مسلمو إندونيسيا وإحياء ليالي رمضان

الرئيسية » بصائر من واقعنا » مسلمو إندونيسيا وإحياء ليالي رمضان
ramadan in indonisia
بقلم: تسليم حافظ - مدير بيت التحفيظ

إنَّ شهر رمضان سيّد الشهور كما كان يوم الجمعة سيد الأيام. كفاه عظمة أن الله اختاره من بين الشهور لينزل فيه كتابه إذ يقول (شهر رمضان الذين أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) وجعل لياليه كلها مباركة (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) بل جعل فيه سيد الليالي، ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
ولهذا السرّ نجد المسلمين في كل عصر ومِصر يحتفون بهذا الشهر حفاوة عظيمة، ويرحبون بقدومه ترحبة عجيبة، وتهللت وجوههم سرورا وفرحا به قبل حلوله بفترات طويلة، كيف لا؟ وقد اشتاقوا إليه من يوم فِراقه اشتياق الحبيب العاشق إلى محبوبه، وبكى منهم على فراقه من بكى.
نعم، ربما تتفاوت ظواهر الحفاوة من بلد إلى بلد ومن إقليم إلى إقليم، ولكنها تلتقى في نقطة واحدة وهي "إحياء رمضان بالقرآن"، لِذا أطلقوا على هذا الشهر "شهر القرآن".

ونحن وجدنا في بلادنا من ظواهر الإحياء ما لا يكاد يعرفه العالم الإسلامي، فأحببنا أن نعرفهم بذلك، عساه ينفعهم ويكون لهم أسوة حسنة، فنقول:

قد يُقال، "ليس لدى الشعب الإندونيسي ما قد يُوجد –ولو بقلة- في الدول العربية من صلاة القيام ليلة كاملة من عقب صلاة العشاء إلى ما قبل الفجر،حتى وصلت الختمة في نهاية الشهر إلى خمس أو ست ختمات" فنقول: نعم، ربما لا نجد أو لا نكاد نجد ذلك في بلادنا، ولكن عندنا أنشطة رمضانية تسد هذا الخلل، يعمر بها معظم مساجدنا، وكانت لنا مفخرة ينبغي على العالم الإسلامي أن يعرفها ويتعلمها منا، وهي لا تخرج عن مسمى "إحياء رمضان" فمنها:

ramadan in indonisia - التَدرّس:

وهو مصطلح يتداوله الشعب الإندونيسي يعنون به الحلقة القرآنية تُعقد عقب صلاة القيام مباشرة فيقرأ فيها الناس – أطفالا وشبابا وشيوخا- القرآن على سبيل التناوب، ويصحح بعضهم بعضا. وكثيرا ما يكون بمكبِّر الصوت. وقد تستمر هذه الحلقة في بعض المساجد إلى الفجر، وقد تتوقف في البعض الآخر عند الساعة الثانية عشر ليلا، وفي بعضها هو أقل أو أكثر من ذلك على حسب العرف المعتاد في كل إقليم، ولكن الغالب أن التدرّس يكون بخمسة أجزاء من القرآن الكريم، ويستغرق من الوقت خمس ساعات عادةً.

ذلك بالنسبة للرجال، أما النساء فقد جاء دورهن للتدرّس بعد الرجال، وذلك عقب صلاة الفجر مباشرة، أعني أن بعد صلاة الفجر حلقة قرآنية أخرى تخص النساء، فكنّ أيضا يقرأن فيها خمسة أجزاء من القرآن، أو أكثر من ذلك أو أقل، أيضا على سبيل التناوب.

الصدقة:

لا شك أن الصدقة صورة من صور الإحياء، وهي في رمضان أولى وأعظم تبعاً لعظمة هذا الشهر، وقد أكثر منها رسول الله حتى قال سيّدنا عبد الله بن عبَّاس: كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة.
فعملاً بهذا الحديث كان المجتمع الإندونسي يقدّمون للحلقة القرآنية المعروفة "بالتدرّس" ما تيسر لهم من الأطعمة والفواكه والحلويات وأنواع المشروبات، فكان مَنْ في الحلقة إذا قرأ واحد منهم القرآن سكت الآخرون يستمعون وأيديهم تتناول المأدبة الماثلة بين أيديهم. وإذا فرغ القارئ تمتع هو بالمأدبة وقرأ غيره وظل الباقون يستمعون ويستمتعون وهكذا.
ثم في نهاية الشهر، في آخر الختمات التدرُّسية كانت حفلة عظيمة المأدبة فيها أعظم يُذبح من أجلها الدَّجاجات-وهي أحلى لحوم عندنا- فيدعى إليها الناس خاصة أعضاء التدرّس، فلما اجتمعوا وأذن للمغرب أفطروا جماعة.

المعهد الرمضاني:

هو عبارة عن الدرس الديني المعقود أيام رمضان خاصة، يلقي فيه الأساتذة محاضرة دينية مفيدة. وكثيرا ما يكون في النهار خاصة في الصباح، وينتهي بانتهاء الشهر، وقد ينتهي قبل ذلك فيجعل مكانه نشاط آخر.

هذا وإني لأرجو أن يكون العالم الإسلامي بأسره على هذا النهج وهذا النمط من الإحياء لهذا الشهر الكريم أو أفضل منه.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

من عوامل ثبات أهل غزة

قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …