قال المفكر والداعية الإسلامي الدكتور سلمان بن فهد العودة بأن الانتفاضة براءة اختراع تسجل للفلسطينيين، ففي ظل ما تمتلكه دولة الاحتلال من شتى الأسلحة القوية والمتفجرة والرؤوس النووية والأسلحة الجرثومية وغيرها، إلى جانب وقوف سياسات الكثير من الدول لجوارها وعدم وجود من يلجمها في ظل حالة ضعف الجيوش العربية، فإنها هي التي تقصف غزة لشهر بشكل متواصل حتى يصبح ليل غزة نهاراً، ومع ذلك يقف الفلسطيني مشهراً سكينه في وجهها.
القدس هودت بنسبة 80% :
"العودة: الاحتلال سعى لتحويل مدينة القدس لمدينة سياحية وذلك لاستقطاب السياح وفتحها للملاهي والفجور لطمس هويتها"
وأشار العودة في مقابلة معه بثتها قناة الجزيرة مباشر مساء أمس الخميس، إلى أن معاناة الشعب الفلسطيني ليست وليدة اليوم؛ فدولة الاحتلال التي حرمت المواطن المقدسي من حقوقه الإنسانية في امتلاك الجنسية وجعلته مواطن بلا هوية، وما يترتب على هذا القرار من تبعات سلبية على حياته اليومية بعد سحب الجنسية الأردنية منهم أيضاً، وقامت بالعبث بديمغرافية المدينة فبعد أن كانت القدس تحتوي على 65% من المسلمين والبقية من الديانات الأخرى أصبحت اليوم تحتوي على 80% من اليهود و20% فقط من المسلمين والديانات الأخرى. إلى جانب التلاعب الخطير في آثار المدينة بحجة البحث عن الآثار التي تثبت أسرلة المدينة. ومع هذا ففي كل الآثار التي وجدوها تتبرهن إسلامية المدينة التي تعد المدينة الأقدم في العالم حيث إن عمرها أكثر من 6000 سنة قبل الميلاد.
كما أشار العودة إلى أن الاحتلال سعى لتحويل مدينة القدس لمدينة سياحية وذلك لاستقطاب السياح وفتحها للملاهي والفجور لطمس هويتها، إلا أن المقدسيين مصرون على البقاء في ظل هذا الحرمان من الحقوق والتضييق الحاصل، مستغرباً أن ينعتوا بعد كل ما يقع عليهم من ظلم بأنهم إرهابيون، بل أصبح العالم اليوم يدين طفل يدافع عن نفسه أو شيخاً يصرخ في وجه الاحتلال، ويصمتون عن كل جرائم الاحتلال الواقعة على المقدسيين.
ويضيف العودة: "إذا كان الطرف الآخر لم يعد لديه ما يخسره فعليك أن تخافه.." الفلسطينيون باتوا مستعدين لأن تراق دمائهم على أرض القدس وهذا يعد أكبر دليل على استحقاقهم لهذه الأرض، كل الأسر المقدسية تحب أطفالها وتخشى عليهم من وعكة زكام _كما كل الأسر في العالم_ لكن حينما يكون الهدف هو حماية وفلسطين ورفع الاحتلال يهون الولد.
"العودة: كنا في السابق نجد كثيرين يشجبون ويستنكرون، لكننا اليوم بتنا نشعر أن صمت البعض أولى لأنه على الأقل بصمته لا ينحاز لعدونا في كلامه!"
سحنات عربية تتحدث بلغة متصهينة:
وأشار العودة إلى أن هناك أنظمة عربية بات مكشوفاً سبب وقوفها مع الاحتلال وهو أن مصيرهما واحد وهدفهما واحد، وأن هناك سحنات عربية قد تكون لأكاديميين وباحثين لكنهم غير حياديين ويصطفون لجانب الاحتلال، في حين أن هناك صهاينة حول العالم هم محايدون ويرفضون ما تقوم به "إسرائيل" من سياسات العنف والتنكيل ضد الشعب الفلسطيني ويخسرون الكثير من أجل الوقوف إلى جانب هذه الحقيقة.
ويضيف: كنا في السابق نجد كثيرين يشجبون ويستنكرون، لكننا اليوم بتنا نشعر أن صمت البعض أولى لأنه على الأقل بصمته لا ينحاز لعدونا في كلامه، نحن اليوم نبحث عمن يدين ويستنكر جرائم الاحتلال فلا نجده!
يوم الجمعة .. يوم الحشد:
ويستطرد العودة بحديثه فيقول: غداً يوم الجمعة، والفلسطينيون يعدون له، الفلسطينيون رفعوا رؤوسنا بالصبر والتضحية والثبات بغض النظر عن الفصيل الذي ينتمون له، هم يؤمنون بالأرض التي هي حقهم الشرعي الذي منحهم الله إياه.
شعب الجبارين:
وحول قصة أتباع موسى عندما طلب منهم نبي الله أن يدخلوا الأرض المقدسة فتعذروا بوجود قوم جبارين فيها أشار العودة إلى أن القوم الجبارين هم العرب، والذين كانوا يسمون اليبوسيون ولهذا كان الاسم الأول لمدينة القدس "اليبوسية" وهم الذين بنوها، مشيراً إلى أن المملكة التي أقامها فيما بعد أتباع موسى لم تدم سوى 70 سنة وهذا لا يرسخ بأن لهم في القدس حقاً دينياً.
تفاعلوا مع القضية بإيجابية:
"العودة: علينا أن نحلم، وعلينا أن نتكلم عما نحلم به، وعلينا أن نعقد الأمل وأن لا نيأس أو نحبط، وأن نكون على وعي بمكائد العدو الذي يسعى لضرب بعضنا بعضاً، وعلينا أيضاً أن لا نتوقع المفاجآت الخارقة"
هذا وأكد الدكتور سلمان العودة بأن التفاعل الإيجابي مع القضية الفلسطينية ودعم الإعلام الذي يوصل رسالة الصوت الشعبي المتعاطف مع الحق الفلسطيني يدعم القضية، مشيراً إلى أن الحل لن يأتي بيوم وليلة، وأن الواجب على الجميع بداية رتق الانقسام وتوحيد الجهود وتفعيل الوعي التربوي والسياسي. فعلينا أن نحلم، وعلينا أن نتكلم عما نحلم به، وعلينا أن نعقد الأمل وأن لا نيأس أو نحبط، وأن نكون على وعي بمكائد العدو الذي يسعى لضرب بعضنا بعضاً، وعلينا أيضاً أن لا نتوقع المفاجآت الخارقة، صحيح أن الله عز وجل قادر على كل شيء، لكنه علّمنا بأن علينا أن نعمل ونأخذ بالأسباب أيضاً.
ووقوفاً من فضيلته عن قضية الحلم، أشار إلى أن الصهاينة الذين كانوا في حالة تشرد وتشرذم كانوا قد عقدوا مؤتمراً كان من أهم أهدافه هو إقامة دولة ما يسمى بـ"إسرائيل" بعد مرور خمسين عاماً، وبالفعل حققوا ذلك الحلم كما أرادوا، لذلك علينا أن نتعلم من أعدائنا وأن نحلم ونخطط.
"إسرائيل" دولة دينية
العودة أشار بأن التطرف خيار الشارع الصهيوني، فهناك أصوات الانتخابات تذهب للمتدينين ويخسر العلمانيون وحتى أن اسم الدولة "إسرائيل" هو اسم نبي من أنبياء الله وهو اسم ملهم للتيارات الدينية، كما أن الدراسات تشير إلى أن أغلبية المنخرطين في الجيش الصهيوني هم من المتدينين، كما أشار إلى أن خيار التصعيد الذي تنهجه دولة الاحتلال ربما يأتي بناءً على شعورهم بالأمان والاطمئنان من المواقف العربية الهزيلة وغير المؤثرة.
وختم العودة برسالة حب للمرابطين والمرابطات حول الأقصى قائلاً: الكل معكم بالدعوات والتطلعات والأحلام وما يستطيع، وإذا عجزنا اليوم فنحن سنكون أفضل غداً.