التدوير القيادي .. ديناميكية المؤسسات الدعوية

الرئيسية » بصائر تربوية » التدوير القيادي .. ديناميكية المؤسسات الدعوية
cooporativeleader12

إن من قوانين الله تعالى في كونه سبحانه، قانون يدفع بالمرء نحو التجديد والتغيير، قانون يبث الحياة وروح الأمل في النفوس، ويُذهِبُ عنها ألفة المشاهد لترى الإبداع حولها وتعيد قراءة الحياة من جديد، يقول الله تعالى في سورة النور: {يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار} [الآية:44].

فالحركة والدوران من قوانين الله تعالى التي أبدعها في الكون، فحركة النجوم والأجرام والأفلاك حركة مقصودة علينا أن نلتقط منها نحن البشر دروساً وعبر، وعلى المجتمع البشري أن يعمل بهذا القانون ويجعل نفسه في حركة دائبةٍ وتغيير مستمر لكي لا يصيبه شيء من الركود والأسن، ولعل تطبيقه الواضح هو من خلال تفعيل التدوير الوظيفي وتداول المواقع القيادية في بنية المنظمات والحركات.

"على المجتمع البشري أن يعمل بهذا القانون ويجعل نفسه في حركة دائبةٍ وتغيير مستمر لكي لا يصيبه شيء من الركود والأسن"

التدوير القيادي أسلوب إداري فعال في إدارة الموارد البشرية فمن خلاله يمكن منح الفرص المتساوية بين الأفراد، والكشف عن المواهب والقدرات والإبداعات، ويقضي على الرتابة والبيروقراطية والتكلسات الناتجة من الركود المستمر والسير في المكان، ويعمل على تمكين الأفراد وتقليص هوة تأهيل القيادات، وهو الأداة الفعالة والركيزة الديناميكية نحو تطوير العمل وتقدمه المستمر.

المؤسسات الدعوية اليوم وكواحدة من المؤسسات التي ترتكز في عملها على الموارد البشرية، هي مدعوة لتفعيل هذا القانون نظراً لحاجتها الماسة إلى التجديد والإبداع والتطوير في عملياتها وإجراءتها وبشكل مستمر لتضمن أفكاراً ورؤى خلاقة تقيها شر الفساد والكساد، وتحميها من الاستبداد والتسلط وفردية القرار، ويعمل هذا المبدأ على توظيف الشخص المناسب في المكان المناسب، وتمكين الفرد من العمل في مجال إبداعه ليعطي بدوره أكثر، بكل أريحية وإيجابية بعيداً عن الخمول والتراخي والكسل وأجواء الاحتقان.

"على المؤسسات الدعوية أن تحرص على الأرشفة وتوثيق كافة ما تقوم به من أعمال وأنشطة لتضعها بين يدي الجيل الجديد"

وعلى المؤسسة الدعوية أن تضع في حساباتها جملة من المحددات، والتي تتصل بنقل الخبرات والتجارب بين الأفراد خلال تطبيقها لمبدأ التدوير القيادي في مختلف قطاعات العمل ومستوياته، ومنها:

الأول: أن تحرص على المعايشة بين الأجيال، وتعمل على الدفع بالشباب في كل لجنة وهيئة وإدارة، لتناقل الخبرات والحرص على توريثهم كل ما لديهم من مخزون تجارب الحياة.

الثاني: اعتماد مبدأ التسليم والاستلام بين يدي كل مرحلةٍ أو خطوةٍ جديدة؛ بحيث يتم وضع تقريرٍ مفصلٍ عما تم إنجازه وما لم يتم، معللٍ بالأسباب الكامنة وراء ذلك.

الثالث: أن تحرص المؤسسة الدعوية على الأرشفة وتوثيق كافة ما تقوم به من أعمال وأنشطة لتضعها بين يدي الجيل الجديد.

ولذا نجمل بعض فوائد التدوير في العمل الدعوي على النحو الآتي:
1- التدوير القيادي ركن أساس في عملية التأهيل القيادي الذي ينادي به الكثير.
2- زيادة الإنتاجية وتحقيق الرضا وصناعة أجواء أخوية مريحة داخل المؤسسة.
3- الإثراء والتجديد والإبداع في العمل.
4- إكساب العاملين المزيد من الخبرات في شتى المجالات الدعوية.
5- إبراز المواهب والقدرات الكامنة لديهم.
6- التخلص من البيروقراطية والروتين.
7- التحفيز والدافعية واشعار العاملين بعدم الغفلة من قبل المسؤولين.

"ينبغي على المؤسسات الدعوية الاعتراف بضرورة تفعيل مبدأ التدوير القيادي، والاتفاق على أن إفساح المجال للغير ليس عيباً أو إهانة، وإنما هو شجاعة ممن يتخذه"

إن المؤسسات الدعوية اليوم بحاجة ماسة إلى الإبداع والكفاءة في القيادة والتطوير في مجال العمل، وهذا كله يحتاج تقديم الأفضل على الدوام والدفع بالقيادات ذات الكفاءة لبث الروح في جسد المؤسسة، وعليها أن تعترف بضرورة تفعيل مبدأ التدوير القيادي، والاتفاق على أن فسح المجال للغير ليس عيباً أو إهانة، وإنما هو شجاعة ممن يتخذه لإتاحة الفرصة لمن لديه القدرة على العطاء والتجديد بشكل أفضل، لتنجو بذلك "من الإصابات الخطيرة التي لحقت بالحركات والتنظيمات الإسلامية، عجزها وعدم قدرتها على استنبات قيادات متجددة ومعاصرة بالقدر المأمول، تضمن القدرة على التواصل، وغالبًا ما تتوهم أن المحافظة على استمرار القيادات، حتى ولو أصبحت عاجزة، نوع من الوفاء، الأمر الذي جعلها تتجمد، وتتحنط، وتتكلس، وتتحول لتقتات بتاريخها، وإنجاز القادة السابقين".

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
مدون أردني مهتم بالشأن التربوي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …