تعدُّ ماليزيا البلد الإسلامي الوحيد الآن الذي يُبتعث إليه الطلبة من العالم الإسلامي، وهي خصيصة لها تشبه الاعتراف بريادتها وتقدّمها، كما يسافر العديد من شباب ماليزيا إلى بعض الدول العربية لدراسة العلوم الشرعية واللغة العربية، ممّا يعزّز الترابط والتآلف بين المسلمين والتنوّع في تلقي شتى أنواع العلوم والمعارف وتبادل الخبرات.
(بصائر) التقت أحد هؤلاء الطلبة الذي درسوا العلوم الشرعية والعربية في سوريا منذ سنوات؛ سيف الرّازي بن رسلان، الطالب الذي يكمل دراسته الآن في جامعة السلطان زين العابدين، بترنكانو، في ماليزيا، من أجل الحديث عن أجواء شهر رمضان في ماليزيا وأبرز برامج المسلمين في هذا الشهر المبارك.
أنشطة المساجد
يقول سيف الرّازي لـ(بصائر): "يقام في معظم مساجد ماليزيا أنشطة أهمها قيام الليل ومجالس علم ووعظ وإعداد الإفطار للمجتمع حول الجامع، فنجد ميزة خاصة في رمضان أنَّ أكثر المساجد يقام فيه مجالس العلم، حيث تدعو إدارة الجامع واعظاً أو شيخاً يقوم بالدروس الخاصة كالتفسير والحديث النبوي، أو يعظ الناس بأمور عامة أو خاصة بهم، كأن ينصحهم بالبعد عن بعض الأخطاء التي يقعون فيها خلال رمضان، وتصحيح العبادات التي يقومون بها، وينصحهم بالإكثار من قراءة القرآن".
ويتابع القول: "بجانب ذلك، ينتهز بعضهم فرصة لدعوة العلماء من خارج ماليزيا أمثال الشيخ نور الدين البنجاري من إندونيسيا، والشيخ كريّم راجح، والدكتور مصطفى البغا من سوريا، وغيرهم".
ويضيف: "وبكل صراحة، مجيئهم يجذب حضور الناس أكثر ولا سيّما حضور الطلاب الماليزيين الذين قد درسوا في سوريا، ذلك لأنهم كانوا قد درسوا وتلقوا العلم من هؤلاء كبار العلماء".
وعن الاهتمام بتدارس القرآن الكريم في شهر رمضان، يوضح الطالب الماليزي، أنَّ معظم مساجد ماليزيا يقام فيها "تدارس القرآن"، فيقرأ واحد من جماعة الحاضرين أسطراً من الآية الكريمة، فيواصل أسطراً أخرى رجل بعده. وكذلك يقام مجلس "ختم القرآن"؛ وكيفيته أن يجعل الحاضرون في المسجد في مجموعات، ويقسم أجزاء القرآن الثلاثون عليهم، ثمَّ يقرؤون تلك الأجزاء المقسمة. وهذه الكيفية مشهورة في ماليزيا.
أمّا عن برنامج إعداد الإفطار وقيام الليل، فيقول: "عادة ما تقوم به المساجد الكبيرة أو المساجد المركزية في كل منطقة من المناطق". واستدرك قائلاً: " لا يقام الإفطار فحسب، بل يبدأ قبله بإلقاء إمام الجامع كلمةً، أو نصيحة. ثمَّ يصلون المغرب جماعة، ويواصلون العشاء والتراويح".
التكافل الاجتماعي
يؤكد الطالب سيف الرازي لـ(بصائر) أنَّ التكافل الاجتماعي في ماليزيا أصيل وعميق، ويتجلّى في عدة مظاهر، منها حين سيتقبل الناسُ أول رمضان في بعض ولايات ماليزيا مثل نكري سمبيل (Negeri Sembilan)، يستقبلون أول ليلة من رمضان بالقيام بوليمةٍ، حيث يرجع أعضاء الأسرة سواء من القريب أو البعيد إلى قُراهم، فيطبخون الطعام ويأكلون معاً، وهذه الوليمة تُسمى عندهم "مانتاي" (mantai) .
ومن المظاهر أيضاً كما يرويها الطالب الماليزي، المساعدة الجماعية في الإعداد والإطعام، وجمع الأموال للتبرّع على الفقراء والمساكين، ذلك لأنَّ الصدقة من الأعمال التي سيجزي الله أضعافاً مضاعفة، فكان الناس يتسابقون إليها؛ فمنهم من يتبرَّع بالنقود، ومنهم من يتبرَّع بالأطعمة المعتادة الأساسية.
الإفطارات الجماعية
وعن الإفطارات الجماعية في رمضان، يقول : "تكثر الإفطارات الجماعية طول رمضان، ويمكن القول بأنَّ هذه الإفطارات الجماعية تنقسم إلى قسمين: الإفطار الجماعي العام، والإفطارات الجماعية الخاصة؛ فالإفطار الجماعي العام يقوم به الجامع مثلاً –كما سبق-، ويدعو إليه عضو البرلمان المعين المجتمع الذي تحت مسؤوليته بالحضور إلى الإفطار.
وأمَّا الإفطار الجماعي الخاص، تقوم مؤسسات أو هيئات معينة بالإفطار الجماعي، فيدعون أناساً مخصوصين للحضور، مثل دعوة الإفطار الجماعي لجمعية طلاب قسم اللغة العربية بجامعة السلطان زين العابدين، ودعوة الإفطار الجماعي لأعضاء إدارة كلية الشريعة في جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا، ودعوة الإفطار الجماعي لأساتذة ومعلمي مدرَسة ما في كوالا لمبور، وإلى غير ذلك من الدَّعوات.
"بازار" رمضان
وعند سؤال (بصائر) عن مصطلح "بازار رمضان" الذي يكثر تداوله عند حلول شهر رمضان في ماليزيا، يوضح الطالب سيف الرازي أنَّه مصطلح محلي يراد به سوق خاص يقام طول رمضان، حيث يبدأ هذا السوق تقريباً في الساعة الرابعة عصراً إلى المغرب، ويوجد فيه ألوان من الطعام والشراب للإفطار، والناس يقدمون إليه، ونجد في السوق أطعمة قد لا نجدها في أيامنا العادية.