مع ذكرى مرور 28 عاماً على انطلاق حركة حماس، تستحق منا هذه الحركة وقادتها وكوادرها قُبلة على الرأس.
هذه الحركة التي انطلقت في كانون الأول/ ديسمبر 1987م، لتقود مع بقية الفصائل الفلسطينية الانتفاضة الأولى، والتي كبدت العدو الإسرائيلي خسائر لا تعد.
هذه الحركة التي ابتدأت مقاومتها وكفاحها وجهادها بالحجارة، ثم طورت سلاحها إلى أن وصل إلى صواريخ تضرب «تل أبيب».
هذه الحركة التي قدمت الكثير من التضحيات في سبيل الله وفي سبيل القدس وفلسطين، فارتقى ونال الشهادة بإذن الله تعالى العديد من قادتها وفي مقدمهم مؤسس الحركة وزعيمها الشيخ أحمد ياسين، وكذلك القادة: الرنتيسي وأبو شنب ويحيى عياش وعماد عقل وصلاح شحادة ونزار ريان والجعبري وسعيد صيام، والكثير ممن لا يتسع المجال لذكرهم.
ناهيك عن الآلاف ممن يقبعون في سجون الصهاينة أو السلطة الفلسطينية، وغيرهم من المهاجرين في أرض الشتات، وفي مقدمهم قائد المكتب السياسي الأخ المجاهد البطل أبو الوليد «خالد مشعل».
حركة حماس -ومعها بعض الفصائل المجاهدة- هي اليوم رأس الحربة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، هي أحد عوامل الدفاع عن المسجد الأقصى ومنع تقسيمه أو محاولة هدمه أوتهويده.
"لا مانع من النصح والتذكير لكن الحذر من التخوين والتكفير، إن تصيد الزلات ونشرها وكتم الحسنات وسترها، إنما هو فعل ضعاف النفوس والقلوب المريضة"
تقود حماس قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، وتسعى بكل ما تستطيع من طاقة لتلبية احتياجات أهل القطاع، كما تقود المقاومة الباسلة للتصدي لأي عدوان إسرائيلي عليه.
حركة حماس تسعى دائما للموازنة بين متطلبات وحاجات الشعب الفلسطيني -وأهل غزة خاصة- وبين المتغيرات الدولية والتقلبات السياسية، في الدول التي تجاورها، أو التي ينعكس أثرها على مصالح الشعب الفلسطيني.
لذلك تعيش الحركة في ضغط شديد بين تلبية حاجات شعب محاصر لسنوات طوال، هدمت مساكنهم، وأُغلقت المنافذ البرية والبحرية والجوية عليهم، يتعرضون للتجويع، يعانون النقص في الوقود والكهرباء والماء والدواء.
وبين مساعدات تقدمها دول ومعها بعض الشروط والإملاءات والتي قد تضر بالقضية الفلسطينية أو يكون معها التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني.
يتعرضون لضغط بين الوقوف مع المبادئ والأخلاق وبين المصالح، فينحازون للمبدأ وإن عطل بعض المصالح المحققة.
ولعل أوضح الشواهد على ذلك هو وقوفهم مع الشعب السوري المظلوم، وتخلّيهم عن الدعم اللامحدود والذي كان النظام السوري يقدمه لحركة حماس، خلال تواجد قادتها وكوادرها على الأراضي السورية قبل وأثناء انطلاق الثورة السورية.
بل إن قادة إيران ليتمنّون اللحظة التي يزورهم فيها «خالد مشعل» هذه الأيام إلا أن وقوف إيران كداعم رئيسي للنظام السوري، ومشارك في قتل إخواننا السوريين الأبرياء، تحول دون تلبية هذه الدعوة، والتي ربما تجني الحركة منها الدعم المالي الكبير.
حركة حماس نتاج بشري يصيب ويخطئ، وليس من المروءة أن يقوم البعض بتلقّف تصريح هنا أو كلمة هناك، ليجعلها منطلقاً لكيل السباب والشتم للحركة وتخوين قادتها، ونسف كل تاريخها البطولي والجهادي.
لا مانع من النصح والتذكير لكن الحذر من التخوين والتكفير، إن تصيد الزلات ونشرها وكتم الحسنات وسترها، إنما هو فعل ضعاف النفوس والقلوب المريضة، لأن الإسلام أمرنا أن نُنصف الأعداء فكيف بالإخوة والأشقاء!!
في زيارتي الأخيرة لقطر تلبية لدعوة كريمة من زميل إعلامي قطري، سنحت لنا الفرصة -مع مجموعة من الإعلاميين والسياسيين- للالتقاء بالأخ المجاهد «خالد مشعل» وكم سعدنا ونحن نسمع كلمات العزة والثقة وعبارات التفاؤل والأمل بانتصار أهل فلسطين على عدوهم مهما كانت المصاعب والتحديات، وبأن هذا الشعب منصور بإذن الله «لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم» كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام.
ونقول لأهلنا في فلسطين ولأبطال حماس خاصة «اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون».