تشكل فرق العمل المختلفة بيئة خاصة بأهداف ووسائل وعلاقات متشابكة، وهذه الأخيرة تمثل المفاعل الذي ينظِم حياة الفريق وعلاقاته؛ فإما تنجح وتستمر وتخضع للتحسين والتطوير، أو تفشل وتتلاشى شيئًا فشيئًا حتى تنهار فتذوب أو تنتهي.
حيث تخضع العلاقات الداخلية لنوعين من الروابط؛ روابط قلبية تحكمها دواخل النفوس ومجاهداتها، وروابط ظاهرة تتمثل في المعاملات وما يتخللها من مجاملات صادقة كانت أو كاذبة، وكلًا منهما يصب في الآخر، ومهما بُذل من جهد لإخفاء ما في القلوب فإنها تظهر في لغة العيون أو ملامح الوجه، وحتى فلتات اللسان، ودفء أو برودة المصافحة.
وحين نتحدث عن سُنة التدافع؛ فإننا نتحدث عن النزاع فيما هو دون الاقتتال، النزاع الذي تحركه دوافع مثل: حب الظهور، حب السيطرة، الرغبة بالتفرد، التعصب للرأي، الانتماء القبلي أو الاعتزاز بفرد ذي صفة اعتبارية من العائلة، الاعتداد بالنفس وبما يملك من مهارات أو إمكانيات.
وهي دوافع يمكن أن تدعمها أسباب أخرى مثل: نقل الكلام الذي يتسبب بإيغار الصدور، والتحالفات الداخلية ضمن الفريق التي تشكل جيوبًا تكبر وتقتات على حساب الجهد الجماعي، ولعلها في مرحلة ما تقطع كل الفريق لتنفرد به وحدها، وعدم التآلف والانسجام لاختلاف في طرق التفكير أو لعدم وضوح الرؤية أو لتغير في الاهتمامات لدى بعض الأفراد أو لأسباب قبلية ومناطقية.
وغالبًا ما تكون أسباب الخلاف المفضي إلى فشل الفريق؛ أسباب مركبة؛ أي يجتمع أكثر من عامل معًا فيحكمان على إنهاء العمل أو إنهاء عمل أفراد لصالح آخرين.
"حين تُقدم الغاية وتبقى حاضرة أثناء الوسيلة "الاجتماع" أو العمل ضمن الفريق فإن هذه الخلافات والنزاعات لا تتجاوز حدود الخلاف الآني"
وإن كان الاختلاف سُنة كما التدافع سُنة؛ فإن الناظم الحقيقي لأفراد فريق جمعهم عمل واحد؛ هو الغاية التي دفعتهم للاجتماع، ليصبح الاجتماع وسيلة لتحقيق غاية أسمى، لا أن يكون الاجتماع بحد ذاته غاية وسيلتها رغبات الأفراد وأهواؤهم.
وحين تُقدم الغاية وتبقى حاضرة أثناء الوسيلة "الاجتماع" أو العمل ضمن الفريق فإن هذه الخلافات والنزاعات لا تتجاوز حدود الخلاف الآني، وفي أغلب الأحيان لن تكون هذه الدوافع خلف نزاع بين أفراد جعلوا الاجتماع وسيلة لتحقيق أهداف وغايات مثلى.
وكلما حضرت "الأنا" في العمل كانت فرصة الشحناء والنزاعات الهادفة لتصفية الخصوم "المفترضين" داخل الفريق أعلى، ولعله من الصعب أن يكتمل عمل يكون على رأسه صاحب هوى، إلا إن كان يصغي للنصح والتوجيه ويمتثل للشورى، وهذا أيضًا يخضع لفهم الشخص، ولقدرته على الاستماع لغير صوت نفسه، ولحجم جهاد النفس الذي يمارسه مع نفسه ليستقيم.
كثير من الأعمال والأفكار الجماعية تتلاشى لأسباب أخرى غير التدافع، ولكن الغالبية تتعرض لهذه العواصف التي قد تُعالج وقد تُترك لمصيرها.