يعرّف بعضُ علماء الإدارة الأزمة بأنَّها "ذلك الحدث السلبي الذي لا يمكن تجنبه أيًّا كانت درجة استعداد المنظمة"، ولذا فإنَّ إدارة الأزمات تعدّ واحدةً من أهم وأخطر الإشكاليات التي تواجه الحركة الإسلامية على وجه العموم في هذا العصر، فالعمل الإسلامي شأنه شأن أيّ عمل يواجه أزمات أو يصطدم بعقبات إدارية أو أمنية أو سياسية أو اقتصادية أو غيرها.
وبناء على ما سبق، فإنَّ القائمين على العمل الإسلامي اليوم في حاجةٍ إلى ما يمكن تسميته بـ"فقه إدارة الأزمات"؛ فإدارة الأزمة ليست سهلةً ميسورةً، ولكنها تُعدّ أحد أهم وأخطر عناصر العمل الإسلامي.
فمتى يكون القرار صلبًا حاسمًا ومتى يكون مرنًا ليّناً، وكيف تُدار الأزمة للخروج بأقل الخسائر ودون تأثير جوهري على العمل الدَّعوي وأركانه وأساسياته، بل كيف تُدار الأزمة للاستفادة منها واستثمارها وتحويلها من نقمة إلى نعمة، وكيف يُحافظ من يُدير الأزمة على وحدة الصف في ظل ظروف الأزمة، كل هذا يحتاج لفقه إدارة الأزمات.
ونعرض بين يديكم في سلسلة (كتاب ومؤلف)، كتاب "دور القيادة في إدارة الأزمة" للباحثة القطرية سلوى حامد الملا، التي تستعرض جانباً من فقه الخليفة الراشد عمر الفاروق رضي الله عنه في إدارة أزمة عام الرّمادة، واستخلاص العبر والاهتداء بسيرته، فإلى التفاصيل:
مع الكتاب:
هذا الكتاب ضمن إصدارات إدارة البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر، من سلسلة كتاب الأمَّة، ويعود أصل الكتاب إلى رسالة أكاديمية تقدّمت بها الكاتبة لنيل درجة الماجستير في تخصص "السياسة العامَّة في الإسلام".
وقالت الباحثة سلوى الملا: " إنَّ بحثها يركّز على دور القيادة في مجالات كثيرة متى التزمت فيها الحكم الرّاشد في قيادتها وأخذت بصفات القائد الحقيقي القائم على صفتي العدل والأمانة".
وتؤكّد محاور الكتاب على أنَّ الأزمة إشكالية مركّبة، لذلك فقد يكون من الأهمية بمكان العمل على امتلاك المعارف والعلوم والتخصصات والأدوات، التي تمكن من تحليل مجموعة العناصر المكوّنة لها، ووضع خطة لمعالجة أسبابها وأخذ العبرة للحيلولة دون تكرارها.
الكتاب الجديد من المحاولات لاستدعاء ملف إدارة الأزمة، وإبراز دور القيادة في استيعابها وإدارتها، ويجيء في الوقت الذي يموج فيه عالم المسلمين بالأزمات
وسعت الكاتبة إلى إبراز أهمية إدراك البعد الإيماني والنفسي والروحي ودوره في بناء القوَّة الإيجابية للإنسان وانتشاله من اليأس والسقوط أمام الأزمة، وتخليص المسلم من روح التواكلية، وتجديد رؤيته الإيمانية، التي تدفعه إلى مغالبة قدر بقدر، وإدراك أهمية التضامن والتكافل الاجتماعي في مواجهة الأزمة.
وقال د. عمر عبيد حسنة في تقديمه للكتاب: "إنَّ الكتاب الجديد من المحاولات لاستدعاء ملف إدارة الأزمة، وإبراز دور القيادة في استيعابها وإدارتها، ويجيء في الوقت الذي يموج فيه عالم المسلمين بالأزمات، ويعرض للخصائص والسمات القيادية والتخصصّات المعرفية المطلوبة لفقه الأزمة وإدارتها، ورسم سبل الخروج منها، والتحقق بالعبرة والمناعة الحضارية، والحاجة إلى إعمال المنهج السنني، ذلك أنَّ للسقوط سنناً، كما للنهوض سنن لا تحابي أحداً".
وأوضح أنَّ قضية الأزمات والتدريب على كيفية التعامل معها وبناء الشخصية الاستقلالية، التي تتعوَّد مواجهة الصعاب والتعامل مع الإشكاليات منذ الطفولة الأولى، هي المؤهلة لإدارة الأزمات، وعدم السقوط أمامها، فاليسر من لوازم العسر، فكيف نبصر ذلك ونحوّل النقم إلى خيرات؟.
اهتمت الدراسة بالتأصيل للنموذج للتاريخي الإسلامي للحكم الراشد، الصالح لكل زمان ومكان، الذي وضع أسسه ومبادئه الرسول صلى الله عليه وسلم، وسار على نهجه من جاء بعده من الخلفاء الراشدين
تقول الكاتبة: " اهتمت الدراسة بالتأصيل للنموذج للتاريخي الإسلامي للحكم الراشد، الصالح لكل زمان ومكان، الذي وضع أسسه ومبادئه الرسول صلى الله عليه وسلم، وسار على نهجه من جاء بعده من الخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم أجمعين، مع التركيز على الدور الرائد لأمير المؤمــــنين عمـر بن الخـطــاب رضي الله عنه في التأصيل والتنفيذ العملي لمبادئ الحكم الراشد، التي سبق بها بقرون عديدة البنك الدولي ودعوته إلى تطبيق مثل تلك المبادئ والعمل بها، وإعداد برامج إصلاح أو سياسات مواجهة الأزمات، التي قد تطرأ على المجتمع الإنساني، خاصة في الدول النامية".
ولعل من أهم ما تميَّز به الكتاب محاولة الكاتبة استصحاب الميراث الفقهي في سير الخلفاء الرّاشدين، كيف تعامل سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع الأزمة عام الرّمادة، ومحاولة تجريد قيود الزمان والمكان، والسعي للإفادة منه، والاهتداء بأضوائه لرؤية المشكلات والأزمات المعاصرة.
أهم ما تميَّز به الكتاب محاولة الكاتبة استصحاب الميراث الفقهي في سير الخلفاء الرّاشدين، كيف تعامل سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع الأزمة عام الرّمادة
ضمَّ الكتاب خمسة فصول: في الفصل الأوَّل بحثت التأصيل النظري لمفهوم سياسات إدارة الأزمة، وفي الفصل الثاني تناولت التأصيل النظري لمفهوم القيادة، أمَّا الفصل الثالث فناقشت فيه التأصيل النظري لمفهوم الحكم الراشد. وفي الفصل الرابع تناولت موضوع إدارة أزمة عام الرَّمادة، وأنموذج القيادة والحكم الراشد، لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أمَّا الفصل الخامس والأخير، فبحثت فيه مشكلات إدارة الأزمة.
مع المؤلف:
هي سلوى حامد الملا.
خريجة كلية الدراسات الإسلامية في قطر.
تعدّ الباحثة أول قطرية ينشر بحثها ضمن سلسة كتاب الأمَّة الذي تصدره إدارة البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كل شهرين.
لديها العديد من المقالات في صحيفتي "الوطن" و "الراية" القطريتين.
بطاقة الكتاب:
العنوان: دور القيادة في إدارة الأزمة.
المؤلف: سلوى حامد الملا.
دار وسنة النشر: إدارة البحوث والدراسات الإٍسلامية في قطر – ربيع الأول 1436هـ /2015م.
عدد الصفحات: 217 صفحة.