يبدو أن الإسرائيليين لا يكتفون بالمجازر اليومية بحق سكان قطاع غزة، بل طال استهدافهم للفلسطينيين "لقمة عيشهم"، وبكل الأساليب الممكنة، ولعل أكثر هذه الأساليب جدوى وتأثيراً في هذا الوقت هو العالم الافتراضي والذي تمثله صفحات التواصل الاجتماعي، حيث جندوا (الإسرائيليون) هذه الصفحات للدعوة لطرد العمال والموظفين والطلاب الفلسطينيين، و"فضح" تضامنهم مع إخوانهم شهداء غزة!
ومن أشهر وأول هذه الدعوات، كانت عبر صفحة باسم "طرد الخونة" التي انشئت على موقع "فيسبوك"، وتدعو لطرد الفلسطينيين الذين يعملون ويقيمون في "إسرائيل"، وتقوم بنشر صورهم للتعريف بهم.
كما قامت الصفحة بنشر أفكار "خاصة" شاركها فلسطينيون على "فيسبوك" مع أصدقائهم عبروا فيها عن تضامنهم مع أهل قطاع غزة.
وقد جذبت هذه الصفحة "الصهيونية" أكثر من 1800 معجب في فترة قصيرة.
هذا وتم حذف الصفحة بعد العديد من المحاولات وإرسال الإشعارات إلى إدارة فيسبوك والمطالبة بحذفها. في بادئ الأمر رفضت إدارة "فيسبوك" حذفها، إلا أنها عاودت حذفها بعد فترة.
وكانت الطالبة المقدسية في كلية "هداسا" رجاء العموري إحدى ضحايا العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في العالم الافتراضي، فقد فصلت من الكلية ومنعت من دخولها بتاتا، ورفعت عليها قضية عند الشرطة وذلك بسبب تعليقها على صورة جندي إسرائيلي مصاب، بصفحتها الخاصة على "فيسبوك" وتعبيرها عن التضامن مع قطاع غزة ورفضها للعدوان عليه، كما تلقت تهديدات شديدة اللهجة من زملائها اليهود.
وحول الموضوع، قال الباحث والناشط ضد "فصل عاملين وفلسطينيين بسبب آرائهم" علي مواسي إنه "رسميًّا، غير معلوم حتى الآن عدد الموظفين أو الطلاب العرب في الداخل الفلسطيني والقدس الذين اتخذت بحقهم إجراءات عقابية على خلفية موقفهم من العدوان على غزة، وهناك جهات حقوقية وسياسية تعمل الآن على رصد جميع الحالات المتعلقة، لكننا نتحدث عن عشرات الحالات، من موظفين أو طلاب فُصلوا، أو جمدت أعمالهم ودراستهم مؤقتًا، أو استُدعوا لما يسمى بجلسات الاستماع، وهي جلسات تحقيق داخل المؤسسات التي يعملون أو يتعلمون فيها، ودعوات لمقاطعة مصالح تجارية وشركات عربية، بل حتى يهودية توظف عربا، وأشكال أخرى من التضييقات، مثل التحذير والتهديد.
وأضاف قائلا: "نحن نتحدث عن حالة تتضمن أعدادا غير مسبوقة، موجة تتصاعد، وهي على ما يبدو امتداد إلكتروني للاعتداءات الفعلية على الأرض الذي شهدناها ضد الفلسطينيين في الداخل من شتم، أو ضرب، أو محاصرة عمال في محلات ومطاعم، ودون ذلك".
ويتابع قوله: "يلتقي هذا النمط من العقاب الجماعي مع التصريحات والإجراءات الرسمية الإسرائيلية، فهناك رؤساء بلديات إسرائيليون قاموا بمثل هذه الخطوات، وبالتالي أعطوا شرعية للمواطنين العاديين الإسرائيليين للتصرف كما يحلو لهم ضد المواطن العربي". وأشار إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، دعا إلى مقاطعة كل من استجاب لإعلان الإضراب الذي دعت له اللجنة العليا لمتابعة شؤون العرب في الداخل يوم الاثنين الماضي".
وأردف مواسي قائلا: "إلكترونيًّا، هناك صفحات إسرائيلية كثيرة، تعمل على التشهير بكل عربي يكتب رأيًا معارضًا للعدوان على غزة، ومتهمًا الجانب الإسرائيلي بأنه يقوم بجرائم حرب، أو مبديًا سعادته لإنجازات المقاومة الفلسطينية. يصورون صفحته وينشرونها ويبدأون بالتحريض عليه والمطالبة بفصله من عمله أو تعليمه. بل إن زملاء ومدراء يهود قاموا فعليًّا، وكما نشر رسميًّا، بمراقبة صفحات موظفين عرب ومعاقبتهم".
وأكد مواسي أن الهبة في الداخل الفلسطيني لجمت العنصرية الإسرائيلية، وأوقفت اعتداءات المستوطنين والعصابات المعتدية، فانتقلوا على ما يبدو إلى الفضاء الإلكتروني، ليشنوا معركتهم على كل فلسطيني يجدونه لقمة سائغة.
ونوه إلى أن "جامعة بار إيلان سمحت لـ 30 طالبًا من طلابها بتغيير مساق دراسي، لأن مدرّسه يساريّ وينتقد العدوان على غزة، لك أن تتخيل كيف يكون التعامل مع العربي".
من جهته، أكد المحامي الاسرائيلي "آشير سيلع"، وهو خبير في قضايا العمل في إفادات لموقع "بكرة" الإخباري، أن التهديدات الموجهة إلى العمال والموظفين العرب بفصلهم من أعمالهم على خلفية آرائهم المناهضة للحرب على غزة – بأنها – إما غير مبّررة ولا تستند إلى أسس قانونية وقضائية، أو أنها محفوفة بالتعقيدات والإشكاليات – على حد تقييمه.