احفظ نفسك من الوقوع في الفضول

الرئيسية » بصائر تربوية » احفظ نفسك من الوقوع في الفضول
Members of a community welcoming a new member.
Members of a community welcoming a new member.

كانت أمنية ميرفت وهي في ديار الغربة، أن تجد صديقة تؤنس وحشتها وتخفف من آلام البعد عن الأهل والأحباب، فهي تعيش في إحدى الدول الغربية وكل المحيطين بها لا يتكلمون اللغة العربية وهي لم تجد لغتهم بعد.

ملأت السعادة قلبها عندما علمت بقدوم أحد الأقرباء برفقة زوجته للعيش بجوارهم حيث سيكمل تعليمه في الخارج؛ وبدأت العلاقة بينها وبين زوجته تتوطد؛ فقد وجدت كل ما كانت تأمل به؛ رفيقة تخرج معها للتسوق وتتسلى وإياها في إعداد الأطباق والحديث والفضفضة واكتساب الخبرات.

شيء واحد كان ينغص على ميرفت رفقتها؛ فصديقتها تحب أن تعرف كل شيء عن حياة ميرفت؛ ولا تجد حرجاً في السؤال عن التفاصيل، ميرفت ترى أن لا شأن لصديقتها في معرفة كل شيء عن خصوصيات البيت والعائلة؛ وعندما أعربت لها عن انزعاجها غضبت وأجابتها: أنا أريد الاطمئنان عليكِ فقط! فلماذا تظنين بي السوء!

هل الاطمئنان على الآخرين يتطلب معرفة كل تفاصيل حياتهم؟!

أمر مكروه

د. محمد الطرايرة: من المباح سؤال الآخرين عن أحوالهم وأخبارهم، دون زيادة في البحث وتتبع التفاصيل، فهو من الأمور المكروهة
د. محمد الطرايرة: من المباح سؤال الآخرين عن أحوالهم وأخبارهم، دون زيادة في البحث وتتبع التفاصيل، فهو من الأمور المكروهة

يعرف الدكتور محمد الطرايرة أستاذ الشريعة في جامعة البلقاء التطبيقية الفضول بأنه تتبع أخبار وأحوال الآخرين؛ وذلك يكون من خلال الأشخاص أنفسهم بسؤالهم؛ فمن المباح أن أسألك عن حالك وأخبارك دون زيادة البحث وتتبع التفاصيل لأن هذا مكروه خاصة إن تسبب بضيق للآخرين، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال" (رواه البخاري).

ولأهل العلم في كثرة السؤال محامل متعددة منها، طلب المال من الناس، ومنها كثرة طلب أخبارهم والحرص على معرفة كل صغيرة وكبيرة في حياتهم وهذا مما لا ينصح به.

ويضيف الطرايرة بأن هناك من ينتهج سلوكاً آخر في تتبع أخبار الناس وخصوصياهم وذلك من خلال سؤال الآخرين والتجسس والتحسس وهذا مما نهى عنه الله تبارك وتعالى حيث قال في محكم التنزيل: {ولا تجسسوا} وهذا يفيد بأن الأصل أن لا يبحث الإنسان عن أمور الناس المستورة وأن لا يتتبع عوراتهم ولا يبحث فيما لا يعنيه.

مرض وإدمان

يفتتح الدكتور منير عقل الاستشاري في التنمية البشرية حديثه الخاص لبصائر بتعريف حالة الفضول المرضي وهي عاطفة شعورية إدمانية، وقد يستمتع الفضولي بتأمل الصور الأكثر دقة لأشياء تكون رؤيتها أمرًا مؤلمًا له.

د. منير عقل: الفضول يكاد يكون غريزة، أو هواية عند بعض الناس الذين يحبون مراقبة الآخرين، والتوغل في أسرارهم لأسباب مرَضية كثيرة، منها عقدة النقص، أو الحسد.
د. منير عقل: الفضول يكاد يكون غريزة، أو هواية عند بعض الناس الذين يحبون مراقبة الآخرين، والتوغل في أسرارهم لأسباب مرَضية كثيرة، منها عقدة النقص، أو الحسد.

