عاشوراء.. يوم الصلة بين أبناء الدعوة الربانية

الرئيسية » بصائر من واقعنا » عاشوراء.. يوم الصلة بين أبناء الدعوة الربانية
عاشوراء

دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، ويقولون هذا يوم نجى الله فيه موسى! فقال عليه الصلاة والسلام نحن أولى بموسى منهم، وصامه. وقال: لأن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع، يقصد يوم تاسوعاء وذلك من أجل مخالفة اليهود.

فضائل.. واستمرار لرسالة السابقين

الداعية الدكتور عبد الله فرج الله في حديثه الخاص لبصائر حول ذكرى عاشوراء أشار إلى أن الأمر بصيام عاشوراء حمل أجمل معاني صلة الرحم بين أبناء الدعوة الربانية اللاحقين منهم بالسابقين؛ فهو أحق بموسى عليه السلام من اليهود الذين حرفوا رسالته، وتنكبوا نهجه، وغيروا وبدلوا، وضلوا وأضلوا، وبالتالي فإننا نحن أتباع محمد- صلى الله عليه وسلم- أولى بموسى منهم، فأمرنا بصيام اليوم الذي نجّى الله فيه موسى، وأهلك فيه عدوه فرعون رمز الطغيان والإجرام في زمانه.

ويشير فرج الله إلى أن صيام عاشوراء في العام الأول الهجري كان واجباً على المسلمين وحين فرض رمضان في السنة الثانية للهجرة خيّر المسلمون في صيام عاشوراء، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: " فلما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلما فرض ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه" (رواه البخاري).

أن الرسل والرسالات تتوارث المحن والابتلاءات، وتعيش ذات العقبات، وأن لكل منها فرعوناً يتهدد ويتوعد، ويرتكب الفظائع بحق الركب السائر إلى الله سبحانه وتعالى
د. عبد الله فرج الله: من دلالات عاشوراء، أن الرسل يتوارثون المحن والابتلاءات، ويعيشون ذات العقبات، وأن لكل منهم فرعوناً يتهدد ويتوعد، ويرتكب الجرائم بحق الركب السائر إلى الله سبحانه وتعالى

ويضيف فرج الله أن في هذه المحطة النبوية تتجلى دلالات هذه الرسالة الخاتمة، التي جاءت للناس كافة، لا تستثني منهم أحداً، تؤكد أنها استمرار للسابقين من الرسل والرسالات، وأنها صادرة من ذات النبع، تحمل الوظيفة ذاتها، وتسعى في الركاب ذاته، وتعمل في ذات النهج، فكان الأمر بوجوب صوم اليوم الذي نجّى فيه المولى سبحانه موسى عليه السلام ممن ادعى الألوهية وعلا في الأرض طغياناً وفساداً، بداية، ثم اختياراً لاحقاً.. مع الترغيب الكبير في الحث والحض على صيامه: ففي صحيح مسلم أن رجلا سأل رسول الله عن صيام عاشوراء فقال: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبل".

ويستطرد د. فرج الله إلى دلالات عديدة على الأمر بصيام عاشوراء منها أن الرسل يتوارثون المحن والابتلاءات، ويعيشون ذات العقبات، وأن لكل منهم فرعوناً يتهدد ويتوعد، ويرتكب الفظائع بحق الركب السائر إلى الله سبحانه وتعالى، وأن الله حين تتحقق معيته في حياتنا، وفي مسيرنا، وفي تخطيطنا وعملنا، في أمرنا ونهينا، في كل تفاصيل شأننا؛ فيكون شعارنا في الملمات والشدائد، شعار موسى عليه السلام:" كلا إن معي ربي سيهدين".. وأن الله ناصر عباده لا محالة.

دروس وإشارات

الداعية الدكتور يحيى الطرمان استحضر في حديثه الخاص لبصائر حديثاً ورد في مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال في عاشوراء: "هو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكراً".

وحول قصة سيدنا موسى عليه السلام أشار د. الطرمان إلى أن المفسرين يصفونها بأنها من أعجب القصص لما فيها من دروس عظيمة وعبر كثيرة، ففيها إشارة إلى مصارع الظالمين، وعواقب الطغاة المجرمين، فهكذا كانت نهاية فرعون الذي علا في الأرض واستعبد الناس، وطغى في البلاد وأكثر فيها الفساد، وقال أنا ربكم الأعلى، لا أحد فوقي اليوم، لا أحد أقوى مني.

د. يحيى الطرمان: يأتي يوم عاشوراء ليذكر الأمة أن العاقبة للمتقين وأن الدائرة على الظالمين، وأن امتداد الباطل يسير، مهما طغى وتجبر وساد وتكبر، وأنه لا تقف أي قوة أمام قوة الله عز وجل
د. يحيى الطرمان: يأتي يوم عاشوراء ليذكر الأمة أن العاقبة للمتقين وأن الدائرة على الظالمين، وأن امتداد الباطل يسير، مهما طغى وتجبر وساد وتكبر، وأنه لا تقف أي قوة أمام قوة الله عز وجل

وفي غمرة الشعور باليأس والإحباط مما يصيب المسلمين اليوم من نكبات، يأتي يوم عاشوراء ليذكر الأمة أن العاقبة للمتقين وأن الدائرة على الظالمين، وأن امتداد الباطل يسير، مهما طغى وتجبر وساد وتكبر، وأنه لا تقف أي قوة أمام قوة الله، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس:82].

ومن الإشارات في يوم عاشوراء، أن الجزاء من جنس العمل: فانظر كيف أهلك الله هذا الجبار العنيد الذي كان يفتخر بالأنهار التي تجري من تحته، فأهلك بالماء من فوقه. وكان يقول: أنا ربكم الأعلى، فكان عاقبته أن ينحط إلى قعر البحر.
ثم انظر كيف كان هلاكُه وجنودِه على مرأى من المؤمنين، لتحصل مع نعمةِ إهلاك العدو نعمةٌ أخرى، وهي النظر إلى هلاكه؛ ليشفي صدور المؤمنين.

وفيها: أن الابتلاء سنة الله في عباده؛ ليمحصهم ويطهرهم {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ المُنَافِقِينَ} [العنكبوت:11] ونحن نرى في هذا العصر، كيف يتسلط اليهود على المسلمين في فلسطين يسومونهم سوء العذاب، ولا زالت وسائل الإعلام المختلفة تنقل لنا هذه الأيام اقتحامات المستوطنين للمسجد الاقصى و الحصار الغاشم الآثم، و حرب الإبادة الجماعية لإخوتنا في غزة، والغارات الأخيرة على القطاع، وسط تفرج فاضح وتخاذل مهين من دول العالم كله.

وفي القصة فضل التوحيد في الملمات وتفويض الأمر إلى الله وحده {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:62]. تقول للمسلم تذكر أن الله معك يسمع ويرى، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء {فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًا} [مريم:84].

معلومات الموضوع

الوسوم

  • الأنبياء
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
    صحفية في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "السبيل" اليومية الأردنية في قسم الشؤون المحلية والتحقيقات. وكاتبة في مجلة "الفرقان" التابعة لجمعية المحافظة على القرآن الكريم / الأردن؛ في الشؤون الأسرية والتربوية. وتكتب بشكل متقطع في العديد من المجلات العربية منها؛ البيان؛ الفرقان الكويتي؛ وأجيال السعودية إلى جانب العديد من المواقع الإلكترونية.

    شاهد أيضاً

    من عوامل ثبات أهل غزة

    قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …