فئة الشباب وانتشار الفساد .. أرقام ينبغي التوقف عندها

الرئيسية » بصائر من واقعنا » فئة الشباب وانتشار الفساد .. أرقام ينبغي التوقف عندها
انحراف الشباب

قال الله تعالى: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما} [الأعراف27].
وقبل ذلك كان الله قد أعد مكانة في الجنة لآدم عليه السلام تضمن له حياة كريمة في الجنة خالية من الجوع ومن العري: {إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى} [طه118].

لعل أحد أبرز وأهم أهداف الشيطان في غواية البشر هو تعريتهم، وكسر حاجز الحياء عند البشر، وأن ينظر بعضهم لبعض عياناً، وأن يرى كل منهم عورة الآخر والتي قد سماها الله عز وجل سوءة:{فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما} ليصل بعد ذلك إلى الزنا، لما يترتب عليه من مفاسد ومصائب، ومن بلاء وعقوبة، ومن استباحة كل ممنوع بعد ذلك لأن ما بعد ترك الحياء من حسن خلق؛ وإن القرآن الكريم لم يسمِّ أي ذنب بالفاحشة إلا الزنا والشذوذ.

ولذلك يقول الله تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [النور19].
وقال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: "ولا أعلم بعد قتل النفس ذنبًا أعظم من الزنا"، وقال المنذري - رحمه الله: "صح أن مدمن الخمر إذا مات لقي الله كعابد وثن، ولا شك أن الزنا أشد، وأعظم من شرب الخمر".
والله أمرنا بالبعد عن الزنا بل وعن ما يقرب إليه {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء32].
بل وأمرنا بغض البصر عن كل محرم {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}، ونهى النساء عن فتنة الرجال {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}.

ولما كان هناك أعوان للشيطان من شياطين الإنس وتجار البشر وعديمي الضمير والأخلاق والإنسانية كانت المهمة أسهل والأفكار أكثر وأكبر والوسائل والأساليب متنوعة ومغرية؛ فلقد حرص اليوم كثير من تجار المواقع الالكترونية وتجار الجسد على نشر الثقافة الإباحية القبيحة التي لم تكن يوما في الأرض، وإن مثل هذه المواقع الإباحية لهي أشد خطراً على الشباب والفتيات؛ لأنها بداية طريق الانحراف، وبداية الانسلاخ من آخر معاقل الحياء والعفة، وبداية للرذيلة ومحركاً للدوافع الغريزية، وتمني الفاحشة، ولأنها تكون في الخفاء فيظن الشاب أنه وحده دون رقيب، وكأنه لم يعلم بعد أن الله ينظر إليه.

وإن الناظر لما يدور في حواسيب أمة الإسلام يرى ما تشيب له الرؤوس وتقشعر له الأبدان، يرى بالأرقام والبيانات ما يجب التوقف عليه ودراسته ودراسة آثاره ومفاسده على شباب الأمة الذين هم عمادها، ولا شك في أن هذا مؤامرة على شبابنا، مؤامرة مقصودة أو غير مقصودة، إلا أنها ما جاءت عبثاً، فأمة العفة باتت من أكثر الأمم سعيا وراء الإباحية والانحلال.

"وفقاً لـ Ad Words  كل مئة مستخدم عربي يجري ما يقارب 52 عملية بحث شهرياً عن المواقع والكلمات الإباحية ذات الصلة، مقابل 21 للولايات المتحدة، و36 للهند، و45 لفرنسا، و47 لباكستان!!"

وهذا جزء من بحث -بتصرف- أعده وليام سميث -محلّل سياسي متخصّص في شؤون الشرق الأوسط- بخصوص استهلاك المواد الإباحية والبحث عنها في العالم العربي:
"فوفقاً لـِ Ad Words، كل مئة مستخدم عربي يجري ما يقارب 52 عملية بحث شهرياً عن هذه المواقع والكلمات الإباحية ذات الصلة، مقابل 21 للولايات المتحدة، 36 للهند، 45 لفرنسا و47 لباكستان!!.

يلاحظ أيضاً أن حجم عمليات البحث عن الأفلام الإباحية على الإنترنت لا يقتصر فقط على قيمته المطلقة، بل أيضاً نسبة لغيره من عمليات البحث الإلكترونية في المنطقة. تظهر المعلومات التي توفّرها شركة الإحصاءات الإلكترونيّة Alexa، أن المواقع الإلكترونية المخصَّصة للكبار تشكل 7 من المواقع الـ 100 الأكثر استهلاكاً في الولايات المتّحدة، وهو رقم تتجاوزه 6 دول عربية هي: الجزائر، العراق، لبنان، ليبيا، تونس واليمن.

كما تزوّدنا الإحصاءات الإلكترونية أيضاً بلمحة عن التنوع في الأبحاث الإباحيّة في الدول العربية المختلفة، وتظهر أذواقاً إقليميّة متفاوتة. فبينما يبدو أن مصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد سكان، هي أكبر مستهلك للمواقع الإباحيّة بالمطلق – إذ تستحوذ على 44% من عمليات البحث عن الكلمات الإباحيّة في المنطقة – يظهر أن العراق وليبيا يسجّلان أعلى الأرقام من حيث عدد الأبحاث للفرد.

ففي العراق، يبلغ معدَّل البحث عن مجموعة من الكلمات المتعلقة بصور ومشاهد خلاعيّة 84 لكل 100 مستخدم للإنترنت شهرياً، بينما تسجل ليبيا ما يعادل 54 بحث. أمّا المغرب، فتسجّل حوالي 5 أبحاث فقط للكلمات نفسها لكل 100 مستخدم، جنباً إلى جنب مع عُمان وموريتانيا اللتين تسجلان حوالي 7 أبحاث شهريّاً.

إن المراقب لهذه الأرقام يرى جيداً أن فئة الشباب في العالم العربي وبنسبة ليست بالبسيطة تنحرف بوصلتها بشكل واضح نحو الإباحية والخلاعة، وهذا لا شك مما يقوض المجتمع لما له من آثار سلبية اجتماعياً وبدنياً.

من هنا لا نستغرب أن الإسلام دعا إلى العفة وإلى غض البصر وحفظ النفس عن هذه الأمور، حتى إن الإسلام حارب كل طريق يقود إلى الشهوة المحرمة، وإن النبي صلى الله عليه وسلم توعد القوم الذين تنتشر فيهم الفاحشة بالأمراض والابتلاء.

رسالة إلى الدعاة

هذا الخطر الذي يهدد مجتمعاتنا ويقوضها، لا بد من وجود أناس يتصدون له ويقفون بوجهه، وهذه رسالة الدعاة الذين أوجب النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليهم، على الدعاة اليوم توعية الجيل المؤمن وتلقفهم وأخذهم إلى بيئة آمنة، والوقوف بوجه أوكار الإباحية والانحلال ومحاربتها ودفع المجتمع لنبذها وعدم التعاطي معها، لأننا لو تركنا هذا الحبل على غاربه فلا ننتظر جيلا ننشد منه التحرير.

معلومات الموضوع

الوسوم

  • الشباب
  • الفساد
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    من عوامل ثبات أهل غزة

    قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …