قال الله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم}، [التوبة:60].
الزكاة ركن من أركان الاسلام، وكلمة الزكاة تعني: التطهر والنَّماء والزِّيادة، وإن إخراج جزء من المال للمستحقين هو زكاة بهذا المعنى، لأن الإنسان يطهر بذلك ماله ونفسه.
كثيراً ما يأتي ذكر الزكاة في القرآن مرتبطاً بإقامة الصلاة. فالقرآن يقرر في كثير من الآيات أن المؤمنين حقاً هم الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة. وكأن إخراج الزكاة اختبار لقوة إيمان المؤمن، وصدقه في طاعة الله.
والزكاة شرعاً: مقدار مخصوص من المال الذي بلغ النصاب، فرضها الله عز وجل للمستحقين الذين سماهم في كتابه الكريم، وقد يعبر عنها في لغة القرآن والسنة بالصدقة كما في قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم} [التوبة:103] وفي الحديث الصحيح قال صلى اللّه عليه وسلم لمعاذ حين أرسله إلى اليمن: (أعْلِمْهُم أن اللّه افترض عليهم في أموالهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم).
مصارف الزكاة
ذكر القرآن أن الزكاة تعطى لثمانية أصناف من الناس، وهم:
الفقراء، والمساكين، والعاملون على جمع الزكاة، والمؤلفة قلوبهم (وهم الذين تدعو الحاجة إلى إعطائهم بعض المال تأليفاً لقلوبهم، ليثبتوا على الإسلام، أو ليدافعوا عنه ويدعوا إليه) وفي الرقاب (وهم العبيد الذين يريدون أن يتحرروا من الرقّ)، والغارمون (وهم أصحاب الديون)، والمجاهدون في سبيل الله، وابن السبيل (وهم المسافرون الذين انقطعوا عن بلادهم وأموالهم).
حُكم الزكاة
الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهي فريضة واجبة بالكتاب والسنة والإِجماع، فأما وجوبها بالكتاب فلقول الله تعالى: {وأقيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكَاةَ} [النور: 56]، ولقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيْهِمْ بِهَا}. وأما وجوبها في السنة فلحديث ابن عباس رضي اللّه عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: "إنك تأتي قوماً أهل كتابٍ، فادعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن اللّه عز وجل افترض عليهم خمس صلواتٍ في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وتُردُّ على فقرائهم.. الحديث".
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسولُ الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا عصموا مني دماءَهم وأموالَهم إلا بحقها، وحسابُهم على الله" رواه مسلم. وقد أجمعت الأمة على أن الزكاة فريضةٌ مستحقة، وأن من جحد ذلك فهو كافرٌ.
وكان قتال أبي بكر الصديق رضي الله عنه للمرتدين الذين امتنعوا عن دفع الزكاة بإجماع من الصحابة الكرام.
"الزكاة فريضةٌ بها يصلح المجتمع، ويُقضى على الفقر، وتعالج المشكلات الناجمة عن الفقر والجوع والحرمان، وبها يتخلص المجتمع من البطالة"
من حِكَم الزكاة
للزكاة حكمٌ كثيرةٌ، فهي ضرورية لإصلاح الحياة الاقتصادية والاجتماعية، حيث تُؤخذ من الأغنياء، وتُدفع للفقراء والمحتاجين، يدفعها الغنيُّ وهو يشعر أنه يؤدي عبادةً لله سبحانه، ولا يمنُّ بذلك على أحد، ويأخذها الفقير أو المسكين المحتاج إليها، وهو يشعر بفضل الله الذي جعل له نصيباً في مال أخيه الغني، فيدعو له بالبركة والخير.
وحين يقدم الغني زكاته فإن الله يرزقه البركة والنماء في ماله وحياته، ويعطيه الأجر العظيم على إنفاقه. وحين يأخذها الفقير المحتاج فإنه لا يرضى أن يكون عالةً على الناس يتلقى صدقاتهم، بل يسعى ليكسب المال ويصبح قادراً على كفاية نفسه وأهله.
الزكاة فريضةٌ بها يصلح المجتمع، ويُقضى على الفقر، وتعالج المشكلات الناجمة عن الفقر والجوع والحرمان، وبها يتخلص المجتمع من البطالة، لأن الغني يعلم أن بقاء ماله مكنوزاً يجعله يتناقص بفعل دفع الزكاة سنوياً، فيقوده ذلك إلى استثمار ماله في التجارة أو الصناعة أو الزراعة..، مما يؤدي إلى وجود فرص عمل جديدة، يستفيد منها العاطلون عن العمل، ويدور المال في الأسواق فيربح ويزداد، وتظهر النتائج الإيجابية الطيبة على المجتمع كله.
وبالزكاة يظهر صدق المؤمن، حين يُنفق جزءاً من ماله تصديقاً بكتاب الله، وطلباً لمرضاته. كما أن تعامل الناس بالزكاة يقود إلى التخلص من الربا وآثاره المدمرة للاقتصاد والمجتمع وحياة الناس، وصدق الله العظيم إذ يقول: {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله، وما آتيتم من زكاةٍ تريدون وجه الله فأولئك هم المُضعفون}، [الروم: 39].