- هل أنا من أولئك الأشخاص الذين يخترعون الأسباب أو يجدون الأعذار لتأجيل العمل؟
- هل أتجاهلُ اتخاذَ تدابير صارمة لمنع تأجيل أو تأخير إنجاز أي مشروع؟
- هل أشعر أحياناً بأنّني لا أهتمّ بإنجاز العمل؟
- هل أماطل في تنفيذ واجباتي اليومية؟
- هل أكلّف الزملاء بأداء عمل من الأعمال التي لا تروق لي؟
مهما تكن إجاباتك بـ (دائماً) أو بـ (في بعض الأحيان)، فإنَّ مرض التسويف والمماطلة في أداء العمل قد أصاب جسدك وروحك وإن اختلفت وتفاوتت درجات الإصابة والتأثير.
إنَّ التسويف والمماطلة في أداء العمل مرضٌ خطيرٌ إن لم يسارع الفرد إلى علاجه والتخلّص منه، وهي مسؤوليته بالدرجة الأولى، لأنَّ العلاج ذاتي ينبع من داخل المريض، ولا تستطيع المؤسسة أو الإدارة في غالب الأحيان منح الدواء الناجح للفرد إن لم يسارع هو إلى التخلّص من المرض.
وقد عرّف بعضُ المختصين داءَ التسويف والمماطلة بأن يقوم الفردُ بمهمة ذات أولوية منخفضة بدلاً من أن ينجز مهمته ذات الأولوية العالية، أو الميل لتأجيل أداء المهام والمشروعات حتّى الغد أو بعده بقليل عن طريق اختلاق الأعذار.
ويوصف المسوّفون والمماطلون بأنهم يمتلكون مواهب عالية لاختراع الأعذار لعدم إنجاز ما كان يجب عليهم إنجازه، وذلك في محاولة لكبت ما يسمونه بتأنيب الضمير، وينتهي بهم الأمر عادة لعدم أداء أي شيء لأنهم لم يتابعوا تنفيذ قراراتهم.
"واجبُ الوقت لا يحتمل التأجيل أو التسويف، لأنَّ الواجب في عُرف أهل الاختصاص يحمل معنى الالتزام الأخلاقي أو التعهد والالتزام"
وبأنهم يغضبون بسرعة ويتخذون قرارات جديدة، ولا ينفذون هذه القرارات الجديدة أيضاً، وبهذا يماطلون أكثر.
وبأنهم يستمرون في تكرار الأشياء نفسها، ويسيرون في الدائرة ذاتها حتى تنشأ أزمة لا يستطيعون حلّها ومن ثمّ لا يجدون أمامهم إلاّ خياراً واحداً وهو إنجاز ما بدؤوه، ونظراً لأنهم تعوّدوا على التأجيل، فإنهم يؤدّون أيّ شيء، وإن تمّ أداؤه فإنّه سيجيء مبتوراً وناقصاً وغير مكتمل، بالإضافة إلى مجيئه متأخراً لا يحمل أيّ صفة من صفات الواجب المطلوب تنفيذه، وبعبارة أخرى (لا لون ولا طعم ولا رائحة له)، لأنَّه لا يحمل صفات واجب الوقت بنظارته وحيويته وعنفوانه وتأثيره.
فواجبُ الوقت لا يحتمل التأجيل أو التسويف أو المماطلة، لأنَّ الواجب في عُرف أهل الاختصاص يحمل معنى الالتزام الأخلاقي أو التعهد والالتزام، وهذا الأخير ليس مسألة شعور غير فعّال أو إحساس لا تأثير له أو مجرّد تقدير، ولكن عندما يدرك الفرد ما هو واجب عليه فعله، فهو يسعى لتحقيقه باعتبار واجب الوقت دون النظر لأيّة مصالح أو هوى أو إعجاب برأي، لأنَّها كلّها مهلكات لا تعين على أداء الواجب.
إنَّ للتسويف عواقب غير محمودة على شخصية الفرد وبالتالي على إنجازه وفعاليته في أداء الواجبات، يقول صاحب الإحياء: (إنَّ التسويف يسبّب أربعة أشياء: ترك الطاعة والكسل فيها. وترك التوبة وتأخيرها. والحرص على الدنيا والاشتغال بها. وقسوة القلب ونسيان الآخرة).
"للتسويف عواقب غير محمودة على شخصية الفرد وبالتالي على إنجازه وفعاليته في أداء الواجبات"
ويقول الحسن البصري: (إيَّاك والتسويف، فإنّك بيومك ولست بغدك، فإن يكن غداً لك فكن في غدٍ كما كنت في اليوم، وإن لم يكن لك غدٌ لم تندم على ما فرَّطت في اليوم).
إنَّ واجب الوقت واجبٌ فوريٌّ لا يحتمل التراخيَ أو التأجيل لأنَّه مرتبطٌ بحدثٍ حاضرٍ وتحدٍ ماثل، ولا يمكن للفرد أن يقوم به مادامت التسويف والمماطلة ديدنه وصفته، فكلّ تأخير أو مماطلة أو تسويف في أداء واجب الوقت يعدُّ تضييعاً للمسؤولية الملقاة على عاتق كل فرد من أفراد الأمَّة.
وتحدّد طبيعة واجب الوقت في كل زمن حسب التحديات التي تواجه الأمَّة وفق ضوابط شرعية تراعي فقه الأولويات ومنهجية الإسلام في التعامل مع تلك التحديّات والأزمات، وهذه مسؤولية العلماء والدعاة والقادة في تحفيز أفراد الأمَّة واستنفارهم في أداء واجب الوقت، وتبقى مسؤولية الفرد في الاستجابة لها والتعامل معها بجدية وعدم التسويف والممطالة.