السلوك الاستهلاكي والحاجة إلى الوعي (1-2)

الرئيسية » بصائر من واقعنا » السلوك الاستهلاكي والحاجة إلى الوعي (1-2)
لابد أن يكون المستهلك واعياً جدا لسلوكه عند الشراء وعند تقييم الحاجيات ودرجة احتياجها الفعلي لها
لابد أن يكون المستهلك واعياً جدا لسلوكه عند الشراء وعند تقييم الحاجيات ودرجة احتياجها الفعلي لها
لابد أن يكون المستهلك واعياً جدا لسلوكه عند الشراء وعند تقييم الحاجيات ودرجة احتياجه الفعلي لها

منذ نشأة الحياة البشرية المدنية والإنسان يقايض وبمعنى يومنا الحالي يشتري ويبيع، يشتري ما هو بحاجة إليه مقابل ثمن محدد ومعلوم، وليس البيع والشراء في الملموس فقط وإنما قد يشتري الإنسان منفعة معنوية وليست مادية كما قد يشتري خدمة معينة وهكذا.

عملية الشراء تلك سواء أكانت مادية ملموسة أم غير ملموسة توصف بأنها عملية استهلاك، فالمشتري يشتري السلعة بقصد الاستهلاك، وبناء عليه قامت دراسات كبيرة في وصف سلوك هذا المستهلك تجاه اختياره السلعة، ونحن هنا لن نتكلم عمن يشتري حاجاته الأساسية كالخبز والخضروات والمواصلات وغيرها، لكننا سنتكلم عن سلوك المستهلك تجاه الكماليات وكيفية تصرف المستهلك معها، ولتقديم وصف لسلوك المستهلك لا بد من إلقاء نظرة كذلك على سلوك البائع أو بمعنى أصح المروج الذي يروج لهذا المنتج والمنتج هنا يعبر عن الشي المادي وعن الشيء المعنوي كما أسلفنا.

لا شك بأن عملية الترويج تفعل الكثير في نفسية المستهلك، فطريقة الترويج والعرض تقنع المستهلك بأنه بات بحاجة ماسة وملحة لاقتناء هذه السلعة أو الاستفادة من هذه الخدمة؛ علماً بأنه في كثير من الأحيان يكون المستهلك لا يحتاج إلى هذه السلعة بالفعل، وهذا ما تستطيع تسميته "خلق الرغبة" لدى المستهلك أو ربما إثارتها، وبعد حين ستصبح "ضرورة"، وما أن يدمن على هذا السلوك حتى تصبح "حاجة" لا يمكنه الاستغناء عنها بحال، وأبرز مثال قد نستطيع أن نراه حياً أمام أعيننا على سلعة نحن لا نحتاجها وقد لا نفكر فيها إلا أن إيجاد القناعة لتجريبها سيقود إلى الإدمان عليها مثل المسكرات أو الدخان أو المخدرات، فما تحتاجه هو عملية إقناع للشخص بتجربة هذا المنتج، وهنا يكون الترويج وتغيير القناعة مثل أنها تنسي الهم أو تريح البال أو غير ذلك من المرغبات، فمتى ما ارتفع منسوب القناعة لدى الزبون بتجربتها دخلت في مرحلة الرغبة، وبعد أن يجربها لأول مرة ستتجدد الرغبة إلى أن تصبح تشكل بالنسبة له ضرورة فحاجة.

إذاً فالموضوع ابتداء يأتي من حيث الترويج وأحياناً يكون بالفضول وحب الاستطلاع، ولكن بالغالب يكون الترويج هو الباب الأول للرغبة، وكثير من الأحيان يكون الترويج من قبل صديق وليس من مروج أو مسوق، فثناء شخص أمامنا على سلعة معينة تهيج في دواخلنا رغبة في التقليد والاقتناء لهذه السلعة وهكذا، وقد يكون العرض للمنتج هو أحد أهم أسباب الإغراء مثل ما نراه في الأسوق الضخمة "المولات"، فإذا دخلت لمثل هذه الأسواق لشراء سلعة محددة؛ فإن جولة واحدة في السوق كفيلة بأن تجعلك تملأ سلتك بالسلع التي قد تكون لست بحاجة لها فعلاً، وكي لا تقع المغالطة هنا نحن نتكلم عن شراء سلع نحن لم نكن في حاجة لها ابتداءً، أي أن الذي جعلني أرغب باقتنائها دخول عامل خارجي مثل الترويج على سبيل المثال، فنحن هنا لا نتكلم عمن يريد شراء سلعة لسبب حاجته لها مثل سيارة أو حاسوب أو ربما صنبور ماء تلف في المنزل.

