بعد حياة حافلة بخدمة القرآن الكريم وعلومه، توفي الشيخ محمد رشاد الشريف مقرئ المسجد الأقصى المبارك والمسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، ظهر يوم الأحد 26 سبتمبر (أيلول)، في العاصمة الأردنية عمّان، عن عمر يناهز 90 عاماً.
بدأ الشريف بتعلّم الترتيل صغيراً، فقرأ القرآن الكريم على الشيخ حسين علي أبو سنينة وأجازه بروايتي حفص عن عاصم وورش، حتى أتقن القراءة القرآنية في سن الثامنة عشرة متأثراً بقراءة المقرئ محمد رفعت.
عيّن قارئاً للمسجد الأقصى في عام 1966، وكان يقرأ فيه جمعة بعد جمعة، لأنه كان أيضاً يقرأ في الحرم الإبراهيمي في الخليل.
وقام بتسجيل مصحف بيت المقدس المرتل كاملاً، بعد تكليفه بذلك من المؤتمر الإسلامي المنعقد بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية عام 1980، ليوزّع على العالم الإسلامي، وانتهى من تسجيله بعد أربع سنوات.
وللشيخ محمَّد رشاد الشريف – رحمه الله - معرفة كبيرة في فن الخط، فهو يتقن خط الرقعة والثلث والفارسي، وقام بتأليف كتاب اللغة العربية للصف الأول بتكليف من وزارة التربية والتعليم في الأردن، واستخدم في كتابه خط الرقعة في تعليم الأطفال مستنداً على الطرق الصحيحة في عملية التعليم للأطفال الصغار مبتدئا من الحرف ثمَّ المقطع ثمَّ الكلمة ومن ثمَّ الجملة.
والشيخ الشريف مثقف وبارع في نظم الشعر، وله ديوان شعري لم يطبع بعد؛ نظراً لتركيزه على علوم القرآن المتعددة، وللشيخ قصيدة المعلم المشهورة التي فضلها النقاد على القصائد التي نظمت في هذا الباب والتي يقول في مطلعها:
يا شمعة في زوايا الصف تأتلق تنير درب المعالي وهي تحترق
وللشيخ - رحمه الله - من الأبناء خمسة: محمد رفعت، و يوسف، والشيخ معروف إمام مسجد الملك عبد الله الأول في عمان ومؤذن الأذان الموحد والحاصل على شهادة الماجستير في علوم القرآن، وسيّد قطب، وإمام، والذي استشهد في العام 2001 وهو في الخامسة والعشرين من عمره، برصاص قنّاص صهيوني، بعد خروجه من صلاة الجمعة في مدينة خليل الرحمن.
وقد نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ المقرئ ووصفته في بيانها بـ "صاحب الترتيل المتقن والصوت الشجيّ"، وقالت إنَّ الشيخ - رحمه الله - "قضى حياته في خدمة القرآن الكريم وعلومه، وتدريس اللغة العربية، وكان أحد أبرز القرّاء الذين كان لهم الأثر الكبير في نشر أحكام تلاوة وتجويد وحفظ كتاب الله، حيث تخرّج على يديه آلاف الطلبة من فلسطين والعالم الإسلامي".
وأضافت في بيان النعي: "لقد كانت حياة الشيخ الشريف حافلة بالمواقف المشرّفة المنتصرة لفلسطين والمدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني والمتضامنة مع مقاومته وصموده، وكان شاعرا أديباً".