في فضائل يوم عرفة

الرئيسية » بصائر تربوية » في فضائل يوم عرفة

أقبل علينا يوم عظيم في شهر كريم، هو يوم المغفرة الكبرى لحجاج بيت الله الحرام، هو يوم الصيام والدعاء والذكر، هو يوم ذلة الشيطان وصغاره وبكائه وندمه، فلا يرى بمثل هذا الحال في غيره من أيام العام.

يوم عرفة يوم من أيام الله تعالى، محروم من ضيّعه، وذكيّ من استغله استغلالاً طيباً، فعاد منه بأجر عظيم ومغفرة للذنوب، فما هي معالم عظمة هذا اليوم؟ وما هي خير وسيلة لاستغلاله؟

معالم عظمة يوم عرفة:

أولاً: يوم عرفة من الأيام العشر من ذي الحجة: التي أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- المسلمين فيها بالإكثار من العمل الصالح، والذكر والدعاء، ففي الحديث قال -صلى الله عليه وسلم: - "ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء" [رواه البخاري].

ثانياً: أفضل أيام العام هو يوم عرفة، وهو يوم يباهي الله فيه أهل الأرض، ويعتق فيه من النار ما لا يعتقه في غيره، فعن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "... وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفة" [رواه ابن حبان].

ثالثاً: هو أذل يوم يرى فيه أبليس لكثرة ما تجاوز الله فيه عن عباده، فقد أخرج مالك في الموطأ ‏أن رسول الله -‏صلى الله عليه وسلم- ‏قال: "ما رؤيَ الشيطانُ يوما هو فيه أصْغَرُ، ولا أدْحَرُ ولا أحْقَرُ، ولا أغْيَظُ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى من تَنَزُّل الرحمة، وتجاوزِ الله عن الذُّنوبِ العِظامِ،...". ففي هذ اليوم يُغفر لكل من حضر عرفة إلا من اعتقد أنه الله لن يغفر له.

رابعاً: صيامه لغير الحاج يكفر سنة سابقة وسنة لاحقة، فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن صوم يوم عرفة فقال: "يكفر السنة الماضية والسنة القابلة" [رواه مسلم].

خامساً: في يوم عرفة أعظم أركان الحج وهو الوقوف بعرفات، لحديث عبد الرحمن بن يعمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة" [رواه أحمد والترمذي].

سادساً: هو اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم: فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان -يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلاً، قال:أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين* أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ" [الأعراف:172]، (رواه أحمد).

مما سبق يتبين لنا عظم هذا اليوم، وعلينا استغلاله فهو من مواسم الخير ونفحات البر، ففيه عظيم الزمان الذي تتضاعف فيه الأجور، والسبيل لاستغلاله فيما يلي:

1- الحذر من المعاصي والذنوب، فكما يتضاعف الأجر لعظم الزمان يتضاعف الوزر والأثم أيضاً.

2- صوم يوم عرفة، لما مر معنا من أنه يكفر سنة سابقة وسنة لاحقة، ودعوة الناس لذلك، والسحور فهو خير وبركة.

3- الإكثار من الذكر والتكبير وخاصة: "لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" فقد روى الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".

4- الدعاء: وهو خير الدعاء وأفضله، وأقرب للإجابة كما أشار الحديث السابق، ويفضل ما بين العصر والمغرب موافقة لأهل الموقف، قال أحد السلف: "والله مادعوت في يوم عرفة دعوة فدار علي العام ،إلا وجاءت كفلق الصبح".

5- المحافظة على الصلاة في المسجد من الفجر إلى العشاء، و قيام الليل وصلاة الضحى والأذكار بعد الصلاة والدعاء.

6- الصدقة وتفقد المحتاجين والمعوزين، فمن السنة التوسيع عليهم وإدخال السرور على قلوبهم.

ختاماً.. جميل من المؤمن أن يغتنم مواسم الخير والطاعات بما يرضي الله تعالى ويحقق الرحمة والمغفرة، فاحرص أخي على أن تخطط ليومك من صباحه لمسائه، فالعيد لمن فاز بالطاعة والعبادة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
تربوي وإداري بخبرة تزيد عن خمسة عشر عاماً، حاصل على درجة الماجستير في الفقه وأصوله من جامعة اليرموك في الأردن، مدرس علوم اسلامية وشرعية، بالإضافة للعمل في عدد من المراكز والهيئات التربوية والدعوية المتنوعة، مدرس علوم قرآن وخبرة في تدريس التلاوة والتجويد.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …