مسؤولية الفرد بين الالتزام والتقصير

الرئيسية » بصائر الفكر » مسؤولية الفرد بين الالتزام والتقصير
0001332_600

المدخل

قرَّر ديننا الحنيف مبدأ المسؤولية، وحمّل كلّ فردٍ من أفراده مجموعة من المسؤوليات التي تتفق مع موقعه وقدراته وإمكانياته؛ فحين يمارس الفرد مسؤوليته بالتزام وإيجابية يملك مفتاح السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة، وهو في ذلك يقدّم القدوة الحسنة والنموذج الأمثل في الأداء الإداري الرّاقي والتعامل الإيجابي مع الناس، ممّا يحفّز الآخرين في المؤسسة أو المجتمع للتنافس في الإبداع والتميّز.

كما أنَّ للتقصير في أداء المسؤولية على أكمل وجه عواقب وخيمة على الفرد والمؤسسة، لذا نجد أنَّ الشريعة الإسلامية حثّت الأفراد على إتقان العمل، وأنَّهم مؤتمنون على أدائه وحسن إدارته، فقال المولى سبحانه : {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} .[التوبة:105].

عشارية الأداء الناجح للمسؤولية

1- رِواءٌ من المَعين: في تدبّر كتاب الله سبحانه ودراسة السنة والسيرة النبوية معينٌ صافٍ لمعرفة واجباتك وحقوقك، وحدود مسؤوليتك، وطرائق تعاملك مع الناس، فلا تتوان في النهل منها، فإنّه معينٌ لا ينضب.

2- أخلص ثمَّ توكّل: إخلاص العمل لله والتجرّد في أداء المسؤولية والتوكّل على الله سبحانه وتعالى سرّ النجاح والتوفيق، وحصول الطمأنينة وكسب الرّضا.

3- المعرفة طريقك: فمعرفة تفاصيل المسؤولية المنوطة بك في إدارة عملك مهمّة جداً في تحقيق التفاعل الأمثل، وإيجاد الطرائق المناسبة لتحقيقها على أكمل وجه.

"تجديد أساليب التعامل مع مسؤولياتك طريق النجاح فيها، والركون إلى الروتين والرتابة يقتلان روح المسؤولية"

4- لا تقتل روح المسؤولية: تجديد أساليب التعامل مع مسؤولياتك طريق النجاح فيها، والركون إلى الروتين والرتابة اليومية يقتلان روح المسؤولية، فجدّد دماءها بشكل يوميّ.

5- الواجبات أكثر من الأوقات: فلا تشغل نفسك بسفاسف الأمور وصغائرها وأنت على رأس مسؤوليتك، وركّز في الأولويات، ولا تؤجّل المسؤوليات فتتراكم ويحصل الإهمال والتقصير.

6- حبُّ العمل يُثمر: التعاطي مع المسؤولية بروح إيجابية والرّغبة في أدائها بحب سبيل لتحسين الإنتاج والمردودية في العمل، فأنت من يصنع الإنجاز.

7- إثراء وتجربة: كلّما تبذل جهداً في أداء عملك وتبدع في إنجازه وتسخّر وقتاً إضافياً للأداء والتطوير أنت تقدّم لنفسك معرفة أوسع وإثراءً لتجربتك وتفتح لنفسك أفاقاً أرحب.

8- احذر أعداء المسؤولية: فتورُ الهمّة والضَّجر والملل والكسل أعداء حقيقيون للمسؤولية، يمنعون صاحبها من أداء مهامها وحقوقها.

9- روح الفريق: الروح الجماعية في إنجاز المسؤوليات تساعد على التخفيف من ثقلها، وعلى الإبداع في إنجازها، وعلى الشعور بالمسؤولية في تحقيق مهام مشتركة تقرّب الأهداف البعيدة .

10- الصدر الرّحب: تقبّل النقد والنصح والتوجيه من مسؤولك بصدر رحب وابتسامة ملؤها الاحترام، ومقابلة الناس من هم ضمن مسؤوليتك بقلب سليم وبشاشة وجه عوامل مساعدة على النجاح في أداء المسؤولية.

الثمار الثمانية لالتزام الفرد بالمسؤولية

لا شكّ أنّ التفاني والالتزام في أداء المسؤولية له نتائج وآثار إيجابية على الفرد والمجتمع والمؤسسة، فمن بين هذه الآثار نختار سبعاً من الثمار :

"أسعد الناس الذين يشعرون براحة تجاه أنفسهم وهم يؤدون مهامهم على أكمل وجه"

الأولى: تعزيز ثقافة الإبداع والتجديد في ممارسة الإدارة، وإغلاق الباب في وجه الفوضى والارتجال.

الثانية: فتح آفاق واسعة على مجالات الخير وخدمة النّاس، تطبيقاً لحديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: ((من مشى في حاجةِ أخيه حتى يثبتها له أظله الله عز وجل بخمسةٍ وسبعين ألف ملك يصلون عليه ويدعون له إن كان صباحاً حتى يُمسي وإن كان مساءً حتى يصبح ولا يرفع قدماً إلاّ حطّ الله عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة)).

الثالثة: المزاوجة بين النظرية والتطبيق وإحداث التطابق بين الأفكار والسلوك، فميدان القول يتحقّق ويترسّخ لدى الفرد حين يمارس ميدان الفعل والتطبيق من خلال الالتزام بأداء المسؤولية بإخلاص وتفانٍ.

الرّابعة: تمتين خلق الالتزام في أداء الواجبات نحو الله سبحانه أولاً في السرّ والعلن، ونحو الأفراد بالخدمة وإنجاز المعاملات ونحو المؤسسات في أداء المهام بمسؤولية.

الخامسة: إظهار القدوة الحسنة والنموذج الأمثل في الأداء الإداري الرّاقي والتعامل الإيجابي مع الناس، ممّا يحفّز الآخرين في المؤسسة أو المجتمع للتنافس.

السادسة: تحفيز ثقافة تحمّل الأعباء لدى الفرد وتجعله صاحب مواقف وإرادة قويّة ودرّبه على اتخاذ القرارات الصعبة، وصقل مواهبه للتحرّك نحو الأهداف المسطّرة.

السابعة: مفتاح السعادة هو القدرة على تحمّل المسؤولية والالتزام بها، فأسعد الناس الذين يشعرون براحة تجاه أنفسهم وهم يؤدون مهامهم على أكمل وجه، وتلك ثمرة يانعة من ثمار الالتزام بالمسؤولية.

الثامنة: الثواب الأخروي حاضر في الالتزام بالمسؤولية، فبقدر تحمّل أعباء المسؤولية وتحمّل تكاليفها في الدنيا تتحدّد مستويات الثواب والعقاب في الآخرة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

هل يصح الشك بوابة لليقين؟ (2-2)

سبق في الجزء الأول بيان منشأ مذهب الشك على يد الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت، وآثار …