أسرى فلسطين… السجن مدرسة والصبر مفتاح الفرج

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » أسرى فلسطين… السجن مدرسة والصبر مفتاح الفرج
asra 30

الصبر من أبرز السمات التي تميز المؤمن عن بقية البشر، ولقد حثَّنا ديننا الحنيف على التحلي بهذه الخصلة العظيمة؛ لأنها صفة حميدة يتصف بها الإنسان المؤمن المحتسب الراضي بحكم الله وقدره. ولقد حث الله تعالى في العديد من الآيات الكريمة على ضرورة الصبر خصوصاً على الابتلاء، كما تحدث النبي صلي الله وعليه وسلم كثيرا عن فضل الصبر وفوائده العظيمة على الأمة جمعاء.

والصبر أيضا هو عنوانٌ عريض جسده الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال اقتداء بالأنبياءِ والصالحينَ والمجاهدينَ، يصبِرونَ على الأذى والجوعِ، حتى يتحققَ لهم النصرُ على جلاّديهِم، والتحرُّرُ من سجونِهم الظالمةِ.

وكما يُقال: "إن السجن مدرسة"، فهو ليس مكانًا لتراكم التجارب السلبية وتخزين الذكريات المؤلمة فقط، وإنما يخرج منه الأسير بمجموعة من الدروس والخبرات والمهارات التي ما كان ليتعلمها دون هذه التجربة المرّة.

"بصائر" سألت عددًا من الأسرى المحررين عن خوضهم لتجربة الصبر داخل مدرسة السجون رغم تضييق الاحتلال والممارسات التعسفية بحقهم.

الأسير المحرر أحمد الفليت: لا شيء يقف أمام الإرادة
الأسير المحرر أحمد الفليت: لا شيء يقف أمام الإرادة

الأسير المحرر أحمد الفليت لخص تجربته مع الصبر في سجون الاحتلال، حيث يقول لبصائر: "أول درسٍ هو الإيمان بالله (عزّ وجل)، والثقة المطلقة بأنه يختار لنا الخير، وإن كنّا لا ندركه، وبعد ذلك يأتي الصبر ثم الصبر ثم الصبر، بكل بمعانيه الحقيقية". واتخذ الفليت شعارا لحياته لا يزال يتبعه حتى اليوم، وهو أن لا شيء يقف أمام الإرادة.

ويتابع: "من الخبرات العامة التي اكتسبتها الأعمال اليومية كالطبخ، والغسل، والجلي، والتنظيف، وإعداد المشروبات، وكل ما يلزم الأسير لتسيير حياته، وكان تخصصي المباشر في هذا المجال الجلي وإعداد المشروبات الساخنة".
ويواصل الفليت: "أما المهارات الخاصة فقد تعلمت اللغة العبرية وأتقنتها، فأصبحت مدرسًا لها، ومتابعًا للشؤون "الإسرائيلية"، الأمر الذي أوصلني إلى افتتاح مركز نفحة لدراسات الأسرى والشؤون "الإسرائيلية"".

الأسير المحرر أحمد أبو طه: أهم درس تعلّمته في سنوات أسري هو الصبر؛ وذلك لكثرة ما يلاقيه الأسير من عذابات في كل أمور حياته
الأسير المحرر أحمد أبو طه: أهم درس تعلّمته في سنوات أسري هو الصبر؛ وذلك لكثرة ما يلاقيه الأسير من عذابات في كل أمور حياته

الصبر أيضًا هو عنوانٌ عريض في خلاصة تجربة الأسير المحرر أحمد أبو طه فيقول: "إن أهم درس تعلّمته في سنوات أسري هو الصبر؛ وذلك لكثرة ما يلاقيه الأسير من عذابات في كل أمور حياته، فلا يجد سبيلًا لتخطيها إلا بالصبر".

ويضيف: "كان في السجن من هم أكبر مني سنًّا ومن قضوا سنوات طويلة داخله، فاكتسبت منهم الكثير من الخبرات، أي أن السجن كان فرصّة للتعلم من الآخرين".
وأشار إلى أن السجن حياة وتجربة لا تنتهي، يدخل الأسير إليها بنظرة ويخرج منها برؤية مختلفة، ففي السجن مدرسة وجامعة وخبرات متراكمة.

وقال: "على المستوى الشخصي تطورت لدي أمور عديدة تتعلق بالمطالعة والثقافة وحفظ القرآن، واكتسبت مهارات مهمة تتعلق بإدارة الوقت، والتعامل مع الأزمات، وفهم الشخصيات المتنوعة".

وأردف بالقول: "وعلى المستوى العام اكتسبت مهارات مهمة من اختلاطي بقيادات سياسية مهمة، تتعلق بفهم الواقع السياسي، والخطاب الإعلامي، وقيادة العمل الدعوي والسياسي والتنظيمي داخل السجن وخارجه، واكتسبت آليات العمل الجماعي والتخطيط ورسم الخطط".

ولخص الأسيران العوامل التي تدفع الأسرى داخل السجون للصبر والتثبيت رغم تضييق الاحتلال والممارسات التعسفية بحق الأسرى وهي:

التربية الإيمانية والروحانية والجهادية بالإضافة إلى وجود البرامج الروحانية والثقافية والترفيهية من عوامل تعزيز الصمود والمواجهة في الأسر

- التربية الإيمانية والروحانية والجهادية تساعد المعتقلين على مواجهة الأيام الاولى للتحقيق.

- روح التحدي بين المعتقلين والمحقق موجودة باستمرار باعتبار ذلك جزء من المعركة المتواصلة بين صاحب الأرض والمحتل.

- وجود البرامج الروحانية والثقافية والترفيهية داخل السجن والتي تعزز الصمود وكسر الروتين.

- وجود البرامج الخاصة لكل أسير من عبادة وثقافة ومطالعة ورياضة كذلك تجعل للأسر معنى وإنجازاً على المستوى البعيد.

وعن كيفية زرع الصبر لدى الأسرى الجدد أشار أبو طه إلى البرامج الروحانية والثقافية التي يتم وضعها من قبل التنظيم وتعزز لدى الأسرى الجدد الحياة الاجتماعية واستمرار روح الجهاد والمقاومة لهم داخل السجون.

ولفت إلى أهمية حلقات الذكر وقراءة القرآن على تثبيت الأسرى قائلا : شعور الأسير بتحدي السجان ووجوده بعيداً عن أهله يحتاج إلى رفع للمستوى الروحاني وبالتالي جلسات الذكر والقرآن تلعب دورا هاما في اللحمة والترابط والتآلف.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفي فلسطيني مقيم في قطاع غزة، حاصل على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية بغزة عام 2000، عمل في العديد من الصحف والإذاعات والمواقع الإلكترونية العربية والدولية أبرزها: العودة اللندنية، العرب اللندنية، القدس الفلسطينية، موقع إخوان أون لاين. وله العديد من المقالات في مجالات متنوعة، يعمل حاليا مديرًا لموقع الرسالة نت الفلسطيني بغزة وكاتب في موقع " بصائر " الالكتروني.

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …