تناولت وسائل الإعلام المختلفة نبأ إقامة حفل حرب الألوان كما سماه المنظمون في عاصمة سلطة الضفة الغربية مدينة رام الله، ومن الجدير ذكره أن هذه الحرب التي خاضها شباب الضفة وفتياتهم كانت بالتزامن مع ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك، ويجدر بالذكر أن مثل هذا المهرجان أو هذه الحرب خاضها من قبلهم إخوانهم كفئة محدودة أيضاً في ربوع الظهير الأكبر لفلسطين شعب الأردن الشقيق العام المنصرم والذي لاقى استهجاناً كبيراً لدى الشعب الأردني الذي يحمل همَّ القضية الفلسطينية إلى اليوم، ما أدى إلى إلغائه العام الحالي كما ترى وسائل الإعلام المختلفة.
ومهرجان كهذا بمثل هذه التجمعات لا يقوم إلا بترخيص رسمي من قبل السلطة الفلسطينية والتي تمتاز بالتفاوض لصالح الشعب الفلسطيني –كما تزعم- وإرجاع حقوقه من خلال هذه المفاوضات ومن خلال التنسيق الأمني بينها وبين سلطات الاحتلال.
وقريباً من هذا الحدث هناك في إحدى القرى الفلسطينية والتي لا تبعد كثيراً عن رام الله قام مجموعة من المستوطنين بحرق عائلة بأكملها قضى فيها طفل رضيع ليلحق به أبوه بعدها بأيام ولا تزال أمه على سرير الشفاء، في حين كانت سلطة التنسيق الأمني تقوم بملاحقة وتفتيش منزل الشهيد يحيى عياش بحثا عن ولده البراء.
"إن مثل هذه المهرجانات والاحتفالات لم تكن بيوم من الأيام عفوية أو عبثية، إنها تدار وتخطط من مجموعة كبيرة دولية هدفها هو إلهاء شباب؛ لأنهم روح الأمة ووقود ثوراتها"
إن مثل هذه المهرجانات والاحتفالات لم تكن بيوم من الأيام عفوية أو عبثية، إنها تدار وتخطط من مجموعة كبيرة دولية هدفها هو إلهاء شباب اليوم خاصة بعد ما عرف بالربيع العربي حيث أيقن الكثير أن الشباب هم روح الأمة وهم الخطر الأكبر على مشاريعهم الخاصة، فالشباب هم عنوان التغيير وهم وقود الثورات.
هذه المهرجانات والكثير من المظاهر المفسدة للشباب بدأت تزداد في الآونة الأخيرة، ولنأخذ لمحة سريعة عنها لترى مدى عمل الشياطين البشرية في أمتنا:
أولاً: إحدى أهم هذه الكوارث كانت في برامج المسابقات ذات المواهب، كالغناء والرقص وما سمي بتلفزيون الواقع وغيرها، مما أتاح للكثير من الشباب تغيير اهتماماتهم، وفتح لهم باب الخلطة اللاشرعية، والتهاون في التعامل مع الجنس الآخر إلى درجة الخلوة غير الشرعية، ولتعم الطامة على الناس جميعاً كانت القنوات تبدع في بثها ومماطلة حلقاتها لينشغل بها الناس فترة أطول من الزمن، واستطاعت هذه المفسدة دخول أغلب البيوت، ولتكون ذات طابع إقليمي عنصري قامت على مجموعة من الدول، لتصبح لكل دولة ممثلها في هذه البرامج الساقطة، وبدأت شياطين الإنس تروج لها وكأنها فن جميل لا يبغضه إلا عديم الذوق جلف الطبع، ولتقييم التجربة ومدى نجاحها تم اختراع ما يسمى بالتصويت عبر الهاتف أو الانترنت ليستطيع القائمون على هذه البرامج معرفة الدول الأكثر تأثراً وتفاعلاً مع هذه البرامج، وللتخطيط جيداً للمرحل التي تليه، وتستطيع أخي القارئ أن ترى التطور التدريجي لهذه البرامج وكيف أنها انتشرت انتشار النار في الهشيم بعد نجاح البرنامج الأول منها.
ثانياً: تسهيل وسائل الحرام من قبل الحكومات حتى ولو كان في ذلك احتمال ضرر لها؛ فالاشتراك في شبكة الانترنت فيما مضى كان من الأمر المعقد للغاية وذا تكاليف عالية، إلا أن الحكومات بدأت بتسهيل الإجراءات المتعلقة بهذه الخدمات وتخفيض الضرائب عنها وتشجيع الاستثمار فيها وعدم منع المواقع الإباحية فيها إلا القليل النادر، في حين كانت بعض الدول العربية في تسعينيات القرن الماضي تمنع دخول الصحون اللاقطة للمحطات الفضائية وتلاحق من يقتنيها باتت اليوم تشجع كل وسيلة تواصل من شأنها إفساد الشباب؛ من باب تشجيع التواصل والانفتاح في المجتمع والمشاركة الإيجابية.
ثالثاً: عمليات غسل الدماغ الممنهجة؛ ومن هذه المصائب منع الدعاة والخطباء والوعاظ من نشاطهم في بيوت الله أو عبر المحطات التلفزيونية الرسمية وشبه الرسمية، وتقديم وعاظ وخطباء السلطان الذين بدؤوا بترويج آراء السلطان الشاذة والتي ترضي المستعمر كإباحة الاختلاط والدعوة إلى السلام مع اليهود ووصف المجاهدين في فلسطين بالإرهابيين والخارجين عن الحاكم وغيرها، مما شأنه زراعة الشك في قلوب وعقول شباب هذا اليوم.
رابعاً: تغيير المناهج الدراسة في عدة بلدان عربية لتتوافق مع روح العصر التي تريدها الأنظمة، من حيث قبول الصلح المذل مع اليهود، وتقديس الحاكم، وتجريم الفكر الإسلامي ووصمه بالإرهاب.
خامساً: بعد الربيع العربي بدأت ملاحقة الإسلاميين في عدة بلدان عربية وزجهم في المعتقلات، وتوجيه تهم مختلفة لهم ضمن الإطار القانوني، فيبدو أن الحكومات "البوليسية" غيرت نهجها فاستطاعت الآن توجيه الاتهامات القانونية للإسلاميين ومطاردتهم باسم القانون ليصدق ادعاؤهم بأنه لا يوجد لديهم معتقل رأي أو معتقل سياسي، وهذا كله لبث الرعب في قلوب الشباب بأنه متى ما أساء للنظام فإن هناك ألف تهمة قانونية تنتظره.
"إن الفكرة الغريبة الدخيلة ليس من السهل تناولها من قبل الشباب بهذه الكثرة لتصبح ظاهرة دون أن يكون هناك تخطيط ممنهج لها"
سادساً: هناك ظاهرة قديم جديدة ولا أظن أن الأنظمة ومشايخ السلطان بريئون منها، وهي التشكيك بمصادر الدين الأساسية، فالمتابع شاهد في الآونة الأخيرة ارتفاع وتيرة النقد للبخاري ومسلم، وكذلك صحابة رسول الله رضوان الله عليهم، وارتفاع صوت الملحد العربي والمشكك في الدين وأحكام الشريعة والحدود وتحريم الاختلاط غير المشروع. إن فكرة غريبة دخيلة مثل هذه ليس بالسهل أن يتناولها شبابنا بهذه الكثرة لتصبح ظاهرة دون أن يكون هناك تخطيط ممنهج لها، فكم من صاحب فكرة اندثر وفكرته مع أنه كان قوي الحجة بالغ المنطق فيها، إلا أن تغيير الأفكار والمعتقدات لدى الناس خاصة الدينية منها ليس بالأمر السهل البسيط.
سابعاً: هناك توجه واضح في الضفة الغربية على وجه الخصوص لتمييع الشباب وصرفهم عن الجهاد وعن القضية وثوابتها، هناك توجيه متعمد خاصة من قبل إعلام السلطة لترسيخ معنى حل الدولتين والتعايش مع اليهود بسلام وترك الجهاد والتفاوض والتعاون والتنسيق الأمني، حتى الأغاني النضالية التي يقدمونها على شاشاتهم لا يقدمونها إلا مع الرقص المختلط بين الشباب والفتيات.
وأخيراً: على الجميع التنبه جيداً أن هناك مخططا لحرف شباب الأمة عن قضاياها وتحرف المصطلحات الإسلامية لتحقيق أهداف شخصية لأصحاب الأنظمة وأهداف دولية لتثبيت ما تسمى بدولة إسرائيل وأهداف عالمية ليبقى العالم الإسلامي نائماً بعيداً عن مطالبته بالوحدة وإقامة دولة الإسلام في الأرض.