وفي هذا الباب وحتى لا تقع فريسة للمروجين انظر جيداً إلى السلعة، واسأل نفسك الأسئلة التالية:
• ما هي حاجتي لهذه السلعة؟
• ماذا يمكن أن يحصل لو أنني لم أقم بشرائها؟
• ما هي منفعتها مقارنة بسعرها؟
• هل يوجد بديل أرخص منها يحقق نفس الغاية؟

"الشهوة الاستهلاكية: هي الرغبة في اقتناء الأشياء أو الاستفادة من خدمات ما، بغض النظر عن حاجتنا لها"

أما بالنسبة لسلوك المستهلك نفسه فهنا لا بد من توضيح عدة نقاط لدى المستهلك، وهي أن يكون المستهلك واعياً جدا لسلوكه عند الشراء وعند تقييم الحاجيات ودرجة احتياجه الفعلي لها، فعلى سبيل المثال أغلب العوام الذين اشتروا الأدوات التكنولوجية لم يستخدموا بالغالب من قدرات هذه الأجهزة وخياراتها الكثير منها بل إن منهم من انتهت حياة جهازه وهناك من البرامج داخل جهازه وبعض الإعدادات التي تقدم له خدمة معينه والتي كانت سبباً في الأصل بارتفاع سعره لم يُفَعّلها مطلقاً بل ولم يكن يعلم لماذا هي وما هو دورها، أي أنه كان يستطيع أن يشتري أداة توفر له حاجته كاملة بسعر قد يقل عن نصف الأداة التي اشتراها.

وهنا يطرأ عندنا مفهوم جديد وهو :"الشهوة الاستهلاكية" وهي الرغبة في اقتناء الأشياء أو الاستفادة من خدمات ما، بغض النظر عن حاجتنا لها، فالكثير عندما يدخل ليتسوق مثلاً من سوق للكاميرات وبعد جولة في السوق يذهب ليختار الكاميرا الأكثر كفاءة والأكثر خيارات ومواصفات أو ما تسمى بكاميرا المحترفين، بينما هو هاوٍ لا يستحق أن يحمل أكثر من كاميرا عادية عدا عن أن تكون شبه احترافية، ولكنها الشهوة الاستهلاكية لديه تدفعه لفعل ذلك، ومما يزيد الأمر تعقيداً هو الأسعار حيث إنه يبدأ يقارن بطريقة خاطئة عند كون الأسعار متقاربة بين الكاميرات، فعلى سبيل المثال يرى كاميرا عادية وهي تخدم احتياجاته بسعر يقارب 300دولار، بينما الكاميرا شبه الاحترافية تكون بقيمة 450دولار، أما الكاميرا الاحترافية فتكون بسعر 600-700دولار، فيقارن بين سعر الكاميرا شبه الاحترافية والاحترافية فيتكون في ذهنه أن الفارق المادي بسيط مقارنة بالمواصفات علماً بأنه لا يحتاج لكليهما.

إن السلوك الاستهلاكي فيما سبق هو البحث عن إشباع الرغبة رغم عدم حاجتنا للسلعة وقد يدخل هذا في باب الإسراف وربما الترف؛ بعيداً عن الوضع المالي بالنسبة للمستهلك، فالوضع المالي الجيد أو الممتاز لا يبيح لصاحبه أن ينفقه كيف يشاء، وإذا أراد أن يقتني منتجاً ما فعليه بتحديد حاجته للمنتج لا أن يقوم بتكييف نفسه بحسب المنتج.

معلومات الموضوع

الوسوم

  • المال
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    من عوامل ثبات أهل غزة

    قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …