استثمار حماسة الشباب .. وسائل وعوائق

الرئيسية » خواطر تربوية » استثمار حماسة الشباب .. وسائل وعوائق
طلاب-جامعة-الأزهر

الشباب عماد الأمم وقاعدتها المتينة التي تنهض بها، فهم القوة والانطلاقة والاندفاع والحركة، هم المستقبل والأمل؛ لذلك أعطت الأمم الشباب عناية خاصة، ولعل أعظم ما يتميز به الشباب تلك الحماسة المتوقدة؛ التي تجعلهم كالبركان الثائر الذي له طاقة عجيبة. إذا استغلت نفعت، وإذا أُهملت أهلكت وأضرّت، وما حصل في وطننا العربي من ثورات وانتفاضات قادها الشباب، نابع من هذا العاطفة الهياجة.

فما هي إيجابيات الحماسة وسلبياتها؟ وماهي معوقاتها عند الشباب؟ وما هو السبيل لاستغلال هذه الطاقة استغلالاً إيجابياً؟

الحماسة "سلاح ذو حدين"

إنّ من أعظم إيجابيات الحماسة تلك الطاقة الهائلة المتولدة عند الشباب للعمل والإنجاز، بالإضافة للهمة العالية النابعة عن هذه العاطفة، فلا يرضى الشباب بالدون، وأضف لذلك: الشجاعة والانطلاقة دون تردد، علاوة على التحدي والإصرار المتجذر لدى الشباب.

"إذا لم يستغل حماس الشباب استغلالاً جيداً ويضبط بالمنهج السوي؛ فقد ينقلب إلى تهور واستعجال، مما يجلب الويلات والمآسي على الدعوات"

إلا أنّ هذا الحماس إذا لم يستغل استغلالاً جيداً ويضبط بالمنهج السوي؛ قد ينقلب إلى تهور واستعجال، مما يجلب الويلات والمآسي على الدعوات، فكم من شاب متحمس متهور لا يحسب حساباً لكلامه أو أفعاله أضر بالدعوة وأغلق أبواباً مفتوحة وشوه صوراً وأفكاراً، وقد ينقلب الحماس إلى غلو وتطرف وتشدد، فتذهب طاقة الشباب في إهلاك الحرث والنسل.

معوقات الحماسة والانطلاق عند الشباب

مع الإيجابيات العظيمة المتولدة عن الحماسة، إلا أن هناك معوقات تحول دون استغلالها أو ربما قتلها في نفوس الشباب، وقد تقود بعض شباب الأمة إلى الخمول والكسل والشيخوخة المبكرة، ومن هذه المعوقات ما يلي:

أولاً: استغلال طاقات الشباب وإبداعاتهم وتوجيهها للمنافع الشخصية والمصالح الذاتية لبعض القيادات والأفراد.

ثانياً: كبت طاقات الشباب بإلزامهم بخطط طويلة الأمد، أو فيها بطء شديد؛ وذلك لضعف القيادة أو كبر سنها الذي يفرض على كل شيء هدوء في الحركة والإنجاز، مما يقضي على الحماسة عند الشباب للعمل، ثم يصطفوا في صفوف القاعدين.

ثالثاً: العقلية التقليدية التي ترفض كل جديد يطرحه الشباب، وتلزمهم بالوسائل القديمة، متجاهلة تغير الزمان والمكان، والحاجة لاستيعاب متغيرات العصر.

رابعاً: الشخصيات الفرعونية أو الديكتاتورية، التي تكبت كل صورة خارجة عن إرادتها وسيطرتها وخاصة إذا كانت من الشباب.

خامساً: عدم الثقة بالشباب، وإبعادهم عن القيادة والمناصب الحساسة، بحجة قلة خبرتهم وعدم أهليتهم.

سادساً: استغلال طاقات الشباب في تصفية الحسابات؛ والنزاعات الداخلية لبعض القيادات في الدعوة؛ مما يهدر طاقتهم ويضيع حماستهم.

السبيل الأمثل لاستثمار حماس الشباب

1- ضبط الحماس بإشاعة الفكر المعتدل، والعقل المستبصر بمآلات الأفعال وعواقبها، فلا تشدد ولا غلو ولا تطرف ولا تهور، وأشار الإمام البنا لذلك بقوله: "ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول، وأنيروا أشعة العقول بلهيب الحماسة".

2- التدريب والتأهيل وصقل مهارات الشباب، وتحفيزهم على اختيار تخصص يتميزون من خلاله، وتوجيههم للإبداع لأبعد حد.

3- استشارة الشباب والأخذ برأيهم إذا كانوا هم الأكثرية، وإن كان مخالفاً لرأي الكبار، كما فعل النبي-صلى الله عليه وسلم- مع الصحابة؛ عندما استشارهم للخروج لمعركة أحد.

" إهدار طاقات الشباب من أهم الأسباب المعيقة للنهوض من السبات العميق الذي تعيشه أمتنا"

4- التدريب على القيادة وتولي بعض المناصب الحساسة، فهم قادة المستقبل، وذلك يستدعي عدم تشبث بعض القيادات والأفراد بمراكزهم وأماكنهم، فمصلحة العمل مقدم على ذلك، ولا أدل على ذلك ما فعله النبي-صلى الله عليه وسلم- عندما جعل أسامة بن زيد على رأس آخر جيشٍ عقد النبي صلى الله عليه وسلم له لواء.

5- المشاركة بالتخطيط للأعمال والمشاريع، فذلك يجعلهم متحمسين أكثر لتنفيذ ما خططوا له، وبذل كل جهد لإنجازه، بالإضافة لتفويض الشباب القيام ببعض الأعمال، والثقة بقدراتهم ومؤهلاتهم.

6- إنشاء هيئات وتجمعات خاصة بالشباب، وإعطاؤهم خصوصية في بعض الأنشطة والأعمال التي تتناسب مع طاقتهم واهتماماتهم، ومراعاة الفروق الفردية بينهم، مما يعزز الأثر الإيجابي للحماس عندهم.

ختاما.. مع غزارة الشباب في عصرنا الحاضر، إلا أن طاقاتهم مهدرة في شتى المناحي والصعد، وأدوارهم هامشية على مستوى الأفراد والجماعات والدول.

وإهدار طاقات الشباب من أهم الأسباب المعيقة للنهوض من السبات العميق الذي تعيشه أمتنا، فكم متحمس للعمل كبتت طاقته وضاعت همته أو وجهت وجهة غير صحيحة، ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة عندما أعطى الشباب حقهم واستثمر حماستهم خير استثمار؛ فكان لهم الدور الأكبر في نهضة أمتنا، حتى قال "نصرت بالشباب".­

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
تربوي وإداري بخبرة تزيد عن خمسة عشر عاماً، حاصل على درجة الماجستير في الفقه وأصوله من جامعة اليرموك في الأردن، مدرس علوم اسلامية وشرعية، بالإضافة للعمل في عدد من المراكز والهيئات التربوية والدعوية المتنوعة، مدرس علوم قرآن وخبرة في تدريس التلاوة والتجويد.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …