من كلما استقام عثر، يا من كلما تقرب أبعد، استسلم مع الحرية، واستروح إلى دوام البكاء، وصح بصوت القلق، على باب دار الأسف..
يا هذا من اجتهد وجَدَّ وجد، وليس من سهر كمن رقد، والفضائل تحتاج إلى وثبة أسد...".

معلومات الموضوع

الوسوم

  • الصيام
  • رمضان
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    كيف يكون التسليم الصحيح لله تعالى، بين الإيمان والتخاذل؟

    إن التسليم لله تعالى لا يدعو أبدًا للتخاذل والإخلاد للأرض، بل هو الباعث على القوة …