الاعتداءات على الأقصى المبارك لم تتوقف منذ هبة البراق الكبرى عام 1929، التي تمت آنذاك تصديا لمحاولات العصابات الصهيونية تدنيس وتهويد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم، واليوم تكشف سلوكيات وتصريحات سلطة الاحتلال عما يبيت لهذه الأمة ومقدساتها من طاقة حقد واستئصال، انطلاقا من أعلى هرم السلطة وانتهاء بالمجتمع الصهيوني الذي يتجه نحو التطرف والعنف، فهذا المرواغ «نتنياهو» في الوقت الذي يزعم فيه (التزام «إسرائيل» بالحفاظ على الوضع الراهن في الحرم»، يهدد بأنه لن يسمح «للمشاغبين» (المرابطين) بمنع زيارات اليهود الى الحرم»، وذاك وزير يطالب باعتبار «المرابطين» تنظيما محظورا، وثالث يدعو «للتكاتف لتحقيق درّة الفرائض اليهودية المتمثلة في إعادة بناء الهيكل»، ومئات على شاكلتهم.
المشهد المقدسي اليوم يتجلى باقتحامات تتكرر بمعدلات قياسية، وعسكرة كاملة للمدينة المقدسة، فكثيرا ما تتحول إلى ما يشبه «الثكنة العسكرية» والمخافر الأمنية التي تطوق بالأقصى من كل الاتجاهات، وانتشار قوات التدخل السريع في محيطه، والمتاريس الحديدية من حوله.
عدوانية مبالغة جعلت من «التكبير والتهليل» جريمة يعاقب عليها بالملاحقة والاعتقال والإبعاد، والحراس يبعدون بتهمة «سكوتهم عن تصدي المرابطين لاقتحامات المستوطنين»!
الفعاليات التهويدية للقدس على قدم وساق من «حافلات تهويدية» تجوب شوارع القدس المحتلة تنقل السياح والمستوطنين، تروج للرواية اليهودية المزيفة عن المدينة المقدسة، مرورا بإقامة «قداس قربان الفصح»، الذي يزعمون أنه كان يتم تنظيمه في «الهيكل» قبل ألفيّ عام، وليس انتهاء باستطلاعات الرأي التي باتت سلاحا تهويديا تعتمده «منظمات متطرفي المعبد» لشرعنة صلواتهم في الأقصى وحشد الرأي العام حولها.
الدعوات لتدمير الأقصى وبناء الهيكل المزعوم آخذة في الاتساع، وتكشف دراسات إسرائيلية عن مخططات إجرائية لهدمه، والمؤسسات الإسلامية التاريخية والتراثية مستباحة، من بعض أمثلتها السعي لتحويل «المدرسة التنكزية» إلى كنيس، بزعم أنها أثر يهودي و»الكنيس الوحيد» في العالم الذي يقع في حدود «جبل الهيكل»!!
إننا اليوم إزاء «احتلال» يزداد توحشا، ويتجه نحو الاستئصالية، لعل أحدث تجلياتها «المصادقة» على «قنص ملقي حجارة والزجاجات الحارقة، «واعتقال الأطفال في عمر 4-5 سنوات»، يستهدف فرض واقع على الأرض، واستكمال مشروع تهويد الزمان والمكان والتراث والتاريخ، ولتحقيق هذا الهدف لا بد من التنكيل بالمرابطين والمرابطات بخاصة والمقدسيين بعامة.
هذا المشهد الشديد العنف والتطرف يشير إلى «حرب مفتوحة» على كافة الاحتمالات، يضع الأمة بأسرها أمام مأزق أخلاقي، فهل ضاقت الأرض بما رحبت على الأقصى؟
فما العمل؟
«التطمينات الإسرائيلية» للأردن لا مصداقية لها، فكيف نطمئن لوعود حكومة هي الأشد تطرفا في التاريخ الصهيوني؟، حكومة يحتل فيها أحزاب «متطرفي المعبد» سبعة حقائب، و11% من مقاعد الكنيست، وهؤلاء لا يعنيهم الكلام الدبلوماسي الخادع بشيء ولن يردعهم عن تحقيق أحلامهم التلمودية بـ»إزالة الأقصى وإقامة المعبد».
عدوانية صهيونية شرسة ومتطرفة، لا يعنيها كثيرا أن تضع «الرعاية الهاشمية للمقدسات»، ومعها منظومة العلاقات الأردنية– الإسرائيلية كلها على المحك،
في ضوء هذا المشهد فإن المعاهدة الأردنية– الإسرائيلية ليست نصا مقدسا، ولا ينبغي أن تكون لها الأولوية على التزاماتنا التاريخية والقومية والإسلامية تجاه المقدسات بعامة والأقصى بخاصة، كما أن «السفارة والسفيرة الصهيونية» بالتأكيد ليست أعز علينا من «أشراف الأمة» من المرابطين والمرابطات، الذين يتعرضون لمختلف صنوف التنكيل والإيذاء!
إن الموقف التاريخي المسؤول يقتضي استثمار كل أوراق القوة لدينا بما فيها من اعتراف دولي بالدور والوصاية الأردنية على المقدسات، فضلا عن قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد «عدم شرعية أي تغيير يجريه الاحتلال في القدس»!
وفي هذا السياق أتساءل مع (الشهيد «سيد قطب» -رحمه الله-) «كيف تقعدون عن القتال في سبيل الله واستنقاذ هؤلاء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان»؟
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- صحيفة السبيل الأردنية