نشر موقع "أورينت" المحسوب على المعارضة السورية، تقريراً مطولاً بعنوان "في الميزان السياسي والثورة السورية: حماس مع من؟!"، حيث بحث التقرير الذي نزل في زواية "ملف الأسبوع" موقف حركة "حماس" منذ بداية الثورة السورية وحتى اللحظة، خصوصاً في ظل تصريحات الحركة الأخيرة، التي نعت فيها عناصر حزب الله الذين قتلوا على الأراضي السورية.
واستعرض التقرير مواقف الحركة المؤيدة للثورة السورية، بدءاً من خروج الحركة من سوريا، ومروراً بخروج نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أحد منابر القاهرة، ليعلن مناصرته ودعم الحركة للثورة السورية، وليس انتهاءاً بكلمة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل التي قال فيها: إن من حق الشعوب الانتفاض من أجل حقوقها.
وأكد التقرير الذي بدا "موضوعياً" إلى حد كبير، أن السوريين لا يمكنهم العتب على حماس من موقفها الأخيرة بقسوة، كونهم يعرفون تماماً ظروفها، وأنه يحسب لحماس إغلاق مكاتبها في دمشق بداية الثورة، وأن تعاطف حماس مع حزب الله بعد عملية مزرعة الأمل في القنيطرة، أمر طبيعي ومفهوم، إذ لا تزال اسرائيل هي العدو الأول وربما الوحيد للحركة.
وأشار الموقع السوري أن اللافت أن هنية خص الحزب، ولم يتطرق للأسد وجماعته، على الرغم من أن الاعتداء على الأراضي السورية، كذلك من الملاحظ إشارة هنية الواضحة إلى ضرورة أن تحصل الشعوب العربية على كامل حقوقها، لتقف خلف خيار المقاومة، وهو ما يؤكد أن الحركة لم تغير موقفها من النظام السوري.
واستبعد التقرير عودة علاقة "حماس" إلى طبيعتها مع نظام الأسد، بسبب حساسية موقف "حماس" ذاته، التي لا تستطيع تجاهل أن إعادة العلاقات مع النظام، يؤثر سلباً ليس على سمعتها في الشارع العربي وحسب، وإنما على علاقتها بداعميها الأساسيين اليوم، والمتمثلين في تركيا وقطر، والمعروفتين بموقفهما من الأسد ودعمهما للمعارضة، وبالتالي لا يعول على إمكانية نجاح محاولات نصر الله لإعادة حماس لسوريا.
وتطرق التقرير لرؤية أحد أعضاء الإخوان المسلمين السوريين "ملهم الدروبي"، الذي أكد أن "حماس" تعاملت بحكمة مع الملف، وأنها تريثت قبل اتخاذ موقفها من الثورة السورية، وحاولت مسك العصا من المنتصف لسنة ونيف من انطلاق الثورة، وذلك لأسباب تخص وجود جالية فلسطينية كبيرة في سوريا، لكنها لاحقاً وبعد أن أصاب الفلسطينيون ما أصاب السوريون، كان موقفها مشرفاً.
لكنه أشار إلى أن مشكلة حماس أنها بين مطرقة الدعم الإيراني لهم، وسندان الظلم الأسدي عليهم، وهو ما أجبرها على التناقض الذي أصبح عصياً عن التفسير والتبرير، وتجلى هذا الأمر باضطرارهم للتعزية في مقتل أفراد من حزب الله والحرس الجمهوري الإيراني، رغم أنهم قتلوا في غارة إسرائيلية في القنيطرة السورية!
وعلى الرغم من تأكيد التقرير على التفهم الواضح من الشارع السوري لتصرفات "حماس" السياسية، إلى أن التقرير شكك بتأثر "حماس" بالخروج من سوريا، فالحركة أكدت خلال حرب غزة الأخيرة أنها "قوة ضاربة"، وأثبتت أن إدعاءات النظام السوري بدعمها، مجرد بدعة لا مكان لها على الأرض، فهي خاضت حرباً شرسة مع "إسرائيل" بظروف أصعب وأقسى من ظروف الحروب الأخرى التي خاضتها، سيما بعد تغير دور مصر وإغلاقها لمعبر "رفح".
ولفت التقرير إلى التناقض والاختلاف العقائدي بين حماس وحزب الله، الذي لم يمنع نشوء العلاقة بينهم، فعندما طردت "إسرائيل" أبرز قادة حماس من غزة إلى لبنان، استقبلهم حزب الله حينها في مخيم مرج الزهور.
ولكن حماس بحسب التقرير أعطت رسائل واضحة أنها لا تساوم على عقيدتها، فعلى الرغم من استضافة حزب الله لقادتها، إلا أنها قامت بتسمية المخيم الذي أنشأه حزب الله باسم مخيم "ابن تيمية"، وهو عالم إسلامي يكرهه الشيعة والنظام السوري على حد سواء، حيث قام مؤخراً النظام السوري بهدم قبره في حي "البرامكة" في دمشق.
بيد أن الطرفين ظلا متعايشين مع التناقض العقائدي بينهما، بل تكثف التعاون بين الجناحين العسكريين للحركة والحزب، حتى تكونت مصلحة مشتركة بينهما، وكذلك مصلحة مشتركة بين حماس وايران، متمثلة لهذا اليوم أن حماس ورقة قوة بيد ايران في مواجهة "إسرائيل"، وأن ايران ورقة بيد حماس لفك الخناق عليها من الناحية السياسية، وكذلك من الناحية المالية، وهو ما يثبت أن حماس لا تساوم على المبادئ وتتقن لعبة "السياسة".
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- موقع "المصيدة" الإخباري