رابعاً: أركان التخطيط الناجح:
يمكن حصر التخطيط الناجح في أربعة محاور:
المحور الأول: التشخيص
وهو طريقة لمعرفة واقع الإنسان من خلال سؤالين أساسيين: من أنا؟ وأين أنا الآن؟
- سؤال من أنا؟ يهدف إلى تحديد الهوية والانتماء والبيئة المحيطة، ويُظهر القيم الشخصية ومصادر النجاحات السابقة.
- أما سؤال أين أنا الآن؟ فيسعى إلى تحديد البيئة الداخلية من نقاط قوة وضعف وتحديد البيئة الخارجية من فرص وتحديات.
فمن خلال هذين السؤالين، يتم تشخيص واقع الإنسان الراغب بالتخطيط الاستراتيجي لحياته وتتحدد لديه النقاط الجوهرية التي تساعده على التهديف الناجح.
"الرسالة هي المظلة الجامعة للرؤية التي تندرج تحتها الأهداف الإستراتيجية النابعة من أحلام الإنسان"
المحور الثاني: التهديف
يبدأ التهديف بتحديد جوانب الحياة المختلفة، الروحية، العلمية، العائلية، الشخصية، الإجتماعية، المادية، الصحية، المهنية، وغيرها بحسب اهتمامات الشخص واحتياجاته، ثم بعد ذلك تبدأ خطوات التهديف على النحو التالي:
أ- الخطوة الأولى: تكون بتحديد الأحلام في جوانب الحياة السابقة، والمقصود من الأحلام هي الخيالات والتصورات الذهنية التي ترافق الإنسان في مراحل حياته المختلفة، وتمتاز بالعفوية وعدم الموضوعية، وهي خطوة أساسية في التهديف، تسعى إلى تحديد الجوانب الأساسية في حياة الإنسان وترتيب أولوياته.
ب- الخطوة الثانية: تكون بنقل هذه الأحلام من منطقة التخيل إلى منطقة الواقعية من خلال عرضها على شروط الهدف الاستراتيجي، وهي:
- أن يكون الهدف مصاغاً بشكل إيجابي.
- محدّد المعالم وواضح الخطوات.
- قابل للقياس، بحيث يشتمل على أرقام محددة.
- واقعي؛ بحيث يتوافق مع التشخيص السابق.
- خاص بصاحب الخطة.
- الإيمان بهذا الهدف.
- تحمل المسؤولية تجاه الهدف.
- أن يكون مكتوباً، أو على الأقل وجوده كصورة ذهنية أولية.
- تأثيره على جوانب الحياة المختلفة.
- أن يكون بعيد المدى وإلا كان هدفاً تكتيكاً.
ج- الخطوة الثالثة: تتمحور حول جمع الأهداف الإستراتيجية السابقة في مجموعة كلمات تعبّر عن كل الأهداف ولو ضمنياً بشكل مُلهم وهي ما تسمّى (الرؤية الإستراتيجية) وتكون متعددة ومنتهية وغالباً لا تورث.
د- الخطوة الرّابعة: وهي ختام مرحلة التنفيذ تتمثل في كتابة الغاية الأسمى من جوانب الحياة السابقة، بحيث تُسْتَشعرْ وتُحَسْ وتنسجم مع المَهَمَة الأساسية في الحياة، وهي ما تسمّى (الرسالة)، وتكون مستمرة إلى آخر العمر ويمكن توريثها بخلاف الرؤية الإستراتيجية.
بناءً على ما سبق يمكن اعتبار أن الرسالة هي المظلة الجامعة للرؤية التي تندرج تحتها الأهداف الإستراتيجية النابعة من أحلام الإنسان، وهذا الترتيب هو ما يسمّى بسلم التهديف الناجح.
المحور الثالث: التنفيذ
وهو الركن الثالث من أركان التخطيط، يبدأ بالخطوة الأولى وينتهي بتحقيق الرؤية مع نهاية الخطة، وبيان ذلك:
أولاً: تعريف التنفيذ: وهو التكتيكات المرحلية التي توصل إلى الهدف من خلال الذكاء المتكامل، ويمكن تعريفه بأنه تفاصيل التنفيذ بين الخطوة الأولى والهدف قصير المدى، فالتنفيذ هو الأدوات الوسائل لتغطية الخطة أثناء التنفيذ.
ثانياً: أدوات التنفيذ تتمثل في:
- معرفة تجزئة الهدف بواقعية وربطه بالرؤية.
- إدارة جيدة للموارد.
- ترتيب الأولويات والقدرة على التقييم والمتابعة.
- التحفيز المستمر.
"لا يمكن لأحد أن يحقّق لك أهدافك إلاّ أنت وبجهدك أنت فقط"
ثالثاً: الهدف قصير المدى، بحيث يجزأ الهدف الاستراتيجي إلى أهداف قصيرة المدى، وهو يمثل زمناً من شهرٍ إلى سنةٍ، ويشتمل على مجموعة من العناصر:
- الخطوة الأولى: وهي أول التزام يحرّك نحو الهدف ولو ذهنياً. وتمتاز بالمرونة والنظرة المتفائلة للحياة، وترتبط بالهدف بصورة عامَّة.
- الخطوة البديلة: وهي عبارة عن احتياط قد لا نلجأ إليه وتكون بديلاً للخطوة الأولى وليس للهدف الاستراتيجي.
- تحديد الزمن: بحيث يشير إلى بداية الخطوة الأولى والنهاية الموصولة للهدف قصير المدى، وبتحديد الزمن يتم توزيع الهدف إلى خطوات شهرية وأسبوعية ويومية، مرنة.
- تحديد الموارد: وهي الموارد بصفة عامة، وتنقسم إلى موارد داخلية وخارجية، وتشمل المهارات أيضاً.
- تحديد الكلفة: وهي الكلفة المطلوبة للسنة الأولى، ويشترط أن تكون متوفرة أو شبه متوفرة، ويمكن أن تعوض بالموارد الأخرى مثل الأفكار والمهارات والعلاقات.
- تحديد الاحتياجات: من خلال تحديد المهارات والمعلومات والعلاقات والماديات المطلوبة للهدف قصير المدى للسنة الأولى.
- تنسيق الأهداف إلى مشاريع: بحيث يمكن الدمج بين خطوات الأهداف المتقاربة بوضع تسلسل للتنفيذ تُحول الأهداف المتعددة إلى مشروعين أو أربع مشاريع إستراتيجية.
- تحديد الخطوات العملية والإجراءات: من خلال التفريغ الزمني للخطة وتقسيم السنة إلى أربعة فصول.
المحور الرابع: التقييم
وهو عملية تسعى لتعريف الفرد بكيفية أدائه لخطته، وأحياناً تكون لعمل خطة لتحسين وتطوير الأداء أثناء التنفيذ، وآليات التقويم كثيرة ومتنوعة، الفردي منها والمؤسسي، الرَّسمي وغير الرسمي، المعقد منها والبسيط، لذلك لن أقف عند هذه النقطة كثيراً، فهي متاحة ومتوفرة للجميع.
في النهاية: لا يمكن لأحد أن يحقّق لك أهدافك إلاّ أنت وبجهدك أنت فقط، وحسبنا من ذلك قوله تعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى).
-----------------------------------------------------------------------------------------