طفلي والألعاب الإلكترونية.. إلى متى؟

الرئيسية » بصائر تربوية » طفلي والألعاب الإلكترونية.. إلى متى؟
Kids-playing-a-video-game22

إن الحديث عن الأبناء حديث شهي كشهية الأبناء أنفسهم إلى النفس، ففي حياة كل أم و أب هناك شغف دائم يدفعهما لكي يروا أبناءهم في الصدارة، وقد ظنوا مخطئين أن الأجهزة الإلكترونية والوسائل التكنولوجية الحديثة هي واحدة من أهم المدعمات التي من شأنها أن تقوي ذلك الشغف وتدعمه.

فنراهم يركنون أبناءهم إلى تلك الأجهزة المسعورة بحجة أنها تلقنهم وتعلمهم وتقويهم. وقد انتشرت هذه الأجهزة في الآونة الأخيرة بصورة لافتة للنظر، الأمر الذي جعل المربين يندمجون في ذلك العالم ويتركون أبنائهم فريسة الألعاب الإلكترونية التي تصدرها الشركات الغربية حتى أضحى أبناؤنا اليوم السوق المستهدف من قبل شركات الألعاب الإلكترونية التي تسعى إلى دمج أطفالنا دمجاً كلياً في تلك الأجهزة والألعاب، وهو بلا شك أمر تسعى إليه جميع الشركات الإنتاجية لتحقيق أهدافها الاقتصادية الضخمة، وعليه فقد صرح المدير التنفيذي لاتحاد البرمجيات الترفيهية (Gallagher 2011،p4) بأن صناعة الألعاب الالكترونية تعد واحدة من أهم القطاعات الاقتصادية، فهي تدر على أمريكا وحدها أكثر من 25 مليار دولار سنوياً، وتوظف أكثر من مئة وعشرين ألف (120000) شخص بمتوسط راتب سنوي يقدر بتسعين الف دولار (90،000 $) للموظف الواحد.

صناعة الألعاب الالكترونية تعد واحدة من أهم القطاعات الاقتصادية، فهي تدر على أمريكا وحدها أكثر من 25 مليار دولار سنويا

لقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الأجهزة الإلكترونية من أخطر الأسلحة التي تهدد عقول أطفالنا لا سيما من دون السنتين من أعمارهم، وقد جعلت تعامل الأطفال مع تلك الأجهزة من المحرمات؛ وذلك لأن دِماغه يمُر في مرحلة تطورٍ مُتسارعة، وأن تحديقه في الشاشة الإلكترونية في هذا العُمر يحرِمه من التعلم التفاعلي مع البيئة المحيطة، كما أنها تقضي على أربع نواحي في نمو الأبناء: نموهم الجسدي، والذهني، والانفعالي (العاطفي)، والاجتماعي.

فالطفل في هذه المرحلة أحوج ما يكون إلى التعلم المحسوس وتعلم التفكير التخيلي وصولاً به إلى سن الخامسة فهذا التفكير يعتبر المرحلة الثانية بعد التفكير الحسي، ومرحلة تسبق وصول الطفل الى التفكير التجريدي، وأن الاستخدام المفرط لهذه الأجهزة الالكترونية والذي يزيد على ساعة إلى ساعة ونصف الساعة يومياً يضعف من هذه القدرة النمائية في الجانب الذهني، لأن هذه الأجهزة توفر له الخيال، وبالتالي تتشكل الصور الذهنية بطريقة آلية بغض النظر عن رغبة الطفل.

الاستخدام المفرط لهذه الأجهزة الالكترونية والذي يزيد على ساعة إلى ساعة ونصف الساعة يومياً يضعف من قدرة الطفل النمائية في الجانب الذهني

وللأسف فقد روجت الألعاب الإلكترونية التعليمية إلى مصيبة دامية انصبت على عقول المربين ظانين أن أبناءهم في أوج التطور حيث ركزت تلك الأجهزة على مهارتي الحفظ والتذكر وغضت الطرف عن المهارات الأخرى التي يجب على الطفل أن يستدركها كالتحليل، والتخطيط، والاستنتاج وذلك يرجع للأسف إلى تصحر المهارة التربوية التي حولت بأبنائنا إلى آلة صماء تعمل على مبدأ التشغيل وإيقافه، وكأن ذكاء أطفالنا لا ينحصر إلا في تلك المهارة.

لماذا لا أسمح لطفلي بالإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية..؟

1) إضعاف القدرات العقلية:

يتضاعف حجم دماغ الطفل بين سن الولادة وسن ثلاث سنوات ثلاث مرّات وهذا التطور يحتاج إلى دعم وتحفيز متنوع، وإن تلك الأجهزة للأسف لا تقدم لأطفالنا إلا التلقين والاستقبال السلبي، كما أن استخدام تلك الأجهزة من غير ضوابط من شأنه أن يُعطل عملية التطوير الحسية والحركية والتنظيمية للطفل، إضافة إلى زيادة الاضطرابات النفسية واضطرابات نقص الانتباه وفرط الحركة، والتوحد، واضطرابات التنسيق، والتأخر في النمو، وصعوبات التعلم، والكلام غير المفهوم.

2) الذوبان الإلكتروني:

إن الطفل كائن متكيف، يندمج في البيئة التي يتعرف عليها ويتفاعل معها ويتقبلها، وعليه فإن الأطفال الذين يقضون أوقاتهم في استخدام الأجهزة الذكية يُظهِرون تأَخُراً في تطوير المهارات الاجتماعية والاندماج مع من حولهم، بالإضافة للتباطؤ في تعلُّم الكلام، كما وأنهم يعانون من ضعف في الذكاء الانفعالي فهم أقل قدرة على التعبير عن مشاعرهم.

3) طمس التركيز:

أثبتت الدراسات أن قضاء الأطفال أوقاتاً غير محدودة أمام الشاشات تؤثر على قُدرتهم على التركيز "attention span" وتجعلها أقصر، فما يُعرض على الأطفال بطريقة مُتسارعة وعشوائية كالطرق التي تروج لها الدعايات والأفلام المتحركة تؤدي الى تقليص في الوصلات العصبيّة في الفص الجبهي الأمامي وبالتالي تقليص وقت تركيزهم واستماعِهِم.

أثبتت الدراسات أن قضاء الأطفال أوقاتاً غير محدودة أمام الشاشات تؤثر على قُدرتهم على التركيز "attention span" وتجعلها أقصر

هل أمنع طفلي نهائياً من استخدام الأجهزة الالكترونية..؟

بالطبع لا، فتلك الأجهزة أمر حتميٌ فرض علينا، فالأصل أن نتعامل معها ونتقبلها ولكن ضمن ضوابط واضحة ومحددة تسمح لهم بالاستمتاع وكذلك تضمن حقنا بالخوف على أبنائنا:

أقل من سنتين: قلنا أن هذا العمر بمثابة المنطقة المحرمة التي لا يجب أن يقضي الطفل على تلك الأجهزة أي وقت نهائياً.

بعد السنتين حدد لِطِفلِك ٣٠ دقيقة فقط من وقت الشاشات، وانتقي ما يفعله وتأكد من اختيار برامج وألعاب ذات مُحتوى مُناسِب، فالهدف هو خلق أجواء من الحوار بين المربي والطفل، كما أنه من المهم أن نسمح له بتوسيع مساحته الفكرية واللغوية من خلال ذكر رأيه في اللعبة أو انتقادها مثلاً.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية، مختصة بالتربية و مهتمة بالشأن الفلسطيني.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …