أثبتت الدراسات الطبيّة أنَّ الجسم البشري يحتاج إلى ساعات نوم يومية تتراوح ما بين 6 - 8 ساعات، ومدَّة النوم هذه ضرورية لتجديد وبناء الخلايا، وإعطاء الجسم الفرصة لتنظيم عملية إفراز الهرمونات، والتمثيل الغذائي والبناء، فمن رحمة الله تعالى بعباده، وتنظيمًا لنشاطهم، وإتقانًا لأعمالهم، أن جعل الظلماتِ بالليل والنورَ بالنهار؛ ليكون النهار بما فيه من نور مساعدًا على أداء الواجبات والقيام بالأعمال، وليكون الليل بما فيه من ظلمة مساعدًا على الراحة من عناء العمل بالنهار.
من أجل هذا أرشد الإسلام إلى المُبادرة بالنوم بعد صلاة العشاء، وكرِه تضييع فترة الليل فيما لا يفيد خيرًا، وما دامت لا تُوجد ضرورة ولا حاجة تدعو إلى السهر، وممَّا جاء في كراهية السهر لغير ضرورة أو حاجة، ما رواه البخاري ومسلم عن أبي برزة رضي الله عنه قال: ((كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يُؤَخِّر العِشَاء إلى ثُلُثِ الليل، ويكره النوم قبلها والحديث بعدها)).
ومعلوم أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم دعا ربه أن يبارك لأمته في البكور، فقال: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)). (ابن حبّان)، ومرَّ على ابنته فاطمة -رضي الله عنها- وهي مُضطجعة وقت الصباح فقال لها: ((يا بنية قُومي اشْهَدي رِزْقَ رَبِّك، ولا تكوني من الغافلين، فإن الله يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر وإلى طلوع الشمس)). (البيهقي).
والسهر يمكن أن يهدّد العمر، ويقلّل من فاعلية جهاز المناعة الذي هو خط الدفاع الأول ضد الأمراض. هذا فضلاً عن ضعف الحيوية والنشاط، وحدوث تغيرات في المزاج وفي الحالة النفسية ينعكس على أداء الفرد الشخصي أثناء النهار.
وقد أظهرت الأبحاث الطبيَّة أنَّ الطلبة الذين لا يحصلون على نومٍ كافٍ أثناء الليل يكون أداؤهم الدراسي أقلّ من الطلبة الذين ينامون لساعات كافية، كما أنَّ قلة النوم تؤثر سلبا على قدرة الطالب على التركيز، وتضعف الذاكرة قصيرة المدى، ممَّا يؤثر على قدرة الطالب على التحصيل العلمي، وقد أظهرت الدراسات أنَّ الأطفال المتفوقين ينامون 15-30 دقيقة ليلاً أكثر من غيرهم.
وذكر العلماء أنَّ من أهم مخاطر السهر أنه يحرم الشخص من تجديد نشاط الخلايا المسئولة عن الذاكرة بالمخ والموجودة بالجزء المسمى بالمادة السوداء، حيث بات معروفا أن هذه الخلايا تتجدد حيويتها في الظلام الدامس، وعندما ينام الإنسان طوال النهار ويظل ساهراً طوال الليل فإنه يحرم نفسه من تجديد تلك الخلايا المهمَّة.