تصادف اليوم الذكرى الثامنة والعشرون لانطلاقة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لتأتي ذكرى التأسيس في ظل ما تواجهه الحركة الفتية من محاولات تقزيم ممنهجة على المستويين المحلي والإقليمي.
إلا أن الحركة تعتبر رقماً صعباً في تاريخ القضية الفلسطينية، إذ شكلت علامةً فارقة في النضال الفلسطيني ضد المحتل الصهيوني، على كافة المستويات السياسية والعسكرية والاجتماعية، ورسخت في الشعب الفلسطيني والعربي مفهوم الصمود والثبات والمقاومة، والاستمرار حتى نيل الحرية والانتصار.
لا شك من أن حماس اليوم أصبحت أكثر نضجاً وخبرة وأكثر قوة وتنظيماً، وأكثر انغماساً في المجتمع الفلسطيني، إلا أنها في المقابل تواجه حماس اليوم طيفاً سياسياً واسعاً من الأعداء سواء ممن يختلفون مع نهج الحركة أو أولئك الخصوم الذين يعادون أفكار المقاومة والانعتاق من حبال المحتل.
انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ليست أمراً عادياً أو حدثاً عابراً، بل إنها تستلزم الدراسة والتحليل لا سيما وأن الحركة بقيت محافظةً على نهج المؤسسين فيها ممن أعلنوا عن انطلاقة الحركة من مساجد قطاع غزة بقيادة الشيخ الشهيد أحمد ياسين المؤسس الروحي لحماس، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى بديلٍ حتمي لمنظمة التحرير الفلسطيني التي لم تعد قادرة على مواجهة تبعات الاحتلال، وإعادة حقوق الفلسطينيين وهو الأساس الذي على إثره تشكلت المنظمة الفلسطينية.
وبالرغم من اشتغال حركة حماس بمقارعة الاحتلال الصهيوني وطرده عن أرض فلسطين، إلا أنها أعطت للعمل الإنساني والوطني الفلسطيني مساحةً من الاهتمام تمثلت في بناء المدارس والمستشفيات في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومساعدة المجتمع المدني عبر وسائل اجتماعية ودينية شتى، من خلال تأسيس الجمعيات الخيرية الإسلامية لمساعدة الفقراء وذوي الشهداء والأسرى.
منذ نشأة حماس في الرابع عشر من شهر ديسمبر عام 1987م، والحركة تسير في حقلٍ من "الأشواك والألغام"، وكأنه قدرها طالما أنها في مواجهةٍ مفتوحة عبر أبوابٍ مشرعة مع الاحتلال، وخاضت حماس ثلاثة حروب مع العدو الصهيوني وخرجت من تلك المعارك أشد عوداً وأقوى شكيمة، تمثل ذلك بالتفاف جماهيري غير مسبوق مع الحركة ونهجها في التعامل مع تفاصيل القضية الفلسطينية والمواجهة مع الاحتلال.
وإن كانت الأزمات تلازم الحركة الإسلامية الفلسطينية منذ سنوات، إلا أنها في هذا الوقت على وجه التحديد تبدو أكثر حدة، وسط مرحلة غاية في الصعوبة تمر بها القضية الفلسطينية، والمحيط العربي المشغول بهمومه الداخلية على حساب قضيته المركزية الأولى. وبكل تأكيد لم يرد الاحتلال ولا حتى بعض الدول العربية، أن تأتي ذكرى تأسيس حركة حماس الثامنة والعشرون والحركة تقف على قدميها كما هي الآن، بعدما شن الاحتلال حرباً لا هوادة فيها كان هدفها المعلن، بتمويلٍ عربي إسقاط حماس والقضاء عليها.
لم يعد أمر حماس شأنا داخلياً؛ بل إن الاهتمام والمتابعة تشمل مجمل الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، وباتت محاولة استقراء، واستشراف مستقبل الحركة الشغل الشاغل لدى الكثيرين إذ إن حماس أعلنت عن نفسها منذ لحظة تأسيسها بأنها ستكون الصخرة التي ستتحطم عليها أطماع المشروع الصهيوني في فلسطين.