رمضان شهر النصر والعزة والتحرير

الرئيسية » بصائر تربوية » رمضان شهر النصر والعزة والتحرير
3-13-558x390

الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، محمد بن عبد الله، الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم ووالاهم واقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين.

أيها الإخوة والأخوات..

ما زلنا نتفيأ ظلال هذا الشهر الفضيل، وننعم بما فيه من البركة والخير، ففيه ازدادت نفوس المؤمنين إيماناً وهدىً، وعبادة وتقرباً، وفيه أقبل المخلصون على القرآن ينهلون من معينه الذي لا ينضب، وفيه تستنزل الرحمات وتغفر الزلات، وخلاله تكثر صلة الرحم والصدقات، فأنعم به من شهر، وأكرم به من ضيف.

ورمضاننا هذا ليس كأي رمضان، كيف لا وأبطال القسام وغيرهم من أبطال الفصائل الفلسطينية، يسطّرون للأمة مجدها، ويحيون فيها أملها بالعودة والتحرير، ويذيقون قتلة الأنبياء أقسى أنواع الأذى والألم، فكانوا نعم الرجال، جمعوا بين عبادة الله والدفاع عن دينه ومقدساته، فلله درّهم، قد أرعبوا عدونا، وثأروا لدماء شعبنا، ودافعوا عنه بكل طاقتهم.

إن رمضان ليس شهر عبادة وطاعة فحسب، فهو شهر الانتصارات، انتصار المسلمين في بدر، وفتحهم لمكة، وانتصارهم في القادسية، وفتحهم لعمورية، وانتصارهم المدوي في عين جالوت وغيرها من الملاحم التاريخية. لذا فهو شهر لا تتغير فيه النفوس فحسب، بل تتغير فيه الأمم، وترتقي وتنهض، سائرة نحو ما يرضي ربها، ويعلي شأنها، ويحفظ دعوتها، ولهذا حق لمن ينصر الله في نفسه ومجتمعه أن ينصره الله تعالى على عدوه، قال عز وجل: {ولينصرن الله من ينصره إن الله قوي عزيز} [الحج:40]، وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} [محمد:7].

الإيمان مفتاح النصر ..

أيها المرابطون في كافة الساحات والميادين..

إن الإيمان القوي، واليقين الصادق، والتوكل الحقيقي، هو سبب الفوز بمرضاة الله، ومفتاح النصر والعزة، والحرية والعودة، فلا انتصار ولا عزة إلا من عند الله. ولهذا حق علينا أن نستغل رمضاننا هذا بتقوية علاقتنا مع الله، وبمعالجة مظاهر الخلل في نفوسنا ومجتمعاتنا، وتذكروا أن كل مظاهر التوفيق والنصر في حرب إخواننا ضد العدو الصهيوني هو من فضل الله علينا وكرمه، قال تعالى: {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم} [الأنفال:17].

ولهذا، فلنكثر من لجوئنا إليه عزوجل، تماماً كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كان يلتجئ إلى الله طالباً منه النصر والتأييد، فأمده الله بالملائكة في بدر، وأيده بالريح في الخندق، ونصره بالرعب في تبوك، رغم قلة عددهم وعتادهم في غالبية الغزوات. وتذكروا أن التوكل المطلق على الله تعالى، مع حسن التخطيط والإعداد، كفيل بإزالة الفوارق المادية بيننا وبين عدونا، وبالتالي نيل النصر من الله عزو جل.

فلسطين نبض الأمة

إن ما يجري في فلسطين المحتلة حالياً، يؤكد على أن الشعب الفلسطيني هو شعب حيّ، لا يمكن أن ينسى قضيته رغم كل المؤامرات التي تحاك ضده، فهو شعب يرفض الظلم والضيم، والمهانة والمذلة، ويعلّم العالم أجمع كيف يكون الصمود في وجه ترسانة العدو وجبروته وهمجيته.

إن الدماء التي سالت وما زالت تسيل في غزة يومياً، هي زاد للمسير نحو تحرير القدس، فهنيئاً لمن جمع بين الصيام والشهادة، ولا يمكن أن تضيع قضية قدّم أهلها من التضحيات مثل ما قدم شعبنا البطل، وفي الوقت نفسه فإن ما يجري على أرض غزة، من إزهاق لأرواح أهلها، وتدمير لبيوتها، هو امتحان حقيقي، يتميز فيه الصادقون، ويفشل فيه المنبطحون والمنافقون، قال الله تعالى {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين} [آل عمران139-140].

يقول سيد قطب رحمه الله في تفسيره للآية السابقة: "هو تعبير عجيب عن معنى عميق، إن الشهداء لمختارون، يختارهم الله من بين المجاهدين، ويتخذهم لنفسه سبحانه، فما هي رزية إذن ولا خسارة أن يستشهد في سبيل الله من يستشهد، إنما هو اختيار وانتقاء، وتكريم واختصاص، إن هؤلاء هم الذين اختصهم الله ورزقهم الشهادة، ليستخلصهم لنفسه سبحانه ويخصهم بقربه".

إن عمليات المقاومة البطولية ضد الاحتلال الصهيوني أثبتت مدى هشاشة دولة الاحتلال وضعفها، وأصبح حلم تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرهاأقرب من أي وقت. فلنشد من عزمنا وهمتنا في العمل الدؤوب، ففلسطين اليوم تحتاج إلى جهد كل منا في ميدانه وساحته، ولنعمل على دعم قضيتنا العادلة بكل ما نملك، ولنتمسك بثوابت قضيتنا، ولا نفرط بأي شبر من أرض الوطن، مهما كانت التكاليف والتضحيات.

ختاماً.. نسأل الله عزوجل أن يتقبل شهداءنا، ويشفي جرحانا ومرضانا، ويفك قيد أسرانا، وأن يثبت إخواننا المجاهدين ويؤيدهم بتأييده، ويجعلنا جنوداً فاتحين محررين للمسجد الأقصى وكل فلسطين، إنه سميع مجيب.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …