هل تساعد زوجتك في أعمال المنزل؟

الرئيسية » بصائر تربوية » هل تساعد زوجتك في أعمال المنزل؟
MAN-WASHING-DISHES

يميل المجتمع العربي في عصرنا الحاضر إلى إرهاق المرأة في أعمال البيت، فكل ما في البيت من نظافة أو إعداد للطعام أو ترتيب له أو رعاية للأبناء هو من وظائف المرأة.

أما الرجل فهو الآمر المطاع، فيكتفي بالتوجيه والإرشاد من غير مشاركة للمرأة في أي من هذه الأعمال، فهذا موطن راحته وسكونه، فهو قادم متعب من عمله فلا يحرك كأساً من مكانه، علاوة على أن بعض الرجال يعتبر ذلك عيباً تأباه نفوسهم، فهذه الأعمال تخدش كرامتهم وتقلل من هيبتهم، حتى بات كثيرٌ من النساء يعانين من التعب والإرهاق من أعمالهن التي لا تنتهي.

ويزيد الطين بلة أن كل ذكور العائلة الممتدة كانوا صغاراً أو كباراً لهم نفس الطبع والعادة، فإذا كان رب الأسرة للدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص، فكيف كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مع أهله؟ وكيف نطبق سنته هذه في واقعنا المعاصر؟

لن تجد قدوة في حياتك أعظم من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقد كان أعظم قائدٍ وخير معلم، ونعم الأب، وهو زوج يرعى حقوق زوجاته، فهو خير أسوة في رعاية بيته والحفاظ على أسرته، فقد سئلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: "ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله -أي: في خدمتهم-، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة" [رواه البخاري]، وفي رواية عند أحمد: كان بشرًا من البشر، يَفْلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه. وفي رواية أخرى: كان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم.

"لم يكن رسول الله عليه السلام يأنف من مساعدة أهله في بيته بل كان في مهنة أهله يخدمهم، ويقوم على حاجتهم، وذلك يدل على عظم خلقه وتواضعه"

فلم يكن يأنف عليه أفضل الصلاة والتسليم من مساعدة أهله في بيته بل كان في مهنة أهله يخدمهم، ويقوم على حاجتهم، وذلك يدل على عظم خلقه وتواضعه عليه أفضل الصلاة والتسليم، فليس عيباً ولا منقصة أن يقف الرجل في المطبخ فيغسل الأواني المستخدمة في الطعام أو يكنس بيته، أو يغسل ثوبه، ويقوم بأي عمل من أعمال المرأة فذاك من باب المعاونة على الخير ومراعاة للمرأة المستعدة أن تفني نفسها من أجل زوجها وأبنائها.

إن عدم التعاون في شؤون البيت ورمي الأحمال كلها على المرأة سبب رئيسي من أسباب المشكلات الأسرية، ولا يعني ذلك أن يترك الرجل أعماله ويجلس في البيت يساعد زوجته، ولكن أن يخفف قدر المستطاع تلك الأعباء الثقيلة فيختصر الوقت ويخف الحمل على المرأة، وكل حسب حالته واستطاعته، فالرجال تختلف أعمالهم وأوقاتهم، فهو تعبير صادق من الرجل عن شعوره مع زوجته وامتنانه لها على الدور الكبير الذي تقوم به في الأسرة.

كيف أكون في عمل أهلي؟

أولاً: اخدم نفسك بنفسك: فيتثاقل أحدنا من القيام لشرب الماء فينادي على زوجته لتحضر له كأس الماء، فبعض الرجال متصلب في مجلسه لا يقوم إلا للضرورة القصوى، فهو متلذذ بوقته بينما اختفت زوجته في عمل بيتها فلا يراها إلا آخر الليل منهكة.

ثانياً: نظف ما اتسخ بفعل يدك ورتّب ما تناثر من تصرفك: فعوّد نفسك على غسل ما تأكل به أو تشرب وأعده لمكانه المخصص، بالإضافة لترتيب فراشك وتعليق ثيابك، وتنظيم حاجياتك، وترك المكان أحسن مما كان بعد إصلاحك وعملك.

ثالثاً: عوّد ابناءك وأهل بيتك على النظافة والترتيب وأن يخدم كلٌ نفسه، فلا يكون متكلاً على غيره، وفي هذا المجال يجب على الرجل والمرأة التعاون حتى يصبح الأمر عادة من كل أهل البيت.

"لم يتزوج الرجل المرأة حتى يشقيها في عمل بيتها، بل هي تنتظر من زوجها أجمل لحظات حياتها"

رابعاً: اجعل يوماً راحة للمرأة وقم بالأعمال كلها وذق التعب والإرهاق الذي تناله زوجتك، فذاك أدعى للشعور معها ومساعدتها.

ختاماً.. لم يتزوج الرجل المرأة حتى يشقيها في عمل بيتها، بل هي تنتظر من زوجها أجمل لحظات حياتها، فكن سنداً لزوجتك في وظائف البيت لا سيما تربية الأبناء والبنات فذاك من الواجب الذي ستسأل عنه يوم القيامة، حتى تكون بيوتنا بيوت سكن وراحة ومودة لا بيوت نكد أو تعب وشقاء.

قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، [الروم: 21].

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
تربوي وإداري بخبرة تزيد عن خمسة عشر عاماً، حاصل على درجة الماجستير في الفقه وأصوله من جامعة اليرموك في الأردن، مدرس علوم اسلامية وشرعية، بالإضافة للعمل في عدد من المراكز والهيئات التربوية والدعوية المتنوعة، مدرس علوم قرآن وخبرة في تدريس التلاوة والتجويد.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …