أبجديات على سلم النجاح الدعوي

الرئيسية » بصائر تربوية » أبجديات على سلم النجاح الدعوي
checklist17

لكل فن أصوله وقواعده، ولكل نجاح أسسه وطرقه، وليس ذلك بالبعيد عن الحقل الدعوي وعن أصحاب هذا الطريق، فأبجديتنا هي مجموعة من الإشارات والمعالم على طريق الدعوة، وجملةٌ من المفاهيم والمبادئ التي يجب الأخذ بها وتعميقها في النفوس، لتطبيقها وتحقيق الأهداف المنشودة التي نسعى وراءها وأعلاها خلافة الله في أرضه وتعبيد الناس له سبحانه وتعالى، وبها نعمل على تجويد عملية صناعة الأفراد ودفعهم نحو الارتقاء على سلم النجاح الدعوي.

مجموعة من ألف.. باء الدعوة ترسم للدعاة المسار الواضح وتضبط سيرهم على هذا الطريق، هي وصايا نضعها بين أيديكم ونتشاركها اليوم لصناعة وعي أعمق وتحقيق عمل مثمر جاد، ومنها:

- الفهم.. معينك على الطريق:

ركيزة أساسية لابد للداعية الفطن أن يتحلى بها، ويحافظ عليها نقية طاهرة صافية لا تشوبها شائبة ولا يمسها شيء من كدر الحياة، فبدون الفهم الصحيح السليم قد يتحول المرء من أداة بناء وارتقاء إلى أداة هدم ودمار، فالفهم أرض صلبة، وطريق واضح، وأقدام ثابتة، يُعبر الطريق بها بكل ثقة واقتدار ودون تردد وتراجع أو انهيار.

الفهم أرض صلبة، وطريق واضح، وأقدام ثابتة، يُعبر الطريق بها بكل ثقة واقتدار ودون تردد وتراجع أو انهيار

والمقصود بالفهم هو أن يدرك المرء المقاصد الكبرى من حياته، وأن يفهم الإسلام كما أراده الله، وأن يدرك أصل الفكرة التي يحملها ويدعو إليها، وعلى الداعية أيضاً أن يحدد دوائر الفهم في حياته ومحيطه، فهو يحتاج لفهم الفكرة وفهم مجتمعه وواقعه، وكذلك هو مطالب بفهم بيئته المحيطة وما يناسبها من وسائل وآليات عمل.

- كن على قناعة.. آمن بالفكرة:

على الداعية أن يمكّن نفسه من شرطين أساسيين لتفعيل دوره في إعلاء البناء الدعوي وهما: الاقتناع والإقناع؛ أي أن تكون مقتنعا بما تحمل قادراً على إقناع الآخرين به

لإن الإيمان جسر العمل ورأس حربة الفكرة التي بها تصول وتجول، بالإيمان اليقظ الواعي يستطيع أن يتجاوز الفرد تلك المشاعر الوجدانية وحسب لينطلق للعمل على تجسيد فكرته في واقع الناس، وكما يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله:" آمن أنت أولا بفكرتك آمن بها إلى حد الاعتقاد الحار! عندئذ فقط يؤمن بها الآخرون !! وإلا فستبقى مجرد صياغة لفظية خالية من الروح والحياة"، لذا على الداعية أن يمكّن نفسه من شرطين أساسيين لتفعيل دوره في إعلاء البناء الدعوي وهما: الاقتناع والإقناع؛ أي أن تكون مقتنعا بما تحمل قادراً على إقناع الآخرين به.

فالمطلوب منك أيها الداعية إيماناً حاراً تصدقه الجوارح وتؤكده الأفعال، فمهما كانت الأفكار التـي تحملها نبيلة، والغايات سامية، ومهما كانت المشاعر التي تتدفق بين جنبيك صادقة، يبقى أن تؤمن إيمانا مطلقاً لا تردد فيه، بعظمة ما تحمل، وبأهمية ما تسعى، وبضرورة ما تملك، مهما اختلف المكان، وتغير الأشخاص، وتبدلت من حولك الظروف.

