الإرهاب العابر للقارات

الرئيسية » بصائر الفكر » الإرهاب العابر للقارات

لا تزال الفتن تطل علينا بين الفينة والأخرى، محملة معها العديد من الخفايا والخبايا التي من شأنها أن تقلب كيان الناس وتغير مسارات حياتها بل حتى أحياناً تغير مسارات دول وحكومات.

واليوم نعيش في ظل إرهاب ممتد وعابر من أقصى الأرض إلى أدناها ومن شرقها إلى غربها متجاوزاً تلك الحدود والأماكن والدول، ومتجاوزاً كل تلك الاعتبارات السياسية والدينية والعرقية والطائفية والإقليمية؛ ليلقي بظله الثقيل ويمطر أرضاً دون أرض وناساً دون ناس في كل مرة دون أي اعتبار أو أساس معين.

والإرهاب هو تخويف الناس وتهديدهم بحياتهم أو أموالهم أو أمنهم أو أي شيء من شأنه أن يشكل مادة حياة للإنسان، فالإرهاب ليس بالقتل فقط، فربما كان الإرهاب بالاعتقال أو التعذيب أو التشريد بل وربما الحرمان من أساسيات الحياة كالمأكل والمشرب والمسكن.

" الإرهاب هو تخويف الناس وتهديدهم بحياتهم أو أموالهم أو أمنهم أو أي شيء من شأنه أن يشكل مادة حياة للإنسان"

ورد فعل الإرهاب في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}، والآية كما هو معلوم تحث على الاستعداد الدائم لأي مواجهة تكون لأعداء الأمة والدين، والإعداد المطلوب هو كل ما يفيد في هذه المعركة ولو كان فكرياً أو علمياً أو تكنولوجياً أو بالساعد والسلاح فكل هذا من الإعداد، فأمة لديها من العقول كثرة ستخيف أمة لديها كثرة السلاح دون وجود عقول فيها، فالعلم ينتصر إذا ما دعم بأسباب النجاح المادية والعملية وليس فقط الاكتفاء بالتنظير، فالقوة لها منطق ولو لم تضرب، فالناس تهاب القوي وتخافه وهذا معنى كلمة "ترهبون" الواردة في الآية السابقة، أي متى ما كانت الأمة على أتم الاستعداد حسب طاقتها للقاء عدوها فإن عدوها سيرهبها ولن تكون مهيضة الجناح مستضعفة تخشى الناس.

الإرهاب في العصر الحديث.

في عصرنا الحالي وخاصة مطلع القرن الحالي تم تداول مصطلح الإرهاب في الإعلام كثيراً، وكثيراً ما كان يراد به الإسلام والمسلمون، وهو الذي كان يخص مهاجمة الأبرياء والمدنيين من غير المسلحين في ساح القتال، فأي استهداف للمدنيين هو إرهاب وتخويف للآمنين.

وفي القرن الماضي وقبله مورس الإرهاب بأقصى درجاته اللاإنسانية وبأقصى درجات التخويف والتنكيل ولكن ليس من قبل المسلمين هذه المرة بل من الدول التي تدعي الحضارة والإنسانية، وفي جميع تلك الحالات التي تم ممارسة الإرهاب فيها كانت تقوم على دول وبلدان ضعيفة ولا يُخشى من ردة فعلها لأنها دول لم تُعِدَّ ما استطاعت من قوة.

أمريكا راعية الإرهاب في العالم

" قد لا يخطئ من يطلق عبارة "أمريكا راعية الإرهاب حول العالم عبر التاريخ"، فعداك عن دعمها لكثير من الأنظمة الإرهابية سراً وعلناً يكفي أنها الأم الروحية للكيان الصهيوني في فلسطين"

قد لا يخطئ من يطلق عبارة "أمريكا راعية الإرهاب حول العالم عبر التاريخ"، فعداك عن دعمها لكثير من الأنظمة الإرهابية سراً وعلناً يكفي أنها الأم الروحية للكيان الصهيوني في فلسطين ومبررةً عنفَ اليهود ضد الفلسطينيين المدنيين؛ فتاريخ أمريكا الحديث مليء بالدماء والأشلاء والتقتيل والتشريد والاحتلال والعنف، يقول الدكتور غالب الفريجات من الأردن: "منذ بدايات قيام كيان الدولة السياسي، كانت دعائمه قائمة على القتل والإجرام بحق الإنسانية، فكانت خطوات الكيان السياسي الأمريكي الأولى إبادة الهنود الحمر السكان الأصليين لأراضي أمريكا الشمالية، ثم استعباد الأفارقة السود وقتلهم وتدمير حياتهم، رافقها الحرب الأهلية بين الولايات الشمالية والجنوبية التي راح ضحيتها الآلاف من البشر".

وتستطيع أن تضيف على ذلك أكثر من مليون ونصف المليون قتيل في حربها مع الفلبين، وكذلك الإرهاب الأمريكي الإنجليزي في الحرب العالمية الثانية واللتان قتلتا خلال هذه الحرب أكثر من مليونين ونصف المليون إنسان خلال هذه الحرب، ومنها كانت قنبلتا أمريكا النووية واللتان نزلتا على رؤوس عشرات الآلاف في اليابان في هيروشيما وناجازاكي، وأيضاً كانت فيتنام قد ادعت سنة 1995 أن عدد القتلى في حربها مع أمريكا بلغ خمسة ملايين، أربعة مليون منهم مدنيين عُزّل، وهذا كله لم يقتصر على التاريخ القديم فقط، بل ولقد شهدنا أفعال أمريكا الإجرامية في أفغانستان والعراق مطلع القرن الحالي، ووحشية جنودها وإدارتها في الحرب، ويكفيك اختراقاً لكل معاني الإنسانية ما فعلوه بسجن أبو غريب في العراق.

إرهاب الاستعمار محفور في ذاكرة التاريخ

ولا يزال التاريخ يسجل اليوم بين جنباته ملايين الضحايا الأبرياء والمدنيين العزل والأطفال والنساء والشيوخ ممن أبادتهم آلة الاستعمار في الوطن العربي والإسلامي بل وحتى من غيرهم من الدول الأخرى، كما ويذكر التاريخ وحشية القتل والتجارب على البشر للأسلحة الحديثة بل وأسلحة الدمار الشامل، عداك عن نهب خيرات هذه البلاد وطمس هويتها.

"إسرائيل".. إرهاب العصر

ومما لا يخفى على أحد ولا يستطيع أن ينكره ذو لب الإرهاب اليهودي أو ما يسمى ب"إسرائيل"، ابتداء من أول يوم قامت فيه حيث قامت على أرض ليست لهم وأخذت أرضهم وبيوتهم ونهبت أموالهم بل وأحيانا سرقت أولادهم وقتلت رجالهم ونساءهم وشردتهم واعتدت على مقدسات الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين فمن دير ياسين إلى صبرا وشاتيلا إلى قانا إلى غيرها من مجازر الصهيونية التي لم تفرق بين رجل وامرأة أو كبير وصغير أو طفل وشيخ، وما نراه اليوم هو أكبر دليل على الإرهاب الصهيوني المتعمد ضد المدنيين في القدس وفي الضفة وبالتأكيد لن ننسى غزة وقنابل الفسفور المجنونة التي لم تترك حياً غزيّاً إلا وقد تركت فيه قتيلاً أو جريحاً أو مصاباً.

ومن بني جلدتنا إرهابيون..
ولن نزيد هنا على أن نقول: انظروا إلى فوهة سلاح أنظمتنا أين تتجه؟ فستعرفون من هو الإرهابي.

من يصنع التطرف والإرهاب لدى المسلمين؟

حاكم يقتل شعبه ويبيد وطنه وحكومات تعدت على الآمنين وحاربتهم، اعتقلتهم وطردتهم من وظيفتهم واعتدت على نسائهم وأبنائهم وبناتهم وأمهاتهم وأذلوهم وطاردوهم، ثم نسأل لماذا يتطرفون؟؟

" الغرب الذي يتباكى اليوم على عشرات هو أحد أهم تشكل التطرف لدى المظلومين المقهورين من خلال اضطهادهم واحتلالهم لأراضيهم والتدخل في شؤونهم"

حين يلاحق الحاكِم مرتادي المساجد وأصحاب اللحى

حين يستهزئ الإعلام بالمنقبات والمحجبات

حين ينقلب الجيش على الحاكم الشرعي

حين تمنع الملتزمين من السفر

حين تضيق على الدعاة والمصلحين

حينما يهان الدين وتشتم الذات الإلهية من قبل المحققين في السجون

ماذا تتوقع أن يخرج من هؤلاء المضطهدين؟ هل سيدعون بطول عمر الحاكم؟

الإسلام يحارب الإرهاب

في ظل التفجيرات التي تحصل هنا وهناك وتنسب لمتطرفين مسلمين فهذا كله لا يعيب الدين مثقال ذرة، فكما عند المسلمين متطرفون صنعتهم الظروف والضغوط، فهناك متطرفون حتى عند الغرب أنفسهم، ألم نشهد من قتل منهم أطفالاً وطلاباً في الجامعات وغيرهم، فلماذا ينسب الإرهاب إلى الإسلام؟

على أن الإسلام دين الرحمة الذي يحارب التطرف ويمنعه لكن بأسلوب الوقاية، بالحوار وليس بالقتل والاضطهاد، بالحجة والإقناع وبث الحريات، لا بالحجر على الأفكار والتضييق على الناس.

الإسلام بريء بالتأكيد من كل هذا التطرف؛ لكن ما ينبغي قوله اليوم هو أن التطرف منهج لدى بعض الناس من كافة الأديان، والغرب الذي يتباكى اليوم على عشرات هو أحد أهم تشكل التطرف لدى المظلومين المقهورين من خلال اضطهادهم واحتلالهم لأراضيهم والتدخل في شؤونهم، فماذا تتوقع من شخص جاهل جلف الطبع يرى دماء الأطفال تسيل في سوريا بآلة القتل الغربية؟؟

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

إذا طال حلم الله… فانتظروا الغضبة الكبرى!

في حياتنا البشرية، إذا ما تعرّض أحدنا لضغط كبير، فإن تنفيسه عن هذا الغضب في …