تشهد الحركة الإسلامية اليوم تحديات عالمية إضافية في أعقاب وصولها للحكم في مصر وتونس، وفي أعقاب حراكات الربيع العربي، الأمر الذي يزيد من مسؤولياتها في حسن قراءة المعطيات وتقدير التعامل معها. وإنّ سنة الله ماضية في هذا الكون؛ فكما توجد التحديات، فإنَّ الفرص متوفرة تنتظر المبصر الحاذق.
والشبابُ هم حملة النور، وخصب البور، والرّوح السارية في جسد الأمّة السالية، ونبض الحياة في دعوة الحياة، والذين خاطبهم الدكتور محمد بديع – فك الله أسره-: "اعلموا يا أبنائي أنكم أنتم أمل الأمم وسَنَدُها ومستقبلها، وأنكم أهم عامل لنهضتها وتقدُّمها وارتقائها.. هذا هو قدركم".
إنَّ مراعاة المنظور الشبابي هي إستراتيجية ثنائية الجوانب، تهدف إلى تطوير الشباب، كما تنطوي على ضمان مراعاة الشباب في الأداء الدعوي، كما أنّها تدعم ضمان توفر مشروعات خاصة تستهدف الشباب، وهذا يجعل من أداء الحركة الإسلامية متجاوباً شبابيًا.
وكما تهدف مراعاة المنظور الشبابي إلى النظر في تأثير السياسات والمشاريع على الشباب، وإشراكهم في عملية صناعة قرار تلك السياسات و/أو المشروعات التي تؤثر عليهم.
ومن التحديات العصرية التي تواجه شباب الحركة الإسلامية وطلبتها يمكن استعراض ما يلي:
1- نقص المعرفة Lake of Knowledge: والمعرفة هي رأس المال الفكري للداعية والحركة الإسلامية،. فالبيانات تتحول بعد المعالجة إلى معلومات ومن ثم بعد التطبيق إلى معرفة، والمعرفة هي الوعي أو الفهم التي تكتسب من خلال التجربة أو التعليم.
والمعرفة يمكن أن تشير إلى الفهم النظري أو العملي لموضوع. ويمكن أن تكون المعرفة ضمنية كما هو الحال مع المهارات العملية أو الخبرة، كما يمكن أن تكون المعرفة صريحة كما هو الحال مع الفهم النظري للموضوع. كما يمكن أن يكون أكثر أو أقل رسمية أو منهجية.
ونقص المعرفة أحياناً يكون أثره أسوأ من الجهل، لأننا نحكم على الأشياء من خلال تصورنا عنها؛ فإن كانت معرفتنا وتصورنا غير سليم؛ فسيكون الحكم غير صائب، ومن لديه نقص في المعرفة لا يدفعه ذلك إلى التعلم!.
2- العلموية Scientific: وهي الاعتقاد بالتطبيق الشامل للمنهج العلمي، واعتبار أن العلم هو المرجع لحسم الاجتهادات، كما أنّها الطريقة العلمية ووجهة النظر التي تقول بأن العلم التجريبي يشكل الرؤية الكونية الأكثر موثوقية أو الجزء الأكثر قيمة من تعلم الإنسان الذي يستبعد وجهات النظر الأخرى.
وحالياً تعقدت الأمور، وأصبح كل شيء في الدنيا علماً، ونحتاج في حياتنا إلى المتخصص في كل شيء؛ إذ نحتاج العلماء في الطب والدواء والهندسة والعلوم والشريعة والأدب والتربية وغيرها من مناحي الحياة.
3- الموضوعية objectivity: وتعني تحري الحقيقية خارج موضوع الفردية والتحيزات، والمشاعر، والأحكام المسبقة.
ويعتبر الاقتراح عموماً صحيح بموضوعية عندما يتم استيفاء شروط حقيقته وهما: الأول، خلوه من التحيز. وهذا يتحقق عندما يخلو من التحيز القائم على المشاعر والأحكام المسبقة. والثاني، حيازة أدوات البحث التي تمكن من الحكم الصائب.
4- نقص التخطيط :Lake of Planning وأهم ما فيه مسح البيئة الخارجية والداخلية، مسحاً علميّاً، وبأدوات صحيحة، بحيث يتم تحديد عوامل القوة وعوامل الضعف والفرص والتحديات على نحو علميّ.
5- المهنيّة Professional: يصف هذا المصطلح المعايير المطلوبة في المعارف والمهارات الخاصة اللازمة لأداء نشاط أو دور معين. كما يحدد مجموعة قوانين للسلوك لتكريس الالتزامات الأخلاقية في الأداء. وعادة يتم الاتفاق على المعايير المهنية وأخلاقيات الممارسة لحقل معين وصياغتها من خلال جمعيات أو جهات مهنية معترف بها على نطاق واسع. والمهنيّة تخدم المصلحة العامة والخير العام للمجتمع.
6- مشكلة الاتصالات الداخلية The Problem of Internal Communications: والاتصال الداخلي في الحركة الإسلامية يتجاوز كونه آلية لنقل المعلومات والتبليغ من أعلى لأسفل أو بالعكس، بل دوره أساسيّ في العمل الدعوي، وتعاني الحركة الإسلامية من جوانب كثيرة في نظام اتصالاتها الداخلية، وليس هذا مكان تفصيله، إلاَّ أنها تجدر الإشارة أنّ بعض الدراسات تقرر أنّ واحداً من أهم أسباب فشل المشروعات يعود إلى مشكلة الاتصالات الداخلية.
وتتأكد أهمية الاتصالات الداخلية في الحركة الإسلامية مع تسارع وتيرة العولمة؛ إذ تتشابك المجتمعات، وتزيد الروابط؛ ممَّا يجعل من الاتصال الداخلي ضرورة دعوية، ولتطوير الاتصالات الداخلية في الحركة الإسلامية تحتاج إلى:
أ. ثقافة اتصال معاصرة تفرّق بين السريّ والخاص والعام، وتعلم أنَّ لدى جميع المؤسسات التجارية أسرارها وخصوصياتها التي لا تعيقها عن نقل المعلومات. وهذا لا يعني عدم الالتفات إلى جوانب السلامة العامَّة، وإنّما وضع الأمور في نصابها الصَّحيح.
ب. نظام اتصال كفؤ، يعمل على توفير منظمومة اتصالات تتلائم مع العصر، من خلال تنظيم كل ما يتعلق بالرّسالة المرسلة، والجهة المرسلة، والجهة المستقبلة، والرّسالة المستقبلة، وقنوات الاتصال، والبيئة المحيطة.
ج. التدريب والتطوير لتمكين الأفراد من استخدام أنظمة الاتصال والاستفادة من الإرث الإنساني في هذا المجال والقدرة على مواكبة المستجدات.
7- محدودية دور الشباب في الحركة الإسلامية، والذي يكاد ينحصر في العمل الطالبي والجامعي والقرآني. وعدم انخراطهم في العمل السياسي، أو وجود أثر لهم في صنع القرار عموماً في الحركة الإسلامية.
8- قلة المؤسسات الراعية للشباب بالمجمل، والتي تشكل بيئة آمنة لهم، أو التي تختص بفئة الشابات، مثل النوادي والمنتديات.
9- أثر التغيير على الشباب، والذي هو سمة العصر، وتسارع وتيرة العولمة، وهذا ينبهنا إلى الاهتمام بمواكبة التغيرات المستمرة؛ إذ أنَّ الاحتياجات والأدوات والخطاب كله عرضة للتغير المستمر.
10- ضعف نتاجنا الأدبي والثقافي والدعوي. كما يوجد ضمور في اهتمام الشباب عموماً بالقراءة، وهذا ينسحب على أبناء الدعوة عموماً، ومن المؤشرات على ذلك ما يلي:
أ. قلّة المؤلفات الأدبية والدعوية والثقافية.
ب.غياب المسرح عن أداء الحركة الإسلامية.
ج. قلّة المؤسسات الأدبية والثقافية للحركة الإسلاميّة.
د. عدد المؤلفين والكتاب الشباب من أبناء الحركة الإسلامية.
هـ. قلة الجوائز التي تستهدف هذا الجانب.
و. ضعف المنتديات والحواضن والتوجيه بهذا الاتجاه.
- الدعاة يتوجهون إلى منتجات دعوية أكثر على حساب اتجاههم نحو التأثير بالإنسان؛ الذي هو مادة الاستخلاف، وهدف الدعوة. وهذا يلمس من الاهتمام عموماً بالشكل على حساب المضمون.
- تراجع في مستويات متانة الصف وعمق الأخوة، وضعف التربية عموماً، وضمور في الجانب الروحي عند الشباب. وهذا كلّه له أثر بارز على الأداء الدعوي.