ويشير الدكتور عقل إلى أن الفضول يكاد يكون غريزة، أو هواية عند بعض الناس الذين يحبون مراقبة الآخرين، والتوغل في أسرارهم لأسباب مرَضية كثيرة، منها عقدة النقص، أو الحسد؛ إذ يتوهم هؤلاء أن الآخرين أفضل منهم، فيسعون إلى معرفة أسرارهم، علهم يحصلون منهم على أشياء يفتقدون إليها في حياتهم.

ويؤكد عقل أن الفضول مرتبط بالعامل النفسي عند بعض الأشخاص والتي تسيطر عليهم حالة من الهواجس في العقل الباطني، تدفعهم الى ممارسة كل ما هو ممنوع بهدف التمتع بالاختلاف وكسر الحاجز النفسي مع الشيء الذين يريد الشخص الإقدام عليه.

وبحسب الدكتور منير فإن هناك فضول طبيعي لدى كثيرين يدفعهم لفعل ما يرفضه أو لا يمارسه عامة الناس وهو ما يقودهم إلى مثل هذا السلوك. الذي يرى سواهم أنه مرفوض أو ممنوع. والمسألة تتعلق بمدى تأثير هذا السلوك على الآخرين. باعتبار أن النفس تواقة للمختلف ولغير العادي.

فالمتطفل يعتقد خاطئا أن الفضول والتطفل حقٌ من حقوقه وما هو إلا أمر طبيعي لا يستوجب كل هذه الضجة والرفض، ولا يعلم بأنه مرضٌ وسلوكٌ خطير يهدد استقراره واستقرار الآخرين ويعصف بالسلام والوئام المجتمعي ويهدم صروح السعادة الاجتماعية والحياة الشخصية والعلاقات الإنسانية.

ويعاني الشخص الفضولي من استنفار الحواس إلى جانب شخصية مضطربة، ويكون أبعد شيء عنه الهدوء والاستقرار، لذا تراه يلتفت يمينا ويسارا لعله يحظى بشيء ما من خلال نظراته الحادة والوقحة، ناهيك عن لسانه الذي لا يكل ولا يمل من كثرة الأسئلة والفضول والثرثرة. بالإضافة إلى الطرق السيئة التي يسلكها للتدخل في حياة الناس، فهو يحضر المجالس من دون دعوة، ويتكلم ويحاور ويسأل بالرغم من أنوف الآخرين.

لذلك يجب كبح جماح الفضولي بعدة أساليب؛ لأنها صفة مذمومة رعناء منها:

-تقديم النصح والإرشاد له وتحذيره من مساوئ وأضرار التطفل ومشاكل التدخل في شؤون الغير.

-تعليم الفضولي على تقديس فضيلة ((احترام الخصوصية)) إذ إن لخصوصيات الناس حرمة يجب أن تصان وتحفظ في كافة الظروف والحالات ولا تهتك تحت أي عذر أو مسوغ.

-يجب أن يعلم الفضولي أنه مكروه ومنبوذ وغير محترم من قبل المثقفين وأصحاب الأخلاق الحميدة.

-الفضول صفةٌ ذميمةٌ وظاهرةٌ سلبيةٌ تحتاج إلى علاج وضبط كباقي الأمراض النفسية والاجتماعية.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفية في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "السبيل" اليومية الأردنية في قسم الشؤون المحلية والتحقيقات. وكاتبة في مجلة "الفرقان" التابعة لجمعية المحافظة على القرآن الكريم / الأردن؛ في الشؤون الأسرية والتربوية. وتكتب بشكل متقطع في العديد من المجلات العربية منها؛ البيان؛ الفرقان الكويتي؛ وأجيال السعودية إلى جانب العديد من المواقع الإلكترونية.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …