د. محسن صالح: انتفاضة القدس تعيدُ توجيه بوصلة الأمَّة إلى عدوّها الأوّل

الرئيسية » بصائر من واقعنا » د. محسن صالح: انتفاضة القدس تعيدُ توجيه بوصلة الأمَّة إلى عدوّها الأوّل
o-MOHSEN-SALEH-facebook

قال مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات محسن صالح: إنَّ انتفاضة القدس الحالية هزّت الأساسين اللذين يقوم عليهما المجتمع "الإسرائيلي" وهما الأمن والاقتصاد، في مقابل حالة من الصمود يقدّمها الفلسطينيون، مشيراً إلى أنَّها تُعيد توجيه بوصلة الأمَّة إلى عدوّها الأوَّل.

وتوقّع الدكتور محسن صالح في حديثه لبرنامج "بلا حدود" يوم أمس الأربعاء (6-4) على قناة الجزيرة الفضائية تجاوزَ الانتفاضة للتحدّيات التي تواجهها، مؤكّداً أنَّ المسار العام للحالة المقاومة صاعد رغم الصعوبات والعقبات.

خسائر الاحتلال

وعن خسائر الاحتلال الصهيوني في انتفاضة القدس، قال صالح: إنَّ هناك 1516 عملية تمَّت خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذه الانتفاضة، من بينها 296 عملية أدت إلى إصابات مباشرة بين الإسرائيليين، وتعتمد هذه العمليات كلها على العامل الفردي.

ورغم إشارة صالح إلى أنَّ خسائر الاحتلال الصهيوني قد تبدو قليلة، فإنَّه أوضح أنه عند الأخذ في الاعتبار أنَّ الاحتلال الصهيوني يقوم على الأمن والاقتصاد، فإنَّ الانتفاضة الحالية تتسبّب في حالة من الهلع في مجتمعها، حتّى أنَّ 77% من المستوطنين لم يعودوا يشعرون بالأمن، بينهم 52% لا يشعرون بالأمن مطلقاً، و25% يشعرون بانعدام الأمن، وفق إحصاءات الاحتلال.

وأضاف أنَّ حشد الاحتلال 27 كتيبة عسكرية لمواجهة الانتفاضة يعني حالة من الاستنزاف للمجتمع وهو ما انعكس على سلوك الاحتلال الصهيوني، حتى أنَّ 80% من سكان بعض المدن التي تحدث فيها عمليات للانتفاضة لا يخرجون من بيوتهم في بعض الأوقات، فضلاً عن خسائر سياحية كبيرة وغير ذلك.

جيل الانتفاضة

وأوضح أنَّ لكل انتفاضة ما يميّزها، فالانتفاضات تأخذ شكلاً موجياً ولا تتوقف، وفي حين تميَّزت الانتفاضة الأولى بأطفال الحجارة، وميّز الاستشهاديون الانتفاضة الثانية، فإنَّ الانتفاضة الثالثة هي انتفاضة السكاكين.

وعن ما يميّز الانتفاضة الحالية، قال صالح إنَّها ترتبط أكثر بالجيل الشاب العابر لحدود التنظيمات، بالإضافة للمبادرة الفردية التي لا تنتظر الفصائل الفلسطينية، كما أنَّ الانتفاضة الحالية "بلا رأس" إذ يغيب عنها القيادة وهو ما أدّى لاستمرارها دون أن يتمكّن الاحتلال الصهيوني من استهداف قيادتها. وأكَّد أنَّ ممّا يميّز الانتفاضة الحالية هو حجم المشاركة الكبيرة من الفتيات الفلسطينيات.

ردّ الشباب الفلسطيني خلال الانتفاضة على انتهاكات الاحتلال رد واع وناضج ويعرف ما يريد ومستعد للتضحية ومستعد للمبادرة الفردية

وأشار إلى أنَّ الجيل الذي يقود الانتفاضة الحالية هو ما كان يُطلق عليه "جيل أوسلو"، في إشارة إلى أنّه نشأ تزامناً مع اتفاقية أوسلو وما بعدها، وهو جيل تصفه بعض الدراسات بأنّه الأكثر اعتراضاً على الاتفاقية، مشيراً إلى أنَّ الطفل الفلسطيني يقدّم نموذجاً رائعاً للمقاومة.

ووصف ردَّ الشباب الفلسطيني خلال الانتفاضة الحالية على انتهاكات الاحتلال بأنَّه "ردٌّ واعٍ وناضج ويعرف ما يريد ومستعد للتضحية ومستعد للمبادرة الفردية". ولفت إلى أنَّ عمليات الانتفاضة تركّزت في القدس، ممَّا جعلها تأخذ هوية الدفاع عن المدينة المقدسة والمسجد الأقصى.

مستقبل السلطة

وعن مستقبل السلطة الفلسطينية، قال صالح: إنّها وصلت إلى طريق مسدود، فبدلاً من أن تتطوّر من سلطة إلى دولة على الأراضي المحتلة عام 1967 تحوّلت إلى حالة أمنية وظيفية تخدم الاحتلال الصهيوني.

وأضاف أنَّ مشروع التسوية وصل إلى طريق مسدود، وأنَّ نحو 70% من الفلسطينيين يعتبرون اتفاق أوسلو "ميتا"، وأنَّ نحو 50% من الفلسطينيين يطالبون بحل السلطة.

نسبة أفراد الأمن إلى الفلسطينيين في الضفة هي 43 لكل ألف نسمة، بينما النسبة العالمية لا تتعدّى ثلاثة لكل ألف نسمة

وقال صالح: إنَّ نحو 43% من موظفي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أعضاء في الأجهزة الأمنية، ويُصرف عليهم 40% من رواتب السلطة، لافتاً إلى نسبة أفراد الأمن إلى الفلسطينيين في الضفة هي 43 لكل ألف نسمة، بينما النسبة العالمية لا تتعدّى ثلاثة لكل ألف نسمة.
ورأى صالح أنَّ المقاومة والانتفاضة الحالية تُوحّد الشعب الفلسطيني بغض النظر عن الانتماءات السياسية.

وطالب القيادات الفلسطينية أن ترتقي إلى مستوى الشعب الذي يُقدّم هذه التضحيات الغالية، مؤكداً أنَّ هناك شبهَ إجماع فلسطيني على ضرورة وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال.

مستقبل الانتفاضة

وعن مستقبل انتفاضة القدس، قال الدكتور محسن صالح: إنَّها تواجه ثلاثة تحديات، هي: تحدي الاستمرار في ظل الضغوط الهائلة لوأدها، وتحدّي الانتشار في ظل محاولة حصارها، وتحدّي الاستثمار السياسي لها في اتجاه غير صحيح؛ مشدّداً على ضرورة أن تتجاوز الانتفاضة الحالية هذه التحديات حتّى تحقّق أهدافها، ومؤكّداً أنَّ المسار العام لحالة المقاومة صاعد رغم الصعوبات والعقبات.

التقرير الاستراتيجي الفلسطيني

يذكر أنَّ مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت، قد أصدر حديثاً الملخص التنفيذي للتقرير الاستراتيجي الفلسطيني لسنتي 2014-2015، والذي قام بتحريره د. محسن محمد صالح، الأستاذ المشارك في الدراسات الفلسطينية والمدير العام للمركز.

ويعالج التقرير، الذي سيصدر قريباً للسنة العاشرة على التوالي، القضية الفلسطينية خلال سنتي 2014 و2015 بالرَّصد والاستقراء والتحليل، كما يحاول التقرير استشراف المسارات المحتملة للقضية الفلسطينية. ويتألّف التقرير من سبعة فصول، ويدرس الأوضاع الفلسطينية الداخلية؛ حيث عالج استمرار حالة التأزم والانقسام الفلسطيني، والمؤشرات السكانية والاقتصادية الفلسطينية، والأرض والمقدسات، ويناقش العلاقات الفلسطينية العربية والإسلامية والدولية، كما يناقش الوضع الإسرائيلي وعمليات المقاومة ومسار التسوية. وكان من أبرز ما يتضمنه التقرير تغطيته لمسار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال صيف 2014.

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • الجزيرة.نت
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

من عوامل ثبات أهل غزة

قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …