بقيت أيام قلائل ويهل علينا شهر الصوم والخير والبركة شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن بما خصه الله تعالى من الفضل وجعل فيه من الرحمة، فقد شرفه الله تعالى بأن فيه ليلة هي خير من ألف شهر وجعل من صامه أو قامه مغفوراً له، فكيف نستقبل هذا الشهر الكريم في عائلاتنا وأسرنا؟
أولاً: التهيئة النفسية للأبناء والزوجة بقرب قدومه وكثرة الحديث عنه، وعن ضرورة الاستعداد له، والتركيز على خصائصه ونفحاته والأجر المترتب على فعل الخير فيه.
ثانياً: الفرح والابتهاج بمقدمه بإظهار الزينة في البيوت دون مبالغة، ولعله من المناسب أن تجتمع العائلة وتحتفل بهذا الأمر بحيث يظهر أهل البيت الفرح بقدومه، استشعاراً منهم بأهمية وقيمة هذا الزائر الكريم {قل بفضل الله وبرحمته فليفرحوا هو خير مما يجمعون}.
ثالثاً: أن يطلب رب العائلة من أفراد عائلته أن يضع كل منهم خطته للاستفادة من رمضان في العبادة "خطة يومية" يبين فيها كيف سيقضي يومه في رمضان، مستفيداً من نفحاته وصلاة التراويح والقيام وقراءة القرآن والذكر والدعاء الخ. ثم يجلسون معاً لمناقشة هذا البرنامج اليومي، وما هي نقاط الالتقاء فيه وكيف يمكن أن ينجح هذا البرنامج لكل منهم.
رابعاً: أن يتفق جميع أفراد العائلة على طريقة التعامل مع التلفاز والكمبيوتر وأدوات التسلية الإلكترونية طوال شهر رمضان، وهنا لا بد من أن يدرك الجميع أنه ينبغي تعظيم هذا الشهر، وأن له حرمة يجب أن تراعى، وأن الاستغراق في تضييع الوقت على هذه الأجهزة غير مناسب إطلاقا لهذه الحرمة، وذلك بأن نجعل لها وقتاً محدداً لا نتجاوزه جميعاً الكبير والصغير يلتزمون به، وأن يكون الأب والأم قدوة في ذلك وينسحب ذلك الاتفاق على الأجهزة الخلوية.
رمضان فرصة كبيرة للعائلة كي ترتقي بتعاملها وترسي دعائم التفاهم بين أفرادها وتعود علاقاتها إلى دفئها
خامساً: أن تبحث الأسرة في طرق تقوية العلاقات بين أفرادها في رمضان بأن تجتمع دائماً على الإفطار والسحور كحد أدنى، فرمضان هو فرصة لتقوية الروابط العائلية، والتمتع بالأجواء الأسرية الدافئة، كما أنه فرصة لتقوية العلاقة ضمن الأسرة الممتدة، فتجتمع الأسرة الممتدة الجد والجدة والأبناء وأبناؤهم في لقاء واحد عدة مرات في رمضان، وأن يتم التعاهد بين الجميع على حضور هذه الإفطارات واللقاءات التي تتضمنها.
سادساً: رمضان شهر البر والصلة والإحسان، لذا ينبغي أن تبحث الأسرة في كيفية تعميق الصلات مع الجيران والأقارب والمعارف بأن يكون هناك إفطارات تجمع الأسرة بهم، أو من خلال سهرات رمضانية مدروسة معهم. كما ينبغي أن توضع خطة لدعم أصحاب الحاجة منهم، فمن كان منهم فقيرا فلا بد من دعمه، ولا بد أن يتشارك الجميع في وضع خطة لهذا الدعم، بل وأن يشاركوا في التنفيذ كل بحسب استطاعته أو علاقاته.
سابعاً: يمكن أن تكون هناك جلسة خاصة قبل رمضان بيوم أو يومين يتم فيها المصارحة بعيوب كل من أفراد العائلة في الأخلاق والتعامل مع الآخرين وأن نأخذ العهد على تغييرها في رمضان مستعينين بتصفيد الشياطين والقرب من الله تعالى وضعف الجوارح خلال النهار. فالصوم مدرسة للأخلاق وقبل الالتحاق بالمدرسة لا بد من معرفة نقاط القوة في الأخلاق لنعززها، ونقاط الضعف والخلل لنعالجها، ولا يوجد أفضل من حالة الصائم في رمضان لتحقيق هذا الهدف. لذا جاء في الحديث: "الصوم جنة فاذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم".
وبعد فان رمضان فرصة كبيرة للعائلة كي ترتقي بتعاملها وترسي دعائم التفاهم بين أفرادها وتعود علاقاتها إلى دفئها، لذا فإن الوالدين مسؤولان عن وضع خطة خاصة للاستفادة من أجواء رمضان واستثمارها لتحقيق هذه الأهداف ومن ثم متابعة تنفيذها وفق خطوات إجرائية يتعاون فيها جميع أفراد العائلة ويتشاركون في تنفيذها.