طوال سنين عديدة وكتائب القسام تطور من أنفاقها وتعد العدة ليوم المواجهة المرتقب. حتى إذا كشرت الحرب عن أنيابها وحمي الوطيس وتحزبت الأحزاب وجاؤوا غزة من فوقها ومن أسفل منها وعربد نتن ياهو وفرك السيسي وشيء من العربان أكفهم فرحاً وغبطة باقتراب الحلم الذي خططوا له جميعاً ألا وهو استئصال شأفة المقاومة وإبادة حركة حماس.. أطاحت صواريخ المجاهدين وأنفاقهم و"غولهم" و"أبابيلهم" بأحلامهم الآثمة وتحول الصراع الجاري إلى كابوس ثقيل وجمرة لهب يحاول كل طرف منهم أن يلقيها على الآخر..
الأنظار كلها معلقة بالقاهرة لأن الذي دعمه الكيان الصهيوني وساندته أمريكا ومولته دول الخليج مطالب اليوم بدفع شيء من الفاتورة باهظة الثمن التي دفعت له مقابل الإطاحة بأول رئيس شرعي منتخب لمصر، والتغطية على قتل الآلاف واعتقال مئات الآلاف وتكميم الأفواه والعودة بمصر إلى مجاهيل الفرعونية الغابرة.. هو الآن يحاور ويناور من أجل فرض مبادرته التي بزت مبادرة وزير الخارجية الأمريكي كيري بصهينتها فارتضاها اليهود حين رفضوا مقترحات كيري لفرض التهدئة!!
لم يكن مستغرباً أن يعلن الكيان الصهيوني إبقاء وفده المفاوض في تل أبيب وعدم إرساله لمتابعة ما يجري في القاهرة فالوسيط المصري يقوم بأكثر مما يريده بني صهيون ويمارس بلطجة سياسية لا يتقنها حتى دهاقنة يهود!!
وإزاء تلك الحالة من تقطيع الوقت وحرب الاستنزاف التي تخوضها المقاومة مع الأحزاب مجتمعة، فإننا بحاجة إلى مصارحة ومكاشفة القيادة السياسية لحركة حماس بضرورة استخدام أنفاق سياسية على غرار أنفاق الحركة العسكرية تفاجئ بها الخصم وتبغته في عقر داره.. فالمتوقع في مقبل الأيام أن تتحول جولات المفاوضات في القاهرة إلى فخ يتم تثبيت مفاوضي المقاومة في قرص الرماية واستهدافهم بكل صواريخ الحقد والإذلال والمهانة من سفهاء الانقلاب الدموي المجرم وما أكثرهم..
على الحركة أن تبادر إلى الالتفاف على ذلك الوسيط المزعوم وسحب البساط من تحت أقدامه وإيقاف المهزلة التي تمارس بحق شعبنا ومقاومتنا والتي تهدف إلى تحويل الانتصار العسكري الذي أنجزته المقاومة إلى هزيمة سياسية نكراء تضيع كل المكتسبات وتهدر كل التضحيات التي قدمها شعبنا بسخاء.
على الحركة أن تستخدم أنفاقاً سياسية شقتها مسبقاً مع دول فاعلة يمكن أن تتولى بنزاهة ملف التفاوض على التهدئة للوصول إلى تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني العادلة التي تشمل وقف العدوان وفك الحصار كلياً وإعادة الإعمار وإنشاء مطار جوي وميناء بحري يكفلان عدم الوقوع مجدداً تحت رحمة جار السوء البغيض.
على الحركة أن تستفيد من الحراك الشعبي الضاغط على دول أوروبا لتوظيف ذلك سياسياً في اتجاه لجم آلة الدمار الصهيونية وتفكيك الحلف الدموي القائم لإبادة وتدمير غزة.
على الحركة أن ترفع من سقف مطالبها للدول كافة وللدول المؤازرة بشكل خاص كي يكون الحراك على مستوى الحدث والتحدي سواء كان ذلك على المستوى الإنساني الإغاثي أو على مستوى الحراك السياسي.
عليها أن تحسن توظيف الجانب القانوني لمحاصرة مجرمي الحرب كي لا يفلتوا من العقاب، وليبقوا في دائرة الاستهداف القضائي، إضافة إلى إعادة تصنيف كيانهم من دولة فوق القانون إلى كيان يمارس إرهاب الدولة وإجرامها وغطرستها.
على الحركة أن تقترح بدائل لذلك الوسيط وتعمل على توفيره من خلال علاقاتها السرية أو علاقات حلفائها والمتعاطفين مع قضيتها أو أولئك الذين أظهروا مواقف جديدة بعد أن صدمتهم بشاعة الجرائم التي ارتكبها من يدعي أنه ضحية التمييز العنصري واللاسامية والهولوكوست فإذ به يمارس ما هو أشد وأقبح وأسوأ منها تجاه من لم يرتكبوا بحقه أي أذى على مدار التاريخ.
سيكون ذلك صعباً ومعقداً وشديداً وستعاني الحركة من مواجهة شديدة ينبعث معها غبار ودخان شديدين قد يجعلا الرؤية صعبة على بعض المحللين والمراقبين. غير أن المتمسك بحقه، الواثق بربه، المطمئن إلى معيته، المتوكل عليه وحده، لن تختلط عليه الأمور ولن يثنيه عجاج الطريق عن مواصلة الجهاد سياسياً جنباً إلى جنب مع إخوانه الرابضين في جبهات القتال حتى تحقيق تطلعات شعبنا بتحرير فلسطين وتطهير المسجد الأقصى من دنس المحتلين.