حنيني لـ”بصائر”: الكثير من الأسرى كانوا يختمون القرآن كلّ ثلاثة أيام

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » حنيني لـ”بصائر”: الكثير من الأسرى كانوا يختمون القرآن كلّ ثلاثة أيام
B9VDAJOIYAI9sXz

"عبر منبركم الكريم أتوجّه بتحياتي وسلاماتي إلى إخواني وأخواتي الأسرى الأحرار الذي يقبعون في زنازين وسجون الاحتلال الصهيوني المجرم بكافة فصائلهم الوطنية والإسلامية، وإلى أهاليهم الصابرين المصابرين، وأدعو الله عزّ وجل أن يعجّل بالفرج الكريم عليهم جميعاً"..

بهذه التحيّات بدأ الأسير المحرّر والقيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبد الحكيم حنيني حديثه مع (بصائر)، وهو يتذكّر سنوات الأسر التي عاشها داخل سجون الاحتلال الصهيوني.

الأسير المحرّر عبد الحكيم حنيني (أبو حذيفة) أحد مؤسّسي كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام في الضفة الغربية المحتلة، تعرَّض للاعتقال في 27 أبريل/ نيسان 1993م، وخاض التحقيق لمدة 150 يوماً في سجن نابلس المركزي، وتحرّر ضمن صفقة وفاء الأحرار سنة 2011م.

يروي حنيني في حواره مع (بصائر) أجواء رمضان داخل سجون الاحتلال الصهيوني، وكيف يعيش الأسرى أيام وليالي هذا الشهر الفضيل. كما يروي أبرز إبداعات الأسرى وإنجازاتهم، ويبرز مقوّمات الصمود والتحدّي التي يمتلكها الأسرى في مواجهة السجّان الصهيوني.

حنيني أكّد على ضرورة العمل على تحرير الأسرى ودعم صمودهم من خلال نشر معاناتهم، والدعاء ثمَّ الدعاء المكثّف لهم، وبذل المستطاع لكفالة أسرهم وعائلاتهم، فإلى تفاصيل الحوار:

بصائر: شهر رمضان المبارك، كيف يقضي أيامه ولياليه الأسرى في سجون الاحتلال؟

حنيني: إنَّ معظم الأسرى في سجون الاحتلال يستقبلون هذا الشهر الكريم بالهمّة العالية والاستعداد للعبادات وتلاوة كتاب الله والإكثار من الذكر والدعاء، فالأسير صاحب الهمّة الإيمانية العالية يحيي ليالي الشهر الكريم بالقيام والصلاة والتهجد، وكذلك نجده في نهاره مع كتاب الله ومع ذكر الله سواء كان في زنزانته أو في الساحة.

"الحياة الجماعية داخل سجون الاحتلال شكّلت صمّام أمان في الحفاظ على الأسرى وبقائهم أوفياء لدينهم ووطنهم وقضيتهم"

بصائر: ما أهم ما يميّز الجو الرمضاني داخل سجون الاحتلال؟

حنيني: أهم ما يميّز الجو الرمضاني داخل سجون الاحتلال ثلاثة أمور:

- صلاة التراويح التي تقام في كل الزنازين في نفس الوقت بعد صلاة العشاء، حيث يصليها الأسرى جماعة في كل زنزانة، وفي أغلب الزنازين كانت تصلّى بقراءة جزء من القرآن يومياً.

- تلاوة القرآن الكريم بهمّة عالية، فنظرة إلى الزنازين ترى وتسمع التلاوة، وحمل المصحف في كل الأوقات، فقد كنت أرى الكثير من الأسرى الذين كانوا يختمون القرآن كلّ ثلاثة أيام، وكان بعض أصحاب الهمم العالية يختمون يومياً ختمة كاملة.

- كثرة الصدقات والهدايا بين الأسرى فيما بينهم، فيومياً تجد عند باب كل زنزانة إمّا القليل من حبّات التمر أو "قنينة" عصير، أو طبخة اليوم، وكل ذلك تحت شعار "هدية من متبرّع"، وهذه الأمور يتم شراؤها من "كنتين" السجن.

بصائر: حدّثنا عن الأجواء الإيمانية والتربوية عموماً التي يعيشها الأسرى؟

حنيني: إنَّ ظروف السجن على النفس صعبة جداً، لذلك فإنَّ الذي يقرّر أن يعيش أجواء إيمانية وتربوية هو السجين نفسه، فمن أراد أن يحيا أيام وسنوات اعتقاله كما وصفها العالم المجاهد ابن تيمية: "فإن سجنوني فإنَّ سجني خلوة..."، سوف يجد في أجواء السجن الوقت والظروف المناسبة لذلك، ولاشك أنَّ الحياة الجماعية والعيش ضمن الجماعة هي أيضاً أجواء مشجعة إيمانياً، ومثال ذلك، تخيّل أخي الحبيب عِظَمَ وأجرَ وثوابَ صلاة الجماعة في السجن مدّة خمس عشرة سنة إن أخلصت النيّة..

وأيضاً هناك الكثير من البرامج والدورات التربوية والإيمانية التي ينظمها الأسرى داخل زنزاناتهم؛ مثل حفظ كتاب الله، وتعلّم التلاوة والتجويد، وحفظ صحيحي البخاري ومسلم، ودورات كثيرة في شؤون متعدّدة سواء في العلوم الشرعية أو علوم أخرى.

بصائر: ما هي مقوّمات الصمود التي يمتلكها أسرانا الأبطال؟

حنيني: إنَّ من مقومات الصمود عن الأسرى أمرين مهمّين:

الأوّل: الإيمان والثقة بالله، ثم بعدالة القضية التي سجنوا ودخل الأسرى من أجلها، وهذا يعطي الأسير الدافعية الكبيرة لتحمّل الألم والمعاناة والتعذيب، لأنّه يكون على قناعة تامّة أنَّ ما عند الله خيرٌ وأبقى من هذه الدنيا الفانية، وأيضاً أنَّ عدالة القضية والدفاع عن أرض المسلمين وعن المسجد الأقصى المبارك يستحق كل التضحيات.

الثاني: الحياة الجماعية التنظيمية في سجون الاحتلال، فيد الله مع الجماعة، والمؤمن قويٌّ بإخوانه، ولا يأكل الذئب من الغنم إلاّ القاصية، فالحياة الجماعية التنظيمية داخل سجون الاحتلال شكّلت صمّام أمان في الحفاظ على الأسرى وبقائهم أوفياء لدينهم ووطنهم وقضيتهم.

"حفظ كتاب الله يعد من أبرز إبداعات الأسرى داخل السجون، بالإضافة إلى تأليف الكتب الأدبية والجهادية ودواوين الشعر"

بصائر: استطاع الأسرى تحقيق إنجازات عملية وتربوية داخل السجون، ما هي أبرزها وأميزها إبداعاً؟

حنيني: حفظ كتاب الله تعالى من أبرز إبداعات الأسرى داخل السجون، بالإضافة إلى تأليف الكتب الأدبية والجهادية وبعض دواوين الشعر، أضف إلى ذلك التعليم الجامعي، حيث هناك العديد من الأسرى رغم أنف السجّان وتثبيت حقّهم في التعليم عبر الإضرابات عن الطعام، استطاعوا أن ينهوا دراسة البكالوريوس والماجسيتر.

بصائر: العيش مع القرآن الكريم تدبراً وحفظاً له لذة وحلاوة داخل السجون، هل من قصص لأسرى ترويها لنا في هذا الخصوص؟

حنيني: لا شكّ أنَّ من أنعم الله عليه بنعمة العيش مع القرآن الكريم تلاوة وتدبراً وحفظاً هو في خير عظيم من الله سبحانه؛ وأذكر هنا قصتين لاثنين من المجاهدين أحدهما جاء إلينا في سجن عسقلان وهو لا يقرأ ولا يكتب - وذلك بسبب ظروف عائلته الاجتماعية اضطر أن يعمل وهو طفل صغير ولم يدخل المدرسة – جاء إلى زنزانتي وكان عنده همّة عالية ووقّادة للتعلّم، فكان يجلس مع هذا ساعة، ومع هذا ساعة أخرى، وهكذا حتى تعلّم القراءة والكتابة، وبسبب عملية طعن لأحد ضباط السجن تمّ عزله في سجن انفرادي لمدّة سنة، وعندما التقيته بعدها، تعجّبت عندما طلب منّي أن أراجع معه القرآن لأنه حفظه غيباً عن ظهر قلب.

"إن كنّا في خارج فلسطين يجب علينا لدعم الأسرى الدعاء ثمَّ الدعاء المكثّف لهم، وبذل المستطاع لكفالة أسرهم"

أمّا المجاهد الآخر، فكنت أسمّيه "رجل القرآن" بامتياز، حيث كان يعيش معظم أوقاته مع التلاوة والقراءة وتعليم التجويد والتحفيظ لغيره، حتّى إنّه عندما يخرج إلى ساعة الرياضة الصباحية، ويمارس الرياضة وهو يراجع ما يحفظ من القرآن الكريم.

بصائر: إذا أردنا أن نضع برنامجاً تربوياً يومياً للأسرى، كيف يكون هذا البرنامج على أرض الواقع، مثال واقعي في سجون الاحتلال؟

حنيني: البرنامج التربوي اليومي للمجاهدين في سجون الاحتلال فهو كالتالي:

جلسة تلاوة جماعية يومياً، جلسة تعليم التجويد، وهناك جلسات متعدّدة ومتنوّعة في العلوم الشرعية والإنسانية؛ مثل دورات في الفقه وأصوله، ودورات في السيرة النبوية، وفي العلوم السياسية، وفي اللغات، ودورات في الفكر، وغيرها من الدورات..

بصائر: ما الواجب المنوط بنا كأفراد ومؤسسات للدفاع عن الأسرى في سجون الاحتلال؟

حنيني: إنْ كنّا ضمن صفوف قوى المقاومة، فيجب بذل كلّ الاستطاعة من أجل أسر جنود صهاينة للعمل على عقد صفقات تبادل لإطلاق سراح الأسرى الأبطال.

أمَّا إن كنّا في دول خارج فلسطين وظروفنا لا تسمح لنا بالعمل على تحريرهم، فيجب علينا ما يلي:

الدعاء ثمَّ الدعاء المكثّف لإخواننا الأسرى، وبذل المستطاع لكفالة أسرهم وعائلاتهم ((فمن خلّف غازياً في أهله فقد غزا)). والعمل الدؤوب على نشر معاناة الأسرى وقصص بطولاتهم في كل الوسائل الإعلامية الحديثة، وجعلها مادة للتداول، وفضح جرائم المحتل بحقهم.

بصائر: بعد برنامج "شاهد على العصر" على قناة الجزيرة، برأيكم ما أبرز ما تمّ كشفه خلال البرنامج، وهل من أحداث لم تذكر وغابت في البرنامج، وترغب في ذكرها لـ"بصائر"؟

حنيني: إنَّ أبرز ما قدّم برنامج "شاهد على العصر" هو شرح جزء من معاناة الأسرى الفلسطينيين، وإلقاء الضوء عليها وتوصيلها إلى شريحة كبيرة من أبناء عالمنا العربي والإٍسلامي.. لكن هناك الكثير من الأمور والأحداث التي لا يمكن ذكرها على الهواء سواء لحجمها الكبير وعدم اتساع وقت البرنامج للحديث عنها أو لطبيعتها التي يمكن التحدّث عنها.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

حق الملح: هل يقدّر الأزواج جهود زوجاتهم في رمضان؟

مشهد دافئ في صباح عيد الفطر المبارك يحصل في بعض بيوت المغرب العربي.. صباح العيد …