(تقرير): التحصيل العلمي بين ضرورة التخطيط وسِهام المعوّقات

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » (تقرير): التحصيل العلمي بين ضرورة التخطيط وسِهام المعوّقات
DSC_2745

يؤكّد الدكتور حسن داري عضو هيئة فلسطين في الخارج، والمدرب المعتمد من المركز الكندي العالمي في حديثه لـ(بصائر) أنَّ التخطيط هو أولى خطوات التحصيل العلمي الشرعي الناجح، فمن دون تخطيط يقضي الإنسان أغلب عمره يطوف بين العلوم لا يدرك حاجته ولا يصل إلى مبتغاه.

ويرى الأستاذ محمّد الرّفاعي مشرف سفراء التنمية في دولة قطر لدى سؤال (بصائر) عن أبرز خطوات التخطيط أنَّ البداية تكمن في ضرورة تقوى الله تعالى ومراقبته والسعي في طلب رضاه من خلال دراسة علوم الدين ثمَّ الأخذ عن العلماء الربانيين الموثوقين وملازمتهم ومتابعتهم كما كان يفعل سيّدنا عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما، ثم التفرّغ الكامل أو شبه الكامل للدراسة، فقد قال الامام الشافعي رحمه الله: (لو كُلّفتُ بصلة ما تعلّمت مسألة).

ويضيف د. حسن داري: "يعدُّ التخطيط الخطوة الأولى للنجاح في أي شيء وعلى رأس ذلك التحصيل العلمي الشرعي على مبدأ (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)؛ فالذي يعلم وجهته لا يستوي مع من هو في فوضى فكرية وعلمية لا يدري من أين بدأ ولا أين سينتهي".

"د. داري: يعدُّ التخطيط الخطوة الأولى للنجاح في أيّ شيء وعلى رأس ذلك التحصيل العلمي الشرعي"

مكامن الخطورة في غياب التخطيط !

ويوضّح الأستاذ الرّفاعي أنَّ هناك خطورة كبيرة على واقع الأمّة إن غاب التخطيط الأمثل في موضوع التحصيل العلمي للأفراد مستدلاً بحديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)). (رواه البخاري).

ويحدّد الرفاعي مكمن الخطورة في اتجاهين الأوَّل: هو انتشار الجهل بين من يُظن بهم أنهم أهلٌ للعلماء، ثمَّ يسألون ولا يتورّعون عن الإجابة فيضلون الناس وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، كذلك يصبح طلبة العلم بوقاً للسلطان الذي يشرعن كل ما يريد أن يقوم به لتثبيت ملكه وجمع الناس من حوله.

أمّا الاتجاه الثاني، حسب الرفاعي، فيكمن في أنَّ هؤلاء سيذهبون إلى المدارس لتعليم دين الله تعالى، ولن يستطيعوا أن يرتقوا بطلابهم فكراً وسلوكاً وعلماً إذا كانوا فارغين من العلم أو كانت مستوياتهم العلمية متدنية.

خطوات تحصيل علمي ناجح..

ويلخص د. داري أبرز الخطوات التي ينبغي أن يتبعها الفرد المسلم من أجل تحصيل العلم الشرعي بقوله:

  1. يشخّص مستواه العلمي والفكري ومن ثمَّ يحدّد النقص الذي عنده.
  2. يحدّد الهدف الذي يرغبه من التحصيل، ويكون الهدف وفق الواقع الذي يعيشه لا وفق رغباته.
  3. يدرس المستوى الذي يريده هل هو تخصصي أم ثقافة عامة ويحدده.
  4. يفرّغ هذا الهدف على مدة زمنية تتناسب مع حجم الاختيار –تخصصي أم ثقافي- من خلال تقسيم المواد المحددة وتوزيعها كأهداف قصير على الأشهر والأيام.
  5. يحدد المشكلات والعقبات التي يمكن أن تواجهه، لتذليلها والالتفاف عليها وصولاً إلى الهدف المرجو.

"الرّفاعي: المعوّقات في التخطيط لتحصيل علمي شرعي ناجح لن تتعدى أن تكون في واحدة من ثلاث: السلبية، الغرور، عدم المعرفة"

ويبيّن د. داري أنَّ هذه الخطوات وغيرها هي مجرّد إشارات تذكرنا بأهمية وضع خطة تضمن أهداف محددة ومقدرة بزمن معيّن ليكون الفرد المسلم منظماً يستغل وقته ويوفر جهده فيما ينفعه ملتزماً بتوجيهات الحبيب صلّى الله عليه وسلّم: ((احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)).

سهام المعوّقات..

وأمام محاولات التخطيط التي ينهجها الفرد المسلم من أجل التحصيل العلمي تقف أمامه عوائق تمنعه من التخطيط الأمثل للوصول إلى الهدف المنشود، فما هي أبرز هذه العوائق؟

الأستاذ محمَّد الرّفاعي الخبير في علم التخطيط يقول لـ (بصائر): إنَّ "المعوّقات في التخطيط لتحصيل علمي شرعي ناجح لن تتعدى أن تكون في واحدة من ثلاث":

أولاً:السلبية؛ وتتمثل في الكسل والتهاون في الدراسة وعدم الاهتمام بها، وعدم بذل الجهد الكافي للوصول إلى التميز في الدراسة.

وأخطر من كل ذلك تلك الثقافة المنتشرة أن الطالب الذي لا يحصل على مجموع في الثانوية يؤهله لدخول الطب أو الهندسة أو أي تخصص محترم يزج به في الكليات الشرعية لدراسة الدين، فكيف سينقذ من بالكاد نجح في الثانوية أمته ويتعلّم قرآن ربّه؟!

ثانياً: الغرور؛ حيث يضيع العلم بين الكبر والخجل، ويضيع الحق بين الخوف والوجل، فالغرور يجعل من صاحبه بعيداً عن الدين ويعتبر نفسه أنه مفتٍ أو صاحب علم لابد أن يلجأ الناس إليه في فتاواه.

ثالثاً: عدم المعرفة؛ ونقصد بها عدم وجود سبيل أو طريق أو ربما جامعة قريبة لطلب العلم، أو عدم التعرّف على العالم الرّباني الذي يوجّه التوجيه الصحيح ويبيّن معالم الدين كما أنزلت على رسول البشرية صلّى الله عليه وسلّم، والجهل في التخطيط لتحصيل علمي ناجح هو أهون المعوّقات، لأنَّ التغلّب عليه أسهل من أي معوّق آخر.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …