من قال بأن "عقيدة المخلّص" حكرٌ على اليهود والنّصارى أو حصرٌ على الشيعة ؟!
لا.. لا ؛ إنها شديدة الرواج حتى عند بعض "أهل السنّة"..
في الحقيقة لا أعلم السبب الواقف وراء شيوع تلكم العقيدة بالضبط ، أهو "روح التشرب" بين العقائد والأديان؟!
أم السبب هو أن هذه العقيدة مريحة لأصحابها؛ حيث تُعفيك من مسؤولياتك تجاه واقعك وتريحك من عناء الفاعليّة في تغييره؛ فترمي كلّ الأعباء على "المخلّص المنتظر"، لا سيّما وقد تثاقلت عليك الجروح وناءت بأُمّتك المصائب!
وبعقد مقارنة بسيطة بين بعضنا وبين شركائهم في "عقيدة المخلّص"، نجد بأن "المخلّص" يأخذ نمطاً واحداً عند النصارى هو (يسوع) ، وواحداً عند اليهود هو (الماشياح)، وواحداً كذلك عند الشيعة الإمامية هو (المهدي)، أما عند بعضنا من أهل السنة فللمخلّص أنماطٌ متعددة وصورٌ شتى تلتقي جميعها في "الأثر السلبي" الذي تتركه في سلوك معتنقها؛ حيث تجعل منه إنساناً "متواكلاً فوق العادة"،"مستسلماً لثقل الواقع".
تخيّلوا- بالله عليكم- أن يؤجل بعضُهم توبتَه والتزامه بتعاليم الدين لحين قيام "الخلافة الإسلامية"!
فالخلافة – وفق هؤلاء - هي المخلِّص، المخلّص حتى من معاصيهم.
ولطالما تساءل آخرون:
أتقوم الخلافة الإسلامية قبل "المهدي"؟ أيكون تحرير الأقصى قبل المهدي؟
وحيث وجدوا من أصحاب الّلحى والعمائم من يربط هذه وتلك بظهور المهدي، فالركون للدَّعة والاستسلام للواقع هو الخيار لا غير.
والمهدي في حسّ هؤلاء هو "المخلّص"، وحيث الأمر كذلك فلا غرابة أن تراهم يسْخَرون ممن يجِدُّ في نصرة دينه وقضيته؛ فوفق مفهومهم أن تلك الجهود مبددة ولا طائل منها ما دام "المخلّص" لم يأتِ بعد!
هنالك صنفٌ آخر ينتظر مخلّصاً من نوعٍ آخر، مخلّصاً يرتطم بالأرض فيعيد لها توازُنها القيَمي، نعم ينتظرون "مذنّب هالي" بفارغ الصبر؛ ليخلط الأوراق ويعيد الأمور إلى نصابها ويقيم العدل.
فارتطام "مذنب هالي" بالأرض مخلصهم، كما كان "فيضان النيل" مخلّصاً للمصريين القدامى، فأنعم وأكرم به من مخلّص.
ولا أخالكم – طبعاً- ما سمعتم بأولئك العباقرة الذين لم تنطل عليهم إلى اليوم كذبة موت "صدّام حسين". وكيف يكون قد مات، وهو الذي يرون صورته تتلألأ على القمر بين الفينة والأخرى!!
وهكذا تتنوع صور "المخلِّص " . . . وهكذا يجافينا الخلاص!!
ولعل المفارقة واضحة بيننا وبين شركائنا في "عقيدة المخلّص من حيث تعاطي كل منا معها؛ حيث نجدهم يأخذون بكل الأسباب ويهيئون كل الظروف لمجيء "مخلصهم"، ليأتي هو بدوره ويقص الشريط، ليقصّ الشريط فحسب!
أما نحن فنؤجل كل ما يجب علينا فعله ونراكمه لحين قدوم "المخلص الأسطورة"، ومن ثم قيامه بكل شيء وبأثرٍ رجعي!!!
نعم لعل بعض ما ذكرته – كالمهدي - سيأتي فعلاً أو يقع، ولكننا نحن من نحوّل "الحقائق" إلى "أساطير" بالكيفية المختلة التي نتعاطى فيها معها، لأن عقولنا ألِفت "الآكشن"، وتفكيرنا كثيراً ما يجنح نحو المريخ!
وعلى العموم، فإن ما نستطيع أن نجزم به بالنسبة لـ "مهدي السنة" أنه لن يكون أسطورةً أو "سوبرمان" أو خارقاً لنواميس الكون!
بالمناسبة: أين عقول الروافض إذ ينتظرون خروج المهدي من السرداب؟
بالفعل إنَّ عقولهم مسردبة، وإن هِممهم خائرة، أما بعضنا فما شاء الله!!