لم تستجب السلطات في بنغلاديش للنداءات والمناشدات المحلية والدولية من أجل العدول عن تنفيذ حكم الإعدام الصادر ضد أمير الجماعة الإسلامية مطيع الرّحمن نظامي المعتقل منذ عام 2010م.
وكان الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان قد أدان حكم الإعدام بحق نظامي، ووصفه بأنَّه غير ديمقراطي وغير عادل.
كما دعا الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخة حسينة واجد؛ رئيس وزراء جمهورية بنجلاديش إلى التدخل شخصياً لوقف أحكام الإعدام بحق العلماء. وقال: "وإنني أتوجّه إليكم باسمي وباسم إخواني أعضاء مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وجميع أعضائه، مطالبين أن تتدخلوا شخصيا لوقف أحكام الإعدام. ولوقف هذا الاحتقان الذي تسببت فيه هذه الأحكام الجائرة".
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش": إنَّ المحاكمة لا ترقى للمعايير الدولية، وصفت منظمة "لا سلم بغير عدل" الحقوقية الإيطالية إجراءات المحكمة بأنها "سلاح انتقام سياسي هدفه الحقيقي استهداف المعارضة السياسية".
تنفيذ حكم الإعدام
قال وزير العدل البنغالي أنيس الحق: إنَّ نظامي (73 عاما) أعدم شنقاً يوم الثلاثاء ليلاً عند الساعة 12.01 بالتوقيت المحلي في سجن بالعاصمة دكا، بناء على حكم أصدرته الأسبوع الماضي المحكمة العليا في البلاد.
ونفذ حكم الإعدام في المعارض والوزير والبرلماني السَّابق على خلفية تهم بارتكاب أعمال إبادة جماعية والتعاون مع الجيش الباكستاني خلال حرب الانفصال عن باكستان عام 1971.
ويأتي ذلك ضمن سلسلة إعدامات طالت قادة الجماعة الإسلامية. وقبيل تنفيذ الحكم استدعت السلطات أفراد عائلته لتوديعه بعد أن رفض طلب العفو من رئيس الدولة، قائلا إنَّه "سيطلب العفو من رب العالمين". وفي رسالة وجهها إلى أهله وأتباعه، دعا نظامي جميع أنصاره إلى ضبط النفس والتزام السلمية.
ويرى مراقبون أنَّ كلّ التهم الموجّه لأمير الجماعة الإسلامية مسيّسة يراد منها الانتقام من الجماعة بعد المكاسب السياسية المحقّقة.
من هو مطيع الرّحمن نظامي؟
ولد في الهند البريطانية بتاريخ 31 مارس 1943م.
زعيم الجماعة الإسلامية البنغالية وأحد الدعاة والعلماء.
تخرّج من جامعة دكا بدرجة الدكتوراه في الاقتصاد.
انتخب عدَّة مرَّات في البرلمان، وشغل منصب وزير الزراعة ثمَّ الصناعة ما بين عامي 2001 – 2006م.
ألقي القبض على مطيع سنة 2010 بتهمة إيذاء المشاعر الدينية، ثمَّ اعتقل بعدها في العام نفسه للاشتباه بأنه ارتكب جرائم ضد الإنسانية إبان الحرب.
في 29 أكتوبر 2014م قضت محكمة في العاصمة البنغلادشية دكا بإعدام مطيع الرحمن نظامي، زعيم حزب "الجماعة الإسلامية" بعد إدانته بثمان من أصل 16 تهمة وجهت إليه، من بينها ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والقتل والتعذيب والاغتصاب وتدمير الممتلكات خلال حرب الاستقلال عن باكستان، والتي استمرت 6 شهور.
ألقى الشيخ مطيع الرّحمن نظامي بيانًا أمام المحكمة مدافعًا عن نفسه، قال فيه: "أثناء حرب الاستقلال لم أرتبط بأي عمل سوى السياسة، وكنا نطالب مثلما كانت تطالب الجماعة الإسلامية والجبهة الإسلامية للطلاب لباكستان الموحدة بتسليم السلطة إلى السياسيين المدنيين المنتخبين في الانتخابات البرلمانية التي أجريت وقتها، ولم يكن يحدث ما حدث من أحداث مأساوية دموية إذا تمت تسليم السلطة وقتها إلى المدنيين، ولن يستطيع أحد أن يثبت بأنَّ الجماعة الإسلامية حاولت الوقوف في وجه تسليم السلطة وإعاقتها".
وشدد على إنكار التهم الموجهة إليه قائلًا: "لم أكن متورطًا في أي عمل ينافي الدين والعقيدة والأخلاق والإنسانية، ولم يكن لي أي دور أو نشاط غير النشاط السياسي، وأي من الحوادث المذكورة لم يحدث أمامي، ولم أكن أعلم بحدوثه مسبقا، ولم يحدث بموافقتي ولا بعلمي، وجميع ما ذكر باسمي من قصص وهمية لا أصل له ولا سند، وهذه التهم تعد من أكذوبة التاريخ".
تدين وتدعو إلى إضراب عام
أصدر أمير الجماعة الإسلامية بالنيابة الشيخ مقبول أحمد اليوم الأربعاء الموافق لـ11 مايو 2016م، بياناً أدان فيه بشدَّة الجريمة الوحشية البشعة التي ارتكبتها الحكومة "الطاغية العلمانية المستبدة" بحق أمير الجماعة الإسلامية ووزير الزراعة والصناعة السَّابق، المفكر الإسلامي ورائد الصحوة الإسلامية في بنغلاديش الشيخ مطيع الرحمن نظامي.
ووصف البيان الشيخ مطيع الرحمن نظامي بأنَّه "اسم لامع في التاريخ السياسي لبنغلاديش وله مكانة عزيزة في نفوس وقلوب الشعب البنجلاديشي بأسره الذي فقد اليوم واحداً من أعلامها البارزين والغيورين على دينهم ووطنهم. وأنَّ يوم إعدامه "يوم أسود في تاريخ الشعب البنغلاديشي الذي فقد اليوم شخصية وطنية وقائد ملهم وطني".
وأردف قائلا: إنَّ التهم الموجهة للشيخ مطيع الرحمن نظامي كلها كاذبة وباطلة وبعيدة بعد المشرق والمغرب عن الواقع،فلم يتمكن الادعاء العام من إثبات التهم الموجهة إليه بما لا يدع مجالا للشك،وتمَّ حرمانه من العدالة.
ودعا البيان إلى إقامة صلاة الغائب في جميع أنحاء البلاد ودعوة المواطنين البنغلاديشيين في الخارج إلى الدعاء للشهيد مطيع الرحمن نظامي ترحماً على روحه الطاهرة اليوم الأربعاء الموافق لـ11 مايو. كما دعا إلى إضراب عام لـ24 ساعة في جميع أنحاء البلاد يبدأ من الساعة السادسة من صبيحة يوم الخميس 12 مايو.