مما لا شك فيه، أن خطوات الاحتلال الإسرائيلي نحو تهويد القدس تتقدم تدريجياً وفق خطة ممنهجة رسمها قادة الاحتلال على اختلاف مناصبهم ومستوياتهم.
وما يؤكد ذلك، الدعم السياسي والعسكري الإسرائيلي وراء الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال والمستوطنون ضد المسجد الأقصى، سواء بدعم الاقتحامات المتكررة وتوفير الحماية لها، أو من خلال فرض حظر على دخول الشباب للمسجد للصلاة فيه، أو حتى إغلاق المسجد كلياً أمام المصلين.
وزير الأمن الداخلي الصهيوني تيسحاق أهارونوفيتش هدد بإغلاق المسجد كلياً أمام المصلين ونفذ تهديده، حيث نقلت الإذاعة الصهيونية العامة عن أهارونوفيتش، قوله إنه «لن يتردد في إغلاق الحرم القدسي الشريف أمام المسلمين مثلما تم إغلاقه أمام الزوار اليهود، بسبب وقوع أعمال مخلة بالنظام»، بحسب زعمه.
كما اقتحم نائب رئيس الكنيست موشيه فيجلن مع أربعة مرافقين باحات الأقصى من باب المغاربة، ونظم جولة لمدة 45 دقيقة تخللها جولة في المتوضأ ثم باب الرحمة من الداخل، وقد أدى تمتمات وطقوساً تلمودية باتجاه قبة الصخرة المشرفة، ثم صعد إلى صحن القبة.
وعلى خطٍ موازٍ، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "مسؤولية" الفلسطينيين في إثارة ما سماه "العنف" في باحات المسجد الأقصى الذي يسميه الاحتلال منطقة "جبل الهيكل"، مما يبررّ على حد زعمه كل فعل يقوم به المستوطنون داخل المسجد.
الخوف الصهيوني من ردة الفعل الفلسطينية، دفع نتنياهو لإصدار تعليماته لأجهزة الأمن بتعزيز تواجدها في المناطق التي تشهد مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الجيش في أحياء مدينة القدس الشرقية، واستخدام الحزم والقوة ضدهم، معتبراً أن الوضع الأمني القائم غير مقبول، ولن يُسمح بتحويل الوضع الراهن لأمر مقبول، بعد تزايد شكاوى رئيس بلدية القدس الغربية "نير بركات" من تصاعد الانتفاضة الصامتة في القدس الشرقية، حيث تشهد أحياء المدينة اشتباكات شبه يومية بين الشبان الفلسطينيين وقوات الجيش، رغم تصاعد عمليات الاعتقال في أوساط الفلسطينيين في المدينة بشكل غير مسبوق.
الدعم الرسمي الصهيوني للاعتداءات على الأقصى، رافقتها تأييدات شعبية لهذه الخطوات، حيث أظهر استطلاع للرأي أظهره الموقع الإلكتروني للقناة السابعة تأييد 84% من الإسرائيليين إغلاق المسجد الأقصى في وجه المسلمين خلال أعياد اليهود، فيما رأى 15% عدم إغلاقه وجعله مفتوحًا أمام المسلمين واليهود.
وهكذا، ظهر التنسيق بين كافة الأطراف الصهيونية، عسكريين وسياسيين ومستوطنين، للمضي في تهويد المدينة المقدسة، والاعتداء المستمر على المسجد الأقصى المبارك، في ظل مقاومة من أهالي القدس تنذر بانتفاضة جديدة محتملة.