أيام رمضان فينا تمضي مسرعة، وها هي الأيام تنقضي يوماً يعد يوم، وليلة تتلوها ليلة.
بالأمس استقبلناه وكنا في شوق لوصوله، وقريباً سيغادرنا وقد انتهت نصف أيامه. فكان لا بد لنا من وقفة للمحاسبة والتصحيح، وقفة لشحذ الهمم وإيقاظ العزائم، وقفة لأجل تحقيق التغيير المنشود من شهر رمضان، لا الوقوف على أبواب التأثر اللحظي وحسب.
هو شهر ذو أيام قلائل جعلها الله رحمة وبركة لنا، لا بد من استثمارها وامتثال أمره سبحانه وتعالى فيها، وكانت أيامه معدودة تخفيفاً بنا ورفقاً من الله وتلطف بحال عباده.
فكيف أنت مع تلك الأيام المعدودات ومضى منها ما مضى؟
كيف هي همتك؟
وكيف هي صلتك بالله؟
وهل أنت راضٍ عما قدمت وبذلت في طاعة الله؟
لابد من المراجعة المستمرة، والمصارحة التامة مع النفس؛ كي لا نمضي بعيداً عن حقيقة الشهر، وكي لا يفوتنا اللحاق به وإدراك خيره ونعمه
هو سؤال نضعه أمام أعيننا جميعاً، سؤال المراجعة المستمرة، والمصارحة التامة مع النفس؛ كي لا نمضي بعيداً عن حقيقة الشهر وكي لا يفوتنا اللحاق به وإدراك خيره ونعمه فيما تبقى منه.
هنا توقف للحظات واسترجع ما مضى من رمضان! أحضر خطتك وما أعددت، هات ما أخذته على نفسك من أمور أردت أن تغيرها فيك ومن علاقات أردت أن تسوي أمورها في هذه الأيام القليلة، واعمل جرد حساب لكل ذلك، تفقد ما أنجزت وحصّنه بالمداومة والاستمرارية عليه، وأدرك ما فاتك قبل أن ينتهي هذا الشهر وتضيع الفرصة من بين يديك.
إن كان ما مضى من رمضانك على خير فاستمر ولا تكسل ولا تضعف، وإن كان غير ذلك فما زال في الوقت متسع
رمضان أيام ستنقضي وتذهب ولكن سيبقى الأجر لك، وستحصد ما زرعت وستتفيأ ظلاله يوم القيامة، فإن كان ما مضى من رمضانك على خير فاستمر ولا تكسل ولا تضعف، وإن كان غير ذلك فما زال في الوقت متسع وأن تصل متأخراً خير من أن لا تصل، وأذكرك بما ينفع وبما هو عون لك في هذا الشهر:
- ملازمة التوبة والاستغفار، والإنابة إلى الله تعالى.
- الإقبال على قراءة القرآن الكريم، وتخصيص ورد ثابت لك.
- تفقد علاقاتك وصل رحمك.
- حافظ على صلاة التراويح ولا تفرط بها مهما كان ظرفك ووقتك.
- ملازمة الدعاء والاجتهاد في ذلك.
- احفظ أخلاقك وارعها واضبط نزواتك وشهواتك.
وخذ على نفسك العهد بالحافظة على الطاعات وأن تحسن فيها، وفتش في كل ذلك عن تغيير حقيقي في نفسك، ولا تحول كل تلك العبادات التي أنت عليها إلى طقوس وشكليات، فارغة من الروح والمضمون والمحتوى، ففرق بين أن تتأثر وبين أن تتغير.
وفي ما بقي لك من تلك الأيام المعدودات أدعوك أن تتفقد قلبك، تفقد صلاتك وأخلاقك، وكن أقرب إلى بيتك وأولادك وأرحامك، واحفظ فيها وقتك وأخلاقك، وصن فيها سمعك وبصرك ولسانك، وخالف شهواتك ورغباتك وملذات نفسك، تدرك بإذن الله ما بقي، ويبقى أثر ذلك فيك وفي أهلك وبيتك.