ظهر الطفل المقدسي "أحمد المناصرة" في فيديو ادعى الاحتلال بأنه مسرب وهو يجيب ضابط المخابرات الصهيوني الذي كان يحقق معه بطريقة عنيفة قائلاً: مش متذكر! في حين يطلب منه الضابط الاعتراف بأنه كان يحمل سكيناً خلف ظهره لطعن المستوطنين قبل إطلاق النار عليه.
الطفل المناصرة ظهر في حالة من التوتر حيث كان يبكي ويقول: " مش متزكر .. صدقني ليش ما بدك تصدقني" في حين كان الضابط يصرخ في وجهه بطريقة هستيرية من أجل أن يدفع به للاعتراف على الاتهامات الملفقة عليه.
مشهد هز العالم وأظهر جلياً همجية الاحتلال في التعامل مع الطفل الفلسطيني؛ #مش_متذكر؛ وسم انطلق يحمل آلاف التغريدات الغاضبة والمناصرة للطفل أحمد، إلى جانب حالة من التضامن لأهالي القدس أمام المحكمة التي كان يواجه فيها المناصرة التهم قبل أن يتم تأجيل محاكمته.
هل الطفل الفلسطيني مستثنى من اتفاقيات حقوق الاطفال؟
يبدو كذلك؛ فواقع الطفل الفلسطيني يشير إلى تهميشه وعدم اخضاعه لما تنص عليه الاتفاقيات والقوانين التي تحفظ حقوق الأطفال حول العالم؛ حيث ينص البند الأول من إعلان حقوق الطفل والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 20-11-1959م، بأن "لكل طفل" بلا استثناء أن يتمتع بالحقوق التي كفلتها اتفاقية حقوق الطفل وهي على النحو التالي:
الحق في الحياة؛ والحق في العيش بمستوى معيشي ملائم؛ والحق في الرعاية الصحية؛ والحق في الترفيه واللعب؛ والحق في الأمن النفسي والسلام؛ والحق في التعليم؛ والحق في الحرية وعدم الاستهداف بالاعتقال والحبس.
لكن يا ترى بأي هذه الحقوق يتمتع الطفل الفلسطيني الذي يستهدف بالرصاص الحي وخير شاهد على ذلك شهيدي الانتفاضة محمد الدرة وإيمان حجو، وأي مستوى معيشي ملائم يحياه في ظل الحصار المطبق في قطاع غزة، وأي حق في الرعاية الصحية في ظل عجز المستشفيات والمستوصفات وافتقارها لأبسط الأدوات بسبب منع الاحتلال لتطويرها ووصول المستلزمات لها إلا بالنزر اليسير، وأي حق بالتعليم في ظل قصف المدارس والحبس الإجباري للأطفال في المنازل وحرمانهم من التعليم، أي حق بالأمن النفسي والحرية، وهو يعتقل ويهان ويحقق معه ويعتدى عليه بأشكال الاعتداء كافة!
الاحتلال تعمد نشر فيديو التحقيق مع المناصرة:

منسق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في الضفة الغربية السيد سميح محسن أشار إلى أن صدى صوت الطفل المناصرة تردد في آذان الملايين مرتين، المرة الأولى عندما استنجد لإنقاذه بعد تعرضه للإصابة وتأخرت فرق الإسعاف عن تقديم المساعدة له وتعرضه للتحريض من قبل المستوطنين بالتصفية والقتل، والمرة الثانية عندما سُرب مقطع التحقيق معه وهو يقول: مش متذكر.
وأشار سميح محسن خلال حديث له عبر فضائية القدس مساء الأربعاء إلى أنه لا يعقل أن يكون هناك جهة قامت بالتسريب واخترقت جهاز المخابرات من الداخل مؤكداً أن حلقة التحقيق تلك لم تخلُ من التعذيب وأن التحقيق بهذه الوحشية ينصب في مفهوم التعذيب، والعنف اللفظي والضغط النفسي وهذا الشريط يدين المحقق الصهيونيبلا شك.
وأضاف محسن: الهدف من هذا التسجيل هو تشكيل عوامل ضغط نفسي على الأطفال والأمهات وتخويفهم إلا أن هذا الهدف لم يتحقق بحسب محسن كون الطفلين أبو علقم قد قاما بعملية طعن في اليوم التالي من نشر هذا الفيديو داخل قطار في القدس المحتلة.
وبحسب محسن فإن المركز الفلسطيني لحقوق الانسان يقوم بأعمال التوثيق في جميع الاتجاهات ويلاحق الاحتلال إن سنحت له الفرصة الآن أو بعد حين قائلاً: من واجبنا أن نوثق الانتهاكات كون طبيعة عملنا تراكمي؛ وقد قمنا برفع العديد من القضايا في محاكم أوروبية وحققنا نتائج لم نكن نتوقعها ولذلك سنظل مستمرين في ملاحقة الجريمة الصهيونية بحق الانسان الفلسطيني.
300 طفل مقدسي ذاقوا مرارة الاعتقال خلال شهرين

أمجد أبو عصب وهو رئيس لجنة أهالي الأسرى في القدس المحتلة أشار في حديثه الخاص "لبصائر" إلى أن الاحتلال في القدس يستهدف الكل الفلسطيني عبر سلسلة من الإجراءات الظالمة أبرزها الاعتقال والحبس المنزلي والإبعاد وتحديدا لشريحة الأطفال. فالطفل الفلسطيني في مدينة القدس تمكن من فضح الاحتلال وكشف عورته وفضحه أمام وسائل الإعلام؛ وبالرغم من صغر أجسامهم واجهوا المحتل الذي يمتلك السلاح والعدة ودافعوا عن المسجد الأقصى، و ساهموا في حماية المرابطات من الاعتداءات المتكررة عليهن من قبل المستوطنين و الجنود الظالمين وتصدوا للجرافات التي تهدم المنازل، و لضباط البلدية الاحتلالية التي تفرض المخالفات و الضرائب الباهظة بحق الأهل، اليوم هم يواجهون الضرب والتنكيل والاعتقال والابعاد.
وبحسب الإحصائيات التي وضعها أبو عرب بين يدي "بصائر" فإن حوالي 900 فلسطيني مقدسي اعتقلوا منذ الثالث عشر من سبتمبر وحتى الثالث عشر من نوفمبر 2015، أي خلال شهرين؛ كان من بينهم 46 سيدة مقدسية، و269 طفل قاصر دون سن18عام من بينهم 9 فتيات قاصرات و33 طفل قاصر دون سن 12 عاماً.
تشريعات مجحفة بحق الأطفال المقدسيين:
وبحسب أبو عصب فإن الاحتلال الآن يشرع اعتقال الطفل لفترة تتراوح ما بين عامين إلى أربعة أعوام بحق كل من تثبت عليه تهمة إلقاء الحجارة إلى جانب غرامات مالية باهظة تتحملها أسرته، وسحب الحقوق من الطفل المقدسي الذي تثبت بحقه تهمة إلقاء الحجارة.
هذا وأشار أبو عصب إلى أن وزيرة العدل الصهيونية "شاكيد" قد أصدرت قبل أيام مذكرة استثنائية بحق الأطفال المقدسيين مفادها أنه يحق لأجهزة الأمن الصهيونية احتجاز أطفال من جيل 12-14 عاماً داخل مؤسسات تأهيلية لغاية إتمامهم جيل 14 عاماً ومن ثم تحويلهم إلى السجن العادي لكي يكملوا فترة محكوميتهم.
ويفصل أبو عصب ظروف اعتقال الأطفال المقدسيين بأنها متنافية تماماً وما ينص عليه القانون الدولي واتفاقية حقوق الطفل التي وقع عليها الاحتلال منذ ما يزيد عن 20 عاماً؛ كما يتنافى اعتقال الأطفال والقانون الاسرائيلي؛ فالقانون الدولي ينص على جلب الأطفال من خلال استدعائهم وليس اعتقالهم، بحيث يتم استجوابهم بوجود ولي الأمر، والاستدعاء يكون لغاية الساعة العاشرة ليلا. إلا أن الاحتلال يعتقل الأطفال ساعات منتصف الليل من خلال اقتحامه للمنازل من قبل قوات خاصة ملثمة مجرمة تقوم بتحطيم الأبواب وضرب الأطفال أمام ذويهم وكذلك الاعتداء على والد الطفل أمام الطفل المعتقل ويصاحب ذلك صراخ وفوضى من أجل إثارة الخوف كي يتم تحضير الطفل من الناحية النفسية قبل وصوله للتحقيق وبهذا تصل الرسالة للطفل بأنك لست في مأمن حتى لو كنت في حضن والدك الذي تعتبره سندك في كل الأوقات.
ويستطرد أبو عصب حديثه بالقول: "يعتقل الطفل ويضرب بالطريق حتى يصل سيارة الشرطة وهناك يضرب ويهان وتوضع له الأصفاد البلاستيكية المؤلمة وتغلق عيناه بقطعة من القماش بشكل مؤلم، ويصل الطفل إلى التحقيق و قد تعرض إلى سلسلة كبيرة من الضرب و الإهانات في التحقيق؛ حيث يتم تجويع الطفل، ابتزازه، شتمه، تخويفه، وضربه، من أجل انتزاع الاعتراف.
وأشار أبو عصب إلى أن جزءً كبيراً من الأطفال يتم اعتقالهم عدة أيام ومن ثم تحويلهم إلى الحبس المنزلي بحيث يدفع الأهل كفالات مالية عالية ويوقعون على تعهدات كبيرة بأن لا يخرج الطفل من المنزل وهنا يتحول البيت إلى سجن؛ والأهل إلى سجانين، بحيث يحاول الأهل الحفاظ على طفلهم من خلال منعه من الخروج من المنزل وعندها يحرم الطفل من التعليم وهذه سياسة يهدف لها الاحتلال الهدف منها تجهيل الفلسطيني من أجل السيطرة عليه.
تجنبوا تحميل اللوم..

الأستاذ الدكتور محمد صوالحة الخبير في علم نفس الطفل أشار في حديثه "لبصائر" إلى أن تعرض الطفل للاعتقال والتعذيب يعتبر خبرة مؤلمة تؤثر سلباً على النمو النفسي المتكامل لشخصيته المستقبلية، وينعكس ذلك على سلوكه المستقبلي، وقد يؤدي به لمعاناة من أعراض لأمراض نفسية، الأمر الذي قد يرتب خطورة عليه وعلى أسرته ومن حوله من المجتمع.
ويؤكد الدكتور صوالحة على أهمية تضافر جهود جميع أفراد الأسرة للعمل على محو الآثار السلبية من خلال تخليصه منها وعدم الحديث عنها، والتوقف عن عرضها كما يفعل البعض في هذه الأيام للأسف، حيث يقوم البعض بعرض فيديوهات لكشف ممارسات العدو وهذا سيؤدي إلى مزيد من تثبيت الخبرات السلبية في ذهنه وما تجر من آثار سلبية.
ووجه صوالحة أهالي الأطفال المعتقلين إلى تجنب توجيه اللوم والعتاب أو الاستهزاء بالطفل أو تجنبه وعدم الاحتكاك به ومعاقبته واعتباره سبب في التضييق الحاصل على الأسرة من قبل قوات الاحتلال؛ كون هذه السلوكيات ستشعره بلوم الذات والوصول إلى حالة من الاحباط أو العيش في حالة يأس وتعاسة.