لقد استطاعت شبكات التواصل الاجتماعي الاستحواذ وأسر قلوب الملايين حول العالم، وبدأت تأخذ من أوقاتهم جلها، إضافة إلى أنها أصبحت متنفساً للتعبير عن حالات الفرح والغضب والتعبير عن الآراء وطرح ومناقشة الأفكار، وكل يوم يمر على هذه البسيطة تجد آلافاً يدخلون هذه العوالم الزرقاء والحمراء وغيرها، مغردين ومعبرين عما يجول في خواطرهم، وكذلك سيطرت هذه المواقع بشكل رئيسي على تنقلات الشخص وأماكن تواجده من خلال خواص تحديد المكان بالسفر أو بالمطعم أو غيره وكثيراً ما تُدعم هذه التنقلات بالصور "السلفي" أو صور الأصدقاء.
باختصار العالم الالكتروني اليوم انتقل ليصبح فضاءً مستقلاً له خواصه وقوانينه العشوائية التي باتت عرفاً بين كل فئة من سكان هذا الفضاء.
ولأن هذه الأمور مستجدة في عصرنا لن تستطيع أن تجد في كل كتب الفقه والشريعة والتزكية والأخلاق ما يضبط أو يحدد أو يبيح أو يحرم السلوكيات التي نسلكها في هذه العوالم.
ونحن هنا لن نتطرق لشرعية المسألة والإباحة والحل والحرمة وغير ذلك، وإنما هي بعض الملاحظات التي نقدمها لعل البعض أن يستفيد منها، مؤكداً على أن الملاحظات لا تشمل الجميع وإنما البعض.
1. يتمثل البعد الأول والأكبر والأخطر على الإطلاق في البعد الأمني لمواقع التواصل بالذات وكذلك برامج وتطبيقات الهواتف النقالة والمحمولة مثل موقع فيس بوك الشهير وكذلك تطبيق الواتساب، وفي مقال تحت عنوان "مخاطر الانترنت والمواقع الاجتماعية.. الفيس بوك" في موقع "المجد.. نحو وعي أمني" يقول: وكشف ''فيسبوك'' أنه يقوم بمسح المنشورات المرسلة ورسائل المحادثة الخاصة للبحث عن أنشطة إرهابية محتملة. وأنه سيقوم بمجرد الاشتباه في منشور ما بتعليمه بشكل خاص ليطلع عليه جهاز الأمن الخاص في ''فيسبوك'' قبل أن يقرر ما إذا كان يستدعي اتخاذ إجراء أمني بشأنه يتمثل غالبا في إبلاغ جهات الأمن أم لا.
وكشف جو سوليفان رئيس جهاز الأمن في ''فيسبوك'' في مقابلة مع وكالة رويترز هذه الحقيقة، ولم يكشف سوليفان ولا ''فيسبوك'' الأدوات أو الآلية المستخدمة لمسح البيانات من حسابات المستخدمين، لكنه أكد أن الموقع لا يضع موظفيه في حال تواصل مباشر مع البيانات والمراسلات الخاصة، لكنه يقتصر على استخدام التقنية في رصدها.
ويقول كذلك: "ومن الأمور الخفية أن هذه البيانات تشرف عليها المخابرات الأمريكية التي تصب بدورها في وعاء المخابرات الإسرائيلية لتستفيد منها في ملاحقة المقاومة وكشف أسرارهم من خلال سذاجة المشتركين بتقديمهم معلومات أمنية مجانية عن المقاومة وتحركاتها". ا.هـ
ولا يخفى على الجميع محاولات استدراج للمقاومين من خلال هذا الموقع وتحديد مكانه من خلال منشوراته بالإضافة إلى خاصية تحديد أصحاب الصور التي باتت معروفة في الموقع، فمتى ما نشرت صورة عبر الفيس بوك ستجد اقتراحاً من الموقع للإشارة لمن معك في الصورة وهي تقنية محددة برمجياً من خلال الملامح عبر النقاط المشتركة للوجه، لكن هذا شأنه كشف أي شبكة أو مجموعة أو خلية من خلال تواصلهم والتقائهم إذا لم يكن لديهم الحس الأمني، وفي النهاية المعلومة التي من غير الضروري نشرها لن تنفع، لكنها قد تضر.
2. بتنا نرى صفحات على المواقع ومنشورات تسيء إلى الأديان بشكل عام وإلى الإسلام بشكل خاص بشكل يحمل بذاته السخرية والاستهزاء، وليس من باب حق التعبير وحريته، بل المقصود هو التشويه، ومما هو متفق عليه بين جميع الثقافات أنه لا يجوز مطلقاً التعدي على شخص أو فكرة بالاستهزاء أو التحقير، بل من المفروض مناقشة الأفكار بالأدلة والبراهين.
3. طرأت مشاكل اجتماعية كبيرة وخطرة في بعض المجتمعات وخاصة المحافظة منها فيما يتعلق بصور الفتيات الشخصية والتي تقوم الفتاة أو ربما إحدى صديقاتها بنشر صور لها هنا وهناك، ما أدى إلى خلق مشاكل كبيرة بينهن وبين أزواجهن أو أهلهن، وقد يكون في بعض الأحيان هناك غيرة زائدة عن الحد للشباب، ولكن على الفتاة أن تدرك هذا الأمر وأن لا تستفز زوجها أو أهلها في هذا الباب.
4. في مصر على سبيل المثال حدثت حالات عديدة من الطلاق بسبب المواقع الاجتماعية، خاصة بسبب نشر الصور الخاصة، فمثلاً اكتشف أحد الأشخاص أن صورة زوجته على حساب أحد الشباب، فقام بمراسلته ليسأله من هذه الفتاة، فأخبره الشاب بأنها حبيبته وأعطاه مجموعة من التفاصيل والمعلومات عنها، والتي كان قد أحضرها من خلال صفحتها على ذات الموقع، والذي بدوره عاد إلى البيت ليطلقها دون التبيّن مما حدث بالتفصيل، لكن فورة الدم التي ترافق بعض الأشخاص خاصة في قضايا العرض والشرف تجعلهم يتصرفون دون وعي، وكذلك للأسف تقوم بعض الفتيات بمراسلة أصدقاء زوجها ممن تظن فيهم خيراً وقد تطلعه على بعض المشاكل الخاصة راجية منهم المشاركة في حل هذه المشاكل عن بعد، وسرعان ما يكتشف الزوج وينتهي الأمر بمشكلة أكثر تعقيداً، وأحب أن أنوه هنا أيضاً أنه بالإمكان اختراق الأجهزة من خلال شبكة الانترنت سواء أكانت حاسوباً أو هاتفاً، فربما لا تنشر الفتاة صورا لها وإنما يتم سحبها من خلال الجهاز خاصة إذا لم تكن على اطلاع كاف بالتكنولوجيا، فمثلاً إحدى الفتيات كان معها هاتفها وعليه صور خاصة لها ولأهلها وأخواتها والذي أضاعته في إحدى سيارات النقل العام ولم تتمكن من استرداده، وعند سؤال أهلها لها عن الصور، أخبرتهم أن الجهاز عليه "كلمة سر"، فأخبروها بأن الذاكره يمكن سحبها من الهاتف وأخذ كل ما هو عليها ولا داعي لكلمة السر حينذاك.
5. هناك نقطة مهمة ولن نطيل فيها لوضوحها وهي كثرة نقل الأحاديث الضعيفة والموضوعة وعدم التثبت منها، وكذلك نقل القصص الخرافية والأخبار الكاذبة تحت شعار "انشر تؤجر".
6. نختم بهذه النقطة على أمل العودة لهذا الموضوع مرة أخرى وبتفصيل أكبر لأن الكلام فيها يطول، وهذه النقطة باتت مشكلة كبيرة بين فئة الشباب وخاصة في فترة المراهقة بالذات، وهي الاشتراك بصفحات مخلة بالآداب العامة بل وبعضها يدعو إلى الإباحية، مما له أثر سلبي واضح على فئة الشباب نفسيا واجتماعيا وجسدياً.