الخرافة الأخيرة للكيان الصهيوني ودور المقاطعة الأكاديمية في إسقاطها؟

الرئيسية » بصائر من واقعنا » الخرافة الأخيرة للكيان الصهيوني ودور المقاطعة الأكاديمية في إسقاطها؟
boycott-israel17

كانت وما تزال عقدة الكيان الصهيوني متمثلة في الاعتراف الدولي به وبشرعيته، لذلك مطلوب منه على الدوام تقديم أي جديد تجعله يلعب دور الوسيط في العالم الجديد.

قام الكيان الصهيوني على خرافة تحويل أرض الصحراء لجنة خضراء وأقصد هنا فلسطين، حيث أطلق عليها أرض العسل والحليب، وبدأ يزرع البرتقال والحمضيات فيها ويصدرها لأمريكا بسعر أقل بكثير من سعر تكلفتها لإقناع الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها الغرب بدوره الرائد في تحويل فلسطين لجنة خضراء يستفيد منها الفلسطينيون والمحتلون في آن واحد.

خرافة انتهت وبان كذبه فيها فقد كان يصدر البرتقال بسعر أقل من تكلفة زراعته، ويسرق مياه الفلسطينيين المورد الاقتصادي ذو الندرة العالية هنا، لكنه نجح في إقناع الأمريكان بذلك.

وقامت الخرافة الثانية على أنه يملك الجيش الذي لا يقهر، الذي هزم سبعة جيوش عربية، وفي حقيقة الأمر كانت خرافة ساعد الإعلام العربي والغربي في ترويجها عن قوة هذا الجيش، إلا أن حقيقة الأمر أن جيش الاحتلال الصهيوني كان يملك 60 ألف مقاتل مدرب جيداً خاض كثير منهم الحرب العالمية الثانية، في حين كانت الجيوش العربية مهلهلة ومتفرقة ولا يتجاوز عددها 40 ألف مقاتل، وبعد هزيمتهم النكراء نجحت الأسطورة في إثبات نفسها.

من إحدى خرافات الاحتلال أنه يملك الجيش الذي لا يقهر، الذي هزم سبعة جيوش عربية، وفي حقيقة الأمر كانت خرافة ساعد الإعلام العربي والغربي في ترويجها

لكن على عتبات العالم الجديد تكسرت الأسطورة الثانية في لبنان عام 2006م، وفي غزة عام 2008م، و2012م، و2014م، حين فشل جيش الاحتلال الصهيوني في مواجهة مقاتلين متفرقين وأشداء، وفشل في احتلال أي من المناطق السابقة، وتلقى خسارة كبيرة في العدة والعتاد، وضرب في عقيدته العسكرية.

أما الخرافة الثالثة تطلبت أن يبحث الكيان الصهيوني بسرعة عن مكان جديد له في العالم، فسعي بقوة للتقدم العلمي، وتقديم صناعات اقتصادية وتكنولوجية عالية التقنية، نجح فيها من إقناع المستوى الرسمي العربي أن لا دخول لأمريكا إلا عبر بوابته.

الخرافة الثالثة أحيطت بعقدة الاعتراف من عدمه، وشرعية الاحتلال حيث واجهتها المقاطعة الدولية للاحتلال الصهيوني وأبرزها المقاطعة الأكاديمية حيث كان الاحتلال عام 2012م، من أكثر دول العالم تقدماً في اقتصاد المعرفة والأبحاث العلمية، وحافظ على نفس العدد من الأبحاث في عام 2016م، تقريباً إلا أنه فشل في جودة الأبحاث ونتائجها العلمية، هذا الفشل مرده لقوة المقاطعة الأكاديمية له، فقد بدأ يعاني من مشكلة العزلة في الجامعات الأمريكية، وعدم تقبل أي من الأساتذة المشتركين في الحملة، لمشاركة الطلبة القادمين من الكيان الصهيوني أو الإشراف على أبحاثهم، حيث وقع 168 أكاديمياً وباحثاً مطلع عام 2016م، على دعوى مقدمة من جامعات إيطالية شارك فيها أكاديميون وباحثون من جامعات ومعاهد أكاديمية من ميلانو وتورينو وكلياري وفيرنسا وروما وفروجيه.

كان الاحتلال عام 2012 من أكثر دول العالم تقدماً في اقتصاد المعرفة والأبحاث العلمية، وفي عام 2016 فشل في جودة الأبحاث ونتائجها العلمية بسبب قوة المقاطعة الأكاديمية له

وجاء في نص الدعوة "نحن الأكاديميون والباحثون في الجامعات الإيطالية نبدي قلقنا العميق من استمرار التعاون البحثي مع الجامعات –"الإسرائيلية"- المنخرطة في أنشطة بحثية عسكرية، وتطوير للسلاح الذي يستخدمه -الجيش "الإسرائيلي"- ضد السكان الفلسطينيين، وتوفر المساعدة العسكرية للاحتلال الاستعماري" ضد الفلسطينيين".

استشعار العزلة الأكاديمية على مستوى العالم بات يقض مضاجع الصهاينة، واستمرار حملات المقاطعة الأكاديمية تظهر الصورة الحقيقية للاحتلال التي يمارس الفصل العنصري والإقصاء، وليس ببعيد مقاطعة عالم الفيزياء الأشهر "ستيفن هوكينغ" لمؤتمر يناقش القضايا الدولية الراهنة والذي عقد في الكيان الصهيوني قبل ثلاثة أعوام وانسحابه منه، ودعوته لمقاطعة الكيان الصهيوني شكل ضربة قاضية لهذا الكيان، حيث دعا ستيفن جميع زملائه من العلماء عدم الإشراف على الأبحاث التي يقدمها طلبة صهاينة، وعدم التطبيع مع الجامعات الصهيونية، مما نتج عنه تراجعاً خطيراً في جودة هذه الأبحاث على المستوى العالمي.

على الفلسطينيين والمناصرين للقضية الفلسطينية في العالم مساندة حملات المقاطعة الأكاديمية للاحتلال الصهيوني وإبراز أهمية حملات المقاطعة بالأرقام والدلائل

خلاصة الأمر على الفلسطينيين والمناصرين للقضية الفلسطينية في كل أنحاء العالم مساندة حملات المقاطعة الأكاديمية للاحتلال الصهيوني والذي يستولى على الحقوق الفلسطينية ويزيد من معاناتهم يوماً بعد يوم، وعلى الإعلام المناصر إبراز أهمية حملات المقاطعة بالأرقام والدلائل، وتقديم البراهين على أن جيش الاحتلال يستخدم الأسلحة المحرمة دولياً والتكنولوجيا الحديثة في قتل الفلسطينيين وتبريرات ذلك، وينتهك أراضيهم بالاستيطان اليومي والقتل، وبذلك تكسر الخرافة الثالثة التي يبني عليها الكيان الصهيوني أحلامه، ويعود لعقدة الشرعية والبقاء من جديد.

نحن أمام فضاء رحب يستطيع الجميع المشاركة فيه وأقصد هنا العرب والغرب، لضحد خرافة نسجها الاحتلال الصهيوني أنه الشريك والحليف الأقوى لأمريكا، ولا يمكن للعالم الاستغناء عنه، ولا العرب، مع أن أمريكا تستغني عنه وفق مصالحها، وتستفيد من بقائه في الشرق الأوسط لتسيير مصالحها.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب صحافي من غزة حاصل على درجة الماجستير في الاقتصاد السياسي، متخصص في الشأن السياسي والقضايا العامة، وعمل مع العديد من الصحف والمواقع العربية والأجنبية، شارك في كتاب عن "الأسرى الفلسطينيين" نشر بعدة لغات. أعد مجموعة كبيرة من المقابلات الصحفية والتوثيقية مع مجموعة من صناع القرار والقادة الفلسطينيين، وأنجز مجموعة من التحقيقات الصحفية الاستقصائية.

شاهد أيضاً

أسوأ رمضان يمر على الأمة أم أسوأ أمة تمر على رمضان؟!

كلمة قالها أحد مسؤولي العمل الحكومي في قطاع غزة، في تقريره اليومي عن المأساة الإنسانية …