ندوة فكرية في ذكرى رحيل مالك بن نبي (1905-1973م)

الرئيسية » بصائر من واقعنا » ندوة فكرية في ذكرى رحيل مالك بن نبي (1905-1973م)
ibn nabi

قام منتدى العلاقات العربية والدولية بالعاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء 21/10/2014م ندوة بعنوان "في ذكرى مالك بن نبي"، تناول فيها باحثون جانباً من فكره وإنتاجه العزيز الذي أثرى المكتبات بنظرياته التي عالجت مشكلات الحضارة في العالم الإسلامي.

وشارك في هذه الندوة كلٌّ من الدكتور الموريتاني محمد مختار الشنقيطي من مؤسسة قطر، والدكتور الجزائري بدران بن لحسن أستاذ مشارك في جامعة فيصل، والدكتور القطري جاسم سلطان مؤسس مشروع النهضة.

وأوضح مدير الندوة رائد السمهوري أنَّ منتدى العلاقات العربية والدولية يهدف من خلال هذه الندوة إلى المساهمة في دعم التنمية الثقافية والسياسية، وتعزيز آليات الحوار الإيجابي بين الأطراف الفكرية المختلفة في الوطن العربي وخارجه.

كما تهدف الندوة لإحياء جهود مالك بن نبي الفكرية وآثاره المتنوعة، واستلهام بعض أفكاره وربطها بما يحدث اليوم في العالم العربي والإسلامي كالقابلية للاستعمار، والتغيير ومعوقاته الداخلية والخارجية، والنهضة وشروطها، ومدى إمكانية إحياء هذه الأفكار لبعث وثبة حضارية في الظروف الراهنة.

مدرسة مالك بن نبي

وتأتي هذه الندوة في ذكرى رحيل المفكر مالك بن نبي (1905-1973)، الذي يُعدّ أحد رواد النهضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين، ومن أبرز المفكرين المعاصرين الذين انتبهوا إلى ضرورة العناية بمشكلات الحضارة، إلى حدّ أنّه تمَّ اعتباره امتداداً لفكر ابن خلدون.

ويوصف المفكر الجزائري مالك بن نبي بـ"المدرسة"، وقد ترك خلفه إرثاً ثقافياً ضخماً، يربو على ثلاثين كتاباً، فضلاً عن سجالاته الفكرية مع كبار العلماء والمثقفين، وكان همّه الدائم طيلة حياته معالجة قضايا المسلم المعاصر، ووصل إلى نتيجة مفادها أنَّ الأزمة التي ألمَّت بالمسلمين حدثت تأريخاً منذ سقوط دولة الموحدين في نهاية القرن الثاني عشر، ثمَّ انتقل مشعل الحضارة للغرب.

الشنقيطي: أزمة الحضارة الإسلامية هي أزمة سلطة

وفي كلمته بعنوان "الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية كما رآها مالك بن نبي، قال الدكتور محمد مختار الشنقيطي: إنَّ المفكر الجزائري كان من الأوائل الذين امتلكوا الشجاعة للغوص في أسباب الأزمة السياسية التي تعيشها الأمَّة، مبيّناً أنَّ لكلّ حضارة أزمتها وأزمة الحضارة الإسلامية هي أزمة السلطة.

وأضاف أنَّ العالم العربي لم يكتشف مالك بن نبي إلاَّ بعد وفاته، إذ لو كانت أفكاره قدِّرت حقّ قدرها من طرف الباحثين والمثقفين الشباب لتغيّرت نظرتهم تجاه العديد من الإشكالات السياسية والاجتماعية، وربما لم يغتر الناس بالحلول التسطيحية التي تقود إلى الاصطدام، وما نعانيه اليوم هو عدم استفادة الأجيال الجديدة من عقول المفكرين، وعلى رأسهم مالك بن نبي.

 بن لحسن: علينا أن نبحث عن أسباب غيابنا الحضاري

وقدّم الدكتور بدران بن لحسن ورقة بعنوان "المعوّقات الذاتية والموضوعية للنهضة في فكر مالك بن نبي". قال فيها :"إنَّ معظم أعمال مالك بن نبي تدور في إطار الحضارة الإسلامية وأسباب النهضة أو التخلف عنها".

ورأى بن لحسن أنَّ العالم الإسلامي في بحثه عن النهضة "عليه أن يبحث عن أسباب غيابنا الحضاري، فمنذ قرون ونحن نعاني من مجموعة أمراض سياسية وأخلاقية وعقائدية، وللأسف دائماً نبحث عن حلول مؤقتة ومسكنات لأعراض المرض ولا نعالجه، ولا نبحث عن جوهر الأزمة، ولذلك وضع المنظور الحضاري ليخبرنا أنَّه ما من شعب أو أمّة ستتجاوز أزماتها إلا إذا أمسكت بقوانين سقوط وقيام الحضارات".

وأكد "أنَّ هذه سنة الله في أرضه وعلينا أن نبحث عن أسباب تخلفنا بحلّ المشكلات الأساسية التي يمكن استخلاصها بتحليل أيّ منتج حضاري".

وأكَّد بن لحسن في حديثه عن أسباب النهضة في فكر مالك بن نبي بالقول: "ليس علينا أن نفكّر في منتجات الحضارات الأخرى، ولكن نفكر في مكوناتها وعناصرها الأساسية وهي الإنسان والتراب والوقت، كما علينا أن ننظر إلى الإنسان وتأثيره إمّا بأفكاره أو ماله أو أعماله، وهذه النظرة التي حاول من خلالها مالك بن نبي أن يحل مشكلة الحضارة والنهضة".

سلطان: مالك بن نبي كان مفكّر أمَّة بامتياز

بدوره، وصف الدكتور جاسم سلطان مالك بن نبي بأنَّه كان "صرخة في غير وقتها"، خصوصاً في بناء الفكر الإسلامي الحديث ودراسة المشكلات الحضارية عموماً، سواء من حيث المواضيع التي تناولها أو من حيث المناهج التي اعتمدها في ذلك.

وقال سلطان: إنَّ بن نبي تعرّض لظلم وتجاهل من قبل نخب الأمَّة، ولعلَّ لهذا التجاهل أسبابا منها على سبيل المثال: أن مالك بن نبي كتب فكره باللغة الفرنسية، وراح ضحية استقطاب حاد صاحب تلك الفترة، فاليساريون صنّفوه على أنه ينتمي للتيار الإسلامي، والإسلاميون كانوا يرون فيه مفكرا يسارياً أو ليبرالياً، وحقيقة مالك بن نبي أنه كان مفكر أمَّة بامتياز.

ورداً على سؤال للجزيرة. نت عمَّا إذا كان إحياء فكر مالك بن نبي وغيره من المفكرين والفلاسفة يساهم في حل مشكلة الأزمة الدستورية والحضارية التي تعاني منها الأمَّة؟ أجاب السلطان بأنَّ فكر بن نبي كان يمكن أن يحل الكثير من الإشكاليات المتعلقة بالعقل المسلم والأزمة الدستورية والحياة السياسية التي تعاني منها الأمَّة، مضيفاً أنَّ الشباب العربي يخسر الكثير حين لا يلتفت إلى إنتاج هذا المفكر العظيم.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

من عوامل ثبات أهل غزة

قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …