في الآونة الأخيرة بات يخط شريط الأخبار العاجلة شاشات التلفزة ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعي بصورة يومية؛ والمضمون؛ منع المصلين المسلمين من الدخول للمسجد الأقصى، وتدافع قطعان المستوطنين والحاخامات للمسجد وباحاته وتدنيسها والعبث بمحتوياتها على مرأى ومسمع من العالم العربي والإسلامي الذي لم يكلف نفسه بعقد مسيرة أو احتجاج مهيب يليق بالحدث على الأقل. و كل ما حدث كان مجرد إدانات خجولة رسمياً وشعبياً، في ظل وضع شديد الخطورة حيث تعتبر أخطر حالة تدنيس تمر على أولى القبلتين في فترة الاحتلال الحديث.
ما الذي يحدث في رحاب المسجد الأقصى المبارك؟
مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حماية من الجيش الصهيوني والذريعة هي أداء الصلوات التي يعدونها تقليداً توراتياً ينص على حجهم لما يسمونه بجبل الهيكل في القدس المحتلة.
ويأتي دخول قرابة 900 مستوطن للقدس المحتلة في ظل منع المرابطين والمصلين المسلمين من الدخول تحت ذرائع مختلقة، وتقليص عدد المتواجدين داخل المسجد الأقصى، واعتقال كل من يحاول منهم التعرض لطريق المستوطنين.
المصلون الفلسطينيون قضوا أيامهم أمام الحواجز يتطلعون بحرقة للتدنيس الحاصل داخل رحاب المسجد الذي تعرض للحرق وتكسير المحتويات، والخشية تعلوا وجوههم من إقرار سلطات الاحتلال سياسة التقسيم الزمني، بحث يصبح دخول اليهود يومياً للمسجد في ساعات الصباح!
وعلى الصعيد العربي والإسلامي قامت مسيرات خجولة، وصدرت أوراق الشجب والاستنكار على استحياء لا ترقى إلى مستوى الحدث، في حين أطلق العديد من الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي حملات لتوحيد الصورة الشخصية بعبارات مناصرة للقدس وتجديد حملات مقاطعة بضائع الدول الضليعة في المشاركة بالتغطية على جرائم الاحتلال داخل المسجد الاقصى.
اعتداءات ممنهجة !
الباحث في شؤون المسجد الأقصى المبارك د. عبد الله معروف في حديثه الخاص لبصائر أشار إلى أن حربا دينية أعلنت منذ إنشاء الدولة الصهيونية باعتبارها دولةً يهودية، ومحاولات دولة الاحتلال اليوم استهداف دور العبادة كما يرى ليست إلا محاولةً منها للعودة لأصل المشروع الصهيوني بشكله الديني بعد صعود التيار اليميني الديني المتطرف في هذه الدولة.
ويشير معروف إلى أن الاستهدافات للمساجد ودور العبادة والآن للمسجد الأقصى مرتب لها بالفعل ضمن برنامج تهويد الأرض وتوتير الأجواء، سعياً نحو دفع المنطقة بالكامل لحرب دينية شديدة يحاول الاحتلال من خلالها إعادة ترتيب أوضاع المنطقة والدول المحيطة بفلسطين، بما يخدم مصلحته في إنجاز فكرة "الدولة اليهودية الخالصة" أو النقية !!
ويحمل معروف المسؤولية الأولى للنظام الرسمي العربي الذي يغمض عينيه عن جرائم الاحتلال ويسعى نحو حروب وهمية مع أعداء يتم تضخيم حجمهم إعلامياً بشكل مبالغ فيه، مقابل التغاضي عن ما يحدث من اعتداءات غير مسبوقة وبرعاية رسمية من حكومة الاحتلال في المسجد الأقصى المبارك. وهذا بالطبع لا يخلي مسؤولية الشعوب التي عليها التحرك للضغط على حكوماتها لاتخاذ مواقف ترقى لمستوى الحدث.
عنوان بلا مضمون!!
نائب رئيس الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين، وعضو مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية الأستاذ سعود أبو محفوظ أشار إلى أن المسجد الأقصى يترنح بفعل تهويد منظم تقوده دولة قامت من العدم لإنجاز مهمة كريهة هي شطب المشهد القدسي بالكامل، في ظل تعاطي الرسميين العرب مع المسجد الأقصى كعنوان بلا مضمون. فلسنا نرى برامج ولا خطط تجاه الأحداث ومجرياتها، ومن جانب آخر تتعامل السلطة الوطنية معه كعبئ ثقيل الظل لأنه يعيق مساراتها التفاوضية، ويتعامل معه اليهود كمخلفات وثنية ابتدعها العرب إذ إنهم يسعون لإيجاد أي تكوين أثري زائف ليبنوا عليه ادعاءاتهم ويجدوا لأنفسهم موطئ قدم في المسجد القدسي الشريف في تطاول على الحقيقة ومراكمة للمغالطات.
ويشير أبو محفوظ إلى أن نتنياهو ومن معه من اليمين اليهودي المتحكم بالقرار الإسرائيلي يسعون جاهدين لحسم هوية بيت المقدس دينيا وسكانيا دون أن يجدوا أي رادع.
لن تنتهي الاقتحامات
هذا وأشار الباحث في العقيدة اليهودية وشؤون المسجد الأٌقصى الأستاذ أحمد ياسين إلى أن الاقتحامات للمسجد الاقصى المبارك ليست مقتصرة في مواسم الأعياد والعبادات المزعومة، بل هي موجودة لكن حدتها تزداد كما ونوعاً في مواسم الأعياد، داعياً لزيادة أعداد المرابطين وحملات الرباط وخاصة لدى عنصري الشباب والنساء إذ إن وقوفهم في وجه الاقتحامات ومحاولات التهويد يكون شديداً على جماعات الهيكل المزعوم، بل هو أخطر ما يكون على مخططاتهم الآثمة.