الخطّة البرّاقة لذي النفس التوّاقة

الرئيسية » كتاب ومؤلف » الخطّة البرّاقة لذي النفس التوّاقة
KHITA

الوقت هو الحياة، وإنَّ كلَّ مَنْ تغيبُ عن هذه القاعدة ستضيع حياته، يقول الإمام البنا: (وهل حياتك أيّها الإنسان في هذا الوجود شيء غير الوقت الذي يمضي بين الوفاة والميلاد؟ وقد يذهب الذهب وينفد، ولكنّك تستطيع أن تكوّن منه أضعاف ما فقدت، ولكن الوقت الذاهب والزمن الفائت لا تستطيع له إعادة أو إرجاعاً، فالوقت إذاً أغلى من الذهب وأغلى من الماس، وأغلى من كل جوهر وعرض لأنّه هو الحياة). ومن هنا تكمن قيمة التخطيط في استثماره من خلال ترتيب أهدافه وأولوياتهم في الحياة، وفي سبيل ذلك ولأصحاب النفوس التوّاقة للتميّز والإبداع والإيجابية، وضع الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي كتابه (الخطة البرّاقة لذي النفس التوّاقة)، فإلى التفاصيل:

مع الكتاب:

يخاطب المؤلف كلَّ مَنْ يملك نفساً توّاقة لكل خير وعمل صالح وإبداع في الحياة والتميّز في العطاء، ويقدّم قواعد أساسية لكل سالك في سبيل العلم، وخطّة منهجية للنجاح والرّيادة في الدنيا، والفوز والفلاح في الآخرة.

يبدأ المؤلف بتحليل علمي وتربوي لسورة العصر، بعنوان (سورة العصر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر)، فمن خلال تفسيره للعصر الذي أقسم الله به في بداية السورة، يلفت النظر إلى أهمية الأجزاء من الوقت فضلاً عن أهمية الوقت ككل، وأنَّ على المؤمن أن يعصر عمره عصراً ويضغط عليه ضغطاً ليحسن الاستفادة منه ويستخرج منافعه وفوائده.

ومن منطلق السورة نفسها، يضع المؤلف ملامح وصفات المؤمن الرّابح، بدءاً من الإيمان: الذي هو الأساس المحرك الدافع الباعث على عصر العمر وبرمجة الوقت وهو زاد المؤمن وشرط قبول الأعمال. فالأعمال الصالحة: وهي ثمرة للإيمان وتشمل جميع مجالات الحياة، ثمَّ التواصي بالحق: بعد أن يعرف الحق ويستوعبه، والتواصي بالصبر: وهي خطوة مبنية على ما قبلها وهي تعاهدٌ بين المؤمنين بالالتزام بالحق والثبات عليه.

ويضع المؤلف نماذج من اهتمام العلماء بالوقت والعلم، ويؤكّد على أهمية (صحة المنطلق) وهي نقطة البدء وهي الأساس في المسار الصواب في العلم والتعلم والفقه والتفقه، وتتمثل في استحضار النية وتحقيق الإخلاص والتوجه بالأعمال كلّها إلى الله سبحانه، فمن صحَّت بدايته استقامت طريقته وصحت نهايته، ومن فسدت بدايته اعوجت طريقته.

لا يعيش صاحب العلم ازدواجية مرضية، بمعنى أنه لا يوجد عنده مفارقة بين ما يقرؤه في الكتب العلمية وبين ما يعيشه في واقعه

ويقول د. الخالدي في حديثه عن الأخلاق الأساسية لصاحب العلم: "لا يعيش صاحب العلم ازدواجية مرضية، بمعنى أنه لا يوجد عنده مفارقة بين ما يقرؤه في الكتب العلمية وبين ما يعيشه في واقعه، وإنَّ هذه الازدواجية بين الفكر والسلوك هي من أشد وأخطر أمراض المسلمين اليوم".

ويحدّد مجموعة من أهم الأخلاق الأساسية الضرورية لصاحب العلم:

الإخلاص: وهو ثلاث معانٍ؛ فلابد لصاحب العلم أن يكون أولاً خالصٌ لله في شخصيته وكيانه وحياته ودينه، ثانياً مُخلِص لله في كل ذلك أيضاً، وهو بعد ذلك مُخلَصٌ أي يستخلصه الله ويجعله خلاصة عباده.

الصدق: الصدق في الحديث أمر بدهي ولكن على صاحب العلم أن يكون صادقاً في كلامه وحديثه وصادقاً في التزامه وفي تعلمه وتعليمه وفي نشاطه وعونه وإيمانه وعبادته.. صادقاً في أخوتّه ومحبته.

الجدية: صاحب العلم جاد في حياته وفي سلوكه وفي قضاء أوقاته وهذه الجدية تنعكس على جميع جوانب حياته، فالإسلام يريده كذلك لا أن يكون لاهياً عابثاً لاعباً ضائعاً مع الضائعين يضيع عمره في الأوهام والتفاهات، يمضي ساعاته في الغفلة والخداع واللغو والعبث.

صاحب العلم جاد في حياته وفي سلوكه وفي قضاء أوقاته وهذه الجدية تنعكس على جميع جوانب حياته

التكامل الموزون: وذلك بين جميع حقول العلم فلا يهتم بحقل على حساب آخر، وبين جميع ميادين العمل وألوان العبادة.

السلوك الاجتماعي المتفوّق: فصاحب العلم ناجح في وسطه الاجتماعي وتعامله مع الآخرين، فواجب عليه أن يتخلص من الأمراض الباطنة (الكبر، الكذب، الغيبة والنميمة) والأمراض الاجتماعية (الظلم والسخرية)، فصاحب العلم هين لين صاحب سماحة ورأفة واسع الصدر طيب النفس حسن الخلق يتحمَّل الأذى ويستوعب الخطأ.

ويضع المؤلف خطوطاً أساسية للشخصية العلمية، وهي الربانية، والسلفية، والحركية. ثمَّ يتطرّق إلى خصائص النفس التوّاقة ذات الآمال البرّاقة، وضرورة التخطيط والبرمجة وترتيب الأولويات، ويضع ركائز تنفيذ الخطة المبرمجة والتي من بينها: المشارطة، والمراقبة، والمجاهدة، والمحاسبة، والمعاتبة، والمعاقبة، والمكافئة.

كما يضع الدكتور الخالدي برنامجاً يومياً لصاحب العلم، وكيف يهتم بوقته وصحته البدنية والنفسية، ويختم بنصيحة عن أبرز الكتب التي ينبغي لصاحب العلم أن يقرأها، ويذكّر بالوصايا العشر للإمام الشهيد حسن البنا.

مع المؤلف:

KHALDIهو صلاح عبد الفتاح الخالدي ولد في مدينة جنين عام 1947م. بدأ طلب العلم بحصوله على بعثة للأزهر سنة 1965م، وهناك حصل على شهادة الثانوية الأزهرية، ثمَّ درس في الكلية الشريعة وتخرَّج منها سنة 1970م، ثمَّ تحصّل على درجة الماجستير سنة 1977م، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، برسالة علمية قدّمها بعنوان: (سيّد قطب والتصوير الفني في القرآن). وتحصّل على درجة الدكتوراه في التفسير وعلوم القرآن سنة 1984م، من الجامعة نفسها، وكانت الأطروحة بعنوان: (في ظلال القرآن– دراسة وتقويم). له العديد من  المؤلفات، منها: سيّد قطب: الشهيد الحي، أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب، ثوابت للمسلم المعاصر، الشخصية اليهودية من خلال القرآن: تاريخ وسمات ومصير، مفاتيح للتعامل مع القرآن، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، أفراح الرّوح، حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية.

بطاقة الكتاب:

العنوان: الخطّة البرّاقة لذي النفس التوّاقة.
المؤلف: الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي.
دار النشر: دار القلم (دمشق) – الدار الشامية (بيروت).
سنة النشر: الطبعة الرابعة 2002م.
عدد الصفحات: 183 صفحة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

تراث القدس.. سلوة النفس

يعد هذا الكتاب القيّم تراثًا مقدسيًّا فلسطينيًّا مبسّطًا - إلى حد ما - ومجمّعًا بطريقة …