فطاني: أفراحُ المسلمين في شهر رمضان

الرئيسية » بصائر من واقعنا » فطاني: أفراحُ المسلمين في شهر رمضان
11653251_10152975310222896_1023320586_n
بقلم : نظري أبو الخير - نائب رئيس مؤسسة البركة لرعاية المجتمع والتعليم – فطاني

بفضل الله ومنّته أن أتمَّ علينا نعمته حتَّى بلغنا شهر رمضان المبارك شهر الصيام والقيام وشهر الرَّحمة والمغفرة المملوء بالخير والبركة .
ففي مثل هذا الشهر يفرح المسلمون في جميع أنحاء العالم لبلوغهم به، وهو الذي فيه خير من ألف شهر، وهو الذي يتمنّى كل مسلم أن يخرج منه مغفورَ الذنوب غانماً سالماً.

وبما أنَّ هذا الشهر له خصوصيته لجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أحببت أن أقدّم لكم زاوية من زوايا العالم الإسلامي لبلد صغير في جنوب شرق آسيا والذي قد لا يعرفه كثير من الناس أنَّ هناك بلداً إسلامياً صغيراً يتجمع فيه المسلمون حوالي 4 ملايين نسمة، يقع ما بين دولة تايلند البوذية وماليزيا الإسلامية، وهذا البلد اسمه "فطاني".

وقبل الحديث عن أجواء رمضان وأوضاع المجتمع في هذا البلد بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، وددت أن أعرفكم به تعريفاً مختصراً لتكوين الخلفية عنه .

11655223_10152975310107896_393825988_n
من مظاهر الإفطار الجماعي في شهر رمضان - فطاني

معلومات عن فطاني:

"فطاني" كانت دولة إسلامية مستقلة تقع في شبه جزيرة ملايو في جنوب شرق آسيا بين تايلند وماليزيا وبجوار إندونيسيا وسنغافورة وبروناي وفلبين، وشعبها من عرق ملايو وقوميتها ملايوية كما الشعب الماليزي وإندونيسي، حيث دخلها الإسلام في القرن الخامس الهجري عن طريق تجار العرب المسلمين، ثم احتلتها حكومة تايلند عام 1902 بعد حروب خسرت فيها فطاني، وجعلتها ولاية تابعة لها حيث تدير شؤونها من قبل الحكومة المركزية، وبعد احتلالها لم تهدأ الأوضاع في هذا البلد، حيث تراكمت المشكلات بسبب سوء الإدارة وغياب العدالة وانتشار الفساد وعدم تفاهم الحكومة التايلندية البوذية عادات المسلمين وثقافاتهم ولغتهم، ومازالت المشكلة مستمرة حتى الآن، إلاَّ أنَّ هناك محاولات من جهات عديدة من أجل إيجاد حل سياسي لإنهاء النزاع المسلح فيها، غير أنّها لم تكن موفقة بعد .

والآن سأبدأ بالحديث عن الأجواء الرمضانية في هذا البلد:

11653251_10152975310222896_1023320586_n
للإسلام في فطاني جذور راسخة يتوارثها الأجيال

قبل أيام ترقب المسلمون الفطانييون دخول شهر رمضان بجو من السرور والسعادة، حيث تمَّ تنظيف المساجد وتزيينها لاستقبال هذا الشهر المبارك، وإعداد أماكن مخصّصة في أكثر مساجدها من أجل مشاركة الصائمين لبرنامج الإفطار الجماعي، وكذلك افتتحت الأسواق الرمضانية المخصّصة لهذا الشهر الكريم في مختلف مناطق البلاد.

وبداية الفرح المعروف لدى أهل المنطقة قبل دخول رمضان هو يوم يجتمع فيه المسلمون في مختلف مناطق فطاني لحضور وقفة مشاهدة هلال رمضان في منطقة "جاها" ضمن ولاية جالا الفطانية، وهي عبارة عن منطقة جبلية مرتفعة أعدت لرؤية مواعيد الأهلة بإشراف المجالس الإسلامية فيها، حيث تجمع فيها مئآت من أهاليها لمشاهدة هلال رمضان بجو من السرور والفرح وكأنّه مراسم خاصة لهم، وفي حال تمَّ مشاهدة هلالها يعلن المجلس الإسلامي ذلك .

أجواء رمضان:

وأمَّا أجواء رمضان في فطاني قد نرى تميّزاً عن الأيام العادية، ونرى اختلافاً كبيراً عن المناطق التايلندية البوذية، حيث نجد أنَّ المطاعم التي تفتح أبوابها في الصباح الباكر قد أغلقت، وحركة أسواقها تتنشط، سواء كانت محلات للأغذية أو الألبسة أو غيرها، وخاصة من بعد الظهر نجد أن أسواق رمضانية تكون مكتظة بزبائنها الذين يأتون لشراء حاجيات وطعام الإفطار .

11652090_10152975310152896_278669962_n
للمرأة المسلمة في فطاني حضور متميّز ونشاطات متعدّدة

وأمَّا ممارسة الحياة فتكون طبيعية، ونجد أنَّ المدارس التي يتعلم طلابها بنظام الكتاتيب أي التعليم بالتلقي تكون في حالة إجازة خلال شهر رمضان كاملة، (هذا وللإفادة أن المدارس التي تعلم طلابها بنظام الكتاتيب كانت منتشرة جداً في فطاني، حيث توجد فيها مئآت المدارس، منها ما هو كبير حيث تستوعب طلابها الآلاف، ومتوسط تستوعب المئآت، وصغير تستوعب العشرات).

أمَّا المدارس الحكومية فتمارس دوامها الطبيعي، لكن هناك أعداد كبيرة من المدارس الإسلامية الأهلية الخاصة في فطاني، خفّفت ساعات الدوام فيها، وأغلب هذه المدارس تجعل إجازتها الخاصة في العشر الأواخر من رمضان، وذلك من أجل الاعتكاف وأداء العبادة كاملة في تلك الأيام الفضيلة.

وفي رمضان تفتح أبواب المساجد ليلاً ونهاراً لاستقبال القائمين ليلها وصائمين نهارها، ونجد أنَّ مساجد المدينة تشهد إقبالاً مميّزاً من قبل المصلين وخاصة في صلاة التراويح رجالاً ونساءً، وهناك برامج دينية وتربوية أقامتها المجالس الإسلامية بمناسبة شهر رمضان للإرشاد والتوجيه عبر الإذاعات المرئية والمسموعة، وكذلك تقام دروس دينية وحلقات قرآنية مخصّصة في مساجدها خلال شهر رمضان المبارك.

صعوبات ولكن..

وقد يواجه المسلمون الصعوبات في بعض مناطق البلاد في الأمور المعيشية والحياة اليومية بسبب وجود النزاع المسلح بين الحكومة التايلندية وحركات تحرير فطاني وشبه الحصار العسكري للمنطقة، إلاّ أنَّ الشعب الفطاني المسلم لم يستسلموا يوماً في أداء مهامهم من أجل إبراز شعائر الإسلام في هذا البلد المسلم الصغير.

أخيراً..

أدعو الله عزّ وجل أن يفرّج عن المسلمين في كل مكان ويوفقهم لما يحبه ويرضاه، وأن لا يخرجنا من شهر رمضان إلاّ مغفور الذنوب ومرحوماً، إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، والحمد لله ربّ العالمين.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

من عوامل ثبات أهل غزة

قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …