كي لا تتكرر التجربة الفاشلة لمنظمة التحرير الفلسطينية ..
لقد أنعم الله على منظمة التحرير الفلسطينية في السنوات السابقة بملايين كثيرة من الدولارات استثمرت جزءا منها في بعض المشاريع الاقتصادية التي كانت تهدف إلى تنمية الموارد المالية للمنظمة، وتنمية المجتمعات الفلسطينية وايجاد فرص عمل للشباب لكي لا تفرغ المخيمات منهم بسبب موجات الهجرة المتلاحقة.
بالرغم من المبالغ الطائلة التي انفقت في هذه المشاريع فإن المنظمة فشلت في أن توجد مؤسسة اقتصادية واحدة ناجحة. وكان إرث المنظمة الوحيد هو مجموعة مستشفيات الهلال الاحمر الفلسطيني التي لا يلجأ إليها إلا المضطر، وواقعها وحالها البائس لا يخفى على أحد.
ملايين أنفقت خلال العقود الماضية ولكنها تبخرت و لم تترك أي أثر على أرض الواقع سوى بعض الأثرياء الذين عملوا في هذه المشاريع وحققوا عوائد مالية كبيرة.
والمرض الخطير الذي أحبط معظم المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية للمنظمة هو انتشار "الفساد"، والذي تعرفه منظمة الشفافية الدولية على أنه: ((كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة، أي أن يستغل المسؤول منصبه وسلطته من أجل تحقيق منفعة شخصية ذاتية لنفسه أو لجماعته)).
ومن هنا إذا أرادت الحركة الإسلامية أن تتجنب المصير القاتم الذي أصاب مشاريع منظمة التحرير الفلسطينية عليها مكافحة الفساد وتطويقه للقضاء عليه قبل أن يتغول ويصبح عصيا على المعالجة. ففي مجال الفساد الأخلاقي يقول الله تعالى: "وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً"، ليس النهي في هذه الآية عن ارتكاب الزنى! ولكن النهي عن الاقتراب من الزنى، فأي شيء يقربنا إلى الزنى نحن منهيون عنه بنص هذه الآية، وهكذا كل فساد مهما كان نوعه مالي أو إداري أو أخلاقي نحن منهيون عن الاقتراب منه.
ولكي تستطيع الحركة الإسلامية فعل ذلك يجب عليها اتباع القوانين والأنظمة والمعايير الدولية والإسلامية وعدم الاتكال على الأخلاق الحميدة وحسن النية والظن خيرا بالقائميين على هذه المؤسسات والمشاريع. فالواجب الشرعي "أن لا تكن عونا للشيطان على أخيك"، ويكون ذلك باتباع المبادىء التالية:
- التدقيق والرقابة السابقة واللاحقة التي تعتمد الأسس العلمية الصحيحة والتخصصية.
- المسائلة والمحاسبة.
- الشفافية.
- تكافؤ الفرص.
- إشهار براءة الذمة المالية. (من أين لك هذا؟)
إن اعتماد المعايير السابقة سيؤدي بالضرورة إلى حماية المؤسسة والقائمين عليها من السقوط والفشل في الدنيا والآخرة.