- الجدية.. منهج الترقي:

كن في سيرك جاداً حازماً، فالعمر قصير والهدف سامٍ، ولا وقت للهزل بيننا، فالجدية عندنا أصل من أصول النجاح وتحقيق الحياة الكريمة

أبجدية جديدة لا تكتمل مقطوعة نجاح الدعوة بدونها أو بتجاوزها، أبجدية هي للرقي منهج وطريق، وهي للعلا سلم ودليل، إنها الجدية التي أخذ بها يحيى عليه السلام الكتاب {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ}، إنه النداء القرآني لأصحاب الرسالات والدعوات، إنها صيحة العزم والجد، ووصية أخذ الأمانة بحقها وتحمل أعبائها دون ضعف ولا تهاون ولا تراجع، إنها أساس النجاح ووصفة التميز في هذا الطريق، وبدون ذلك تتلاشى الجهود وتضيع الأمانة ويتقدم الآخرون وتقبع في ذيل القافلة الدعوة وأصحابها، فكن في سيرك جاداً حازماً، فالعمر قصير والهدف سامٍ، ولا وقت للهزل بيننا، فالجدية عندنا أصل من أصول النجاح وتحقيق الحياة الكريمة.

- الإيجابية.. محرك دافع:

الإيجابية: مشاعر متوقدة توقظ النفس وتلهبها لمزيد من التحرك والعمل، وتبعد عن النفس طقوس الفتور والكسل

بعد كل ما سبق من أبجديات وقد استقرت في غقلك وقلبك، لربما تواجه واقعاً صعباً يدفعك للتشاؤم والكسل، ويدخلك ذلك في مرحلة الخضوع للظروف المحيطة، لذا عليك أن تضيف لأبجديتك الدعوية تلك أمراً مهماً وأساسياً لكي يستمر المسير بثبات وعلو، وهي الإيجابية: تلك الطاقة المحركة التي تشحذ الهمم وتذكي الطموح وتزيد من همة الشخص وتوجه بوصلته نحو العطاء والبذل والتضحية ، الإيجابية: مشاعر متوقدة توقظ النفس وتلهبها لمزيد من التحرك والعمل، وتبعد عن النفس طقوس الفتور والكسل، الإيجابية حقيقة يتعلق بها قلب صاحب الرسالة ليجعل من فكرته محوراً للحياة، يسخر الإمكانيات من أجلها، ويحشد لها جميع الطاقات، وكما يصفها الشيخ محمد الغزالي رحمه الله فيقول عنها: "إنها تجعل المسلم مقبلًا على الدنيا بعزيمة وصبر، لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت، ولا تُصرِّفه وفق هواها، إنه هو الذي يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها، تمامًا كبذور الأزهار التي تطمر تحت أكوام السبخ، ثم هي تشق الطريق إلى أعلى مستقبلة ضوء الشمس برائحتها المنعشة، لقد حوَّلت الحمأ المسنون، والماء الكدر إلى لون بهيج وعطر فوّاح، إنه بقواه الكامنة وملكاته المدفونة فيه، والفرص المحدودة والتافهة المتاحة له يستطيع أن يبني حياته من جديد".

إذن هي أبجديات أربع أساسية عليك أن تتحلى بها وتحققها في نفسك، فبها تكون أداة البناء والتغيير الفعّال، ومن خلالها تعيش بنفس حرّة أبية وهمة متوقدة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
مدون أردني مهتم بالشأن التربوي

شاهد أيضاً

الصيام بوابة المغفرة: كيف نجعله شفيعًا لنا يوم القيامة؟

يتعامل الإنسان مع المهام الدنيوية بإحساس بالمسؤولية، فلا يجد راحة حقيقية حتى يؤديها على أكمل …