مما لا يخفى على أحد أن انتفاضة القدس شكلت شكلاً جديداً في العمل المقاوم على الساحة الفلسطينية وخصوصاً على أرض الضفة الغربية، والملاحِظ والمتابع للشأن الصهيوني يرى كم مرة أمرت فيها قوات الاحتلال وحكومته المستوطنين أو المقيمين في بعض المدن في الضفة الغربية كالخليل والقدس أن لا يخرجوا من بيوتهم لوجود خطر مداهم يهدد حياتهم.
وفي المقابل نرى عدداً من المحاولات والتي باءت بالفشل لطعن مستوطن أو جندي هنا أو هناك ومع ذلك لا يفتأ الشباب يقاومون ويناضلون ويحاولون.
أما الأسبوع الأخير فقد شهد تطوراً نوعياً غير مسبوق في هذه الانتفاضة في عمليات القنص أو إطلاق الرصاص في الضفة الغربية.
ومع هذه المشاهد كلها لا تستطيع التنبؤ بمستقبل ومصير هذه الانتفاضة والهبة الشعبية الزخمة:
- هل ستستمر المواجهات مع قوات الاحتلال؟
- هل سنشهد زيادة في المقاومة النوعية بالسلاح أو تطوراً عليها كالعمليات الاستشهادية؟
- أم هل سيستطيع المحتل إيقاف هذه الهجمات ومحاصرة جيوب المقاومة هنا وهناك؟
- هل سنشاهد دخولاً ذا زخم للفصائل الفلسطينية المقاومة؟
- أم أن الشعب الفلسطيني سيمل قلة النتائج وكثرة الضحايا من طرفه؟
في الحقيقة وبغض النظر عن الجواب على الأسئلة السابقة فإن من المهم معرفته والإيمان به هو وجوب استمرار العمل النضالي المقاوم وخاصة هذه الانتفاضة لعدة أسباب:
"شكلت ضربات المقاومة العشوائية والخارجة عن الإطار التنظيمي للفصائل وغير المتوقعة ضربة موجعة للكيان الصهيوني الذي بات يرى كل فلسطيني وعربي هو مشروع مقاوم"
1. شكلت ضربات المقاومة العشوائية والخارجة عن الإطار التنظيمي للفصائل وغير المتوقعة لا في توقيتها ولا في منفذها ضربة موجعة للكيان الصهيوني الذي بات يرى كل فلسطيني وعربي هو مشروع مقاوم، ووجود أي فلسطيني مع الصهيوني في الشارع يعتبر تهديداً لحياة اليهودي الذي بات خائفاً من كل ما هو حوله، ولا يخفى على الناس تعدد عمليات القتل اليهودي بالخطأ ظنا منهم أن هذا اليهودي إنما هو عربي يريد قتلهم.
2. إن الرجوع الآن خطوة واحدة إلى الوراء تعني مزيداً من الاضطهاد والاعتقال؛ لأن الصهيوني سيقوم بالانتقام أشد الانتقام خاصة إن ظن نفسه أنه قد انتصر وأن الفلسطينيين قد تخلوا عن المقاومة بعدما يئسوا من تحقيق هدفهم.
3. توقف الانتفاضة هنا سيكون مثبطاً للفلسطينيين وحاجزاً قوياً أمام أية انتفاضة قادمة، خاصة أن الانتفاضة بعد أن قامت واشتعلت خمدت أوار نارها وانكفأت ثم انطفأت، ما يعني أنه لا يوجد أي مبرر لقيام انتفاضة جديدة مرة أخرى؛ حيث لن يكون هناك أي اختلاف في مصير الانتفاضة الجديدة، ولن تكون أفضل حالاً من سابقتها.
4. لا يخفى على المتابعين أن هذه الانتفاضة قد قامت لعدة أسباب، وأحد أهم وأبرز هذه الأسباب هو تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، وهذه المشكلة لم يحصل أي تطور فيها، وما اجتماع كيري مع نتنياهو وعباس سوى تبرير للصهيوني دمويته وإرهابه وزيادة له في تغوله على الأقصى، ولم تقدم أي حلٍّ عملي لتلك المشكلة.
5. لا بد من الانتباه جيداً أنه قد يكون هناك مخطط خفي لدى اليهود قائم على أساس تمهيد لعملية توطين الفلسطينيين ونقلهم خارج الضفة الغربية، حيث أشار الكثير أن جزءاً كبيراً من عمليات قتل اليهود للفلسطينيين كانت استفزازية وقد قام اليهود ببث عمليات قتل عدة خاصة لبعض الفتيات أو الأطفال ما يجعل الحنق الفلسطيني بازدياد وهو الذي بدوره لن يوقف عمليات الطعن، وهذا سيتخذه اليهود ذريعة أمام المجتمع الدولي لجدولة ترحيل الفلسطينيين من الضفة، ولا يوقف هذه اللعبة – إن وجدت – سوى التطور النوعي للمقاومة ونقلها من محاولات فردية إلى حرب شاملة على أرض الضفة.
"هذه الانتفاضة وكغيرها من عمليات المقاومة زادت من تعرية وفضح بعض أذناب اليهود في السلطة وغيرها من الأنظمة وكشف الخونة والعملاء"
6. إن هذه الانتفاضة وكغيرها من عمليات المقاومة زادت من تعرية وفضح بعض أذناب اليهود في السلطة وغيرها من الأنظمة وكشف الخونة والعملاء.
7. لم تشهد الساحة المقاومة إلى الآن مشاركة الفصائل بالزخم المطلوب ولعل استمرار هذه الانتفاضة يشكل حافزاً لهم للمشاركة ولإيجاد المقاومة النوعية ضد الاحتلال.
8. إن استمرار الانتفاضة بهذه القوة وتهديد اليهود على مساحة جغرافية كبيرة تشمل الضفة والأراضي المحتلة عام 48 يشكل نقطة قوة لدى الفلسطيني ما يجعله يحقق مكتسبات أكبر على الأرض وإن الفلسطيني سيفرض شروطه على المحتل رغماً عنه.
9. إن استمرار المواجهات ذات الأثر الخطير والمهدد لحياة اليهود قد يشكل علامة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني، ما قد يؤثر على زيادة الرقعة الجغرافية للفلسطينيين وإرغام اليهود على التراجع من نقاط التماس المباشرة بين الفلسطينيين والصهاينة.
10. لا يخفى على الناس كثرة تحرش المستوطنين واعتداءاتهم على الفلسطينيين بل وقتلهم الأبرياء كالأطفال مثل أبو خضير العام الفائت وعائلة الدوابشة قبل أشهر حرقاً وغيرهم الكثير الكثير، وإن هذه الانتفاضة بلا شك ستجعل المستوطنين يهابون الفلسطينيين ويحجمون عن التصرف بوحشية وتطرف لأنهم سيدركون أن لكل فعل رد فعل معاكس له، ولطالما قالت العرب سابقاً: من أمِن العقوبة أساء الأدب.
وأخيراً لا ننسى أن علينا نحن كعرب ومسلمين دعم القضية الفلسطينية مادياً ومعنوياً وإعلامياً وبشتى الطرق، وأن نجعل من هذه القضية موضوعاً يتكلم فيه الناس حول العالم لزيادة دعم حق الشعب الفلسطيني في استرجاع أرضه المغتصبة بعد خروج آخر يهودي محتل